الرئيس الأميركي يؤكد حق «الدولة»... وعباس يشترط وقف الاستيطان لاستئناف المفاوضات

Ad

لم يطفئ تجديد الرئيس الأميركي باراك أوباما سعي إدارته إلى تحقيق حل الدولتين، وكذلك إقراره بأن الاستيطان يشكل عائقاً أمام السلام، غضب الفلسطينيين الذين استقبلوه في رام الله أمس بفتور وحرق الأعلام الأميركية، في وقت خرقت صواريخ أطلقت من غزة على مدينة سديروت هدنة مثبتة منذ عام تقريباً بين الفصائل وإسرائيل.

لم يلق الرئيس الأميركي باراك أوباما في الضفة الغربية المحتلة الحفاوة والاستقبال الملكي اللذين حظي بهما في إسرائيل أمس الأول، فبينما تظاهر أمس فلسطينيون قرب مقر الرئاسة في رام الله، حيث استقبله الرئيس محمود عباس، احتجاجاً على تهميش حلم دولتهم، سقط بالتزامن مع الزيارة صاروخان على جنوب إسرائيل أطلقا من غزة، التي اعتبرت حكومتها أن إدارة أوباما تكرس الاحتلال وتشرع الاستيطان.

وكان في استقبال أوباما، الذي علت وجهه ابتسامة وهو يسير إلى جوار عباس على البساط الأحمر، مسؤولون فلسطينيون بدا عليهم الوجوم في تناقض تام مع الابتسامات العريضة والاستقبال الودود الذي قوبل بها في مطار تل أبيب أمس الأول.

وقال أوباما، في مؤتمر صحافي مع عباس عقب محادثاتهما، إن إدارته «تسعى إلى تحقيق حل يقوم على دولتين: فلسطينية مستقلة متواصلة جغرافيا قابلة للعيش، ودولة يهودية في إسرائيل»، مضيفاً أن «الشعب الفلسطيني يستحق نهاية للاحتلال ومستقبلاً أفضل».

وأقر أوباما أن الاستيطان يشكل عائقاً أمام السلام، قائلاً: «كنت واضحاً مع نتنياهو والقيادة الإسرائيلية بأننا لا نعتبر استمرار الاستيطان عاملاً بنّاء أو مناسبا أو شيئا ممكن أن يدفع السلام للأمام»، غير أنه شدد على أن «مسألة الاستيطان لا يمكن تسويتها بين عشية وضحاها، وكذلك فإن إطلاق الصواريخ على إسرائيل لا يحقق السلام».

وأضاف أوباما: «في محادثاتنا تحدث عباس عن الصعوبات المتعلقة بالاستيطان والأسرى والوصول للأماكن المقدسة، أتفهم أن هذا هو وضع راهن، وأن ذلك يصعب الوصول لحل الدولتين، وأن الفلسطينيين يشعرون بإحباط، رسالتنا أننا لا يمكن أن نستسلم لمساعينا في الوصول إلى السلام». وأكد استمرار إدارته في تذليل العقبات من أجل دفع الطرفين (فلسطين وإسرائيل) لاستئناف المفاوضات، وقال «إذا توصلنا إلى اتفاق فسيكون هناك أمر واضح لبنوده، وسيكون هناك دولة فلسطينية ذات سيادة ودولة إسرائيل دولة ذات سيادة تستطيعان التعامل مع بعضهما، وأود من الطرفين أن يدركا أن الوضع صعب، وإدارتي ملتزمة ببذل كل الجهد، ووزير الخارجية جون كيري سيعمل على تجسير الهوة بين الجانبين»، مطالباً بـ«التفكير في طرق جديدة من أجل تحقيق حل الدولتين».

بدوره، جدد عباس التزام السلطة الفلسطينية بحل الدولتين وتنفيذ العهود الدولية لإحلال السلام في المنطقة، مبيناً أن «السلام لن يصنع بالعنف ولا الاحتلال ولا الجدران ولا الحصار ولا الاعتقال وإنكار حقوق اللاجئين».

وأشاد عباس بجولة المباحثات مع أوباما، معتبراً إياها «فرصة لاطلاع الإدارة الأميركية على ما يمثله الاستيطان من مخاطر كارثية على حل الدولتين، والإفراج عن الأسرى»، فيما كشف المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني نمر حماد عن «رفض عباس لاستئناف المفاوضات من دون تجميد الاستيطان».

في المقابل، منعت أعداد كثيفة من الشرطة الفلسطينية أمس عشرات الفلسطينيين، الذين حرقوا الأعلام الأميركية والإسرائيلية، من الوصول إلى مقر الرئاسة الفلسطينية أثناء لقاء أوباما وعباس.

وانطلق المشاركون في التظاهرة من وسط مدينة رام الله باتجاه مقر الرئاسة بعد دقائق من وصول الرئيس الأميركي، الذي تعالت الهتافات ضده: «يا أوباما المطلوب أنت شخص غير مرغوب».

ولم يزر الرئيس الأميركي ضريح الرئيس عرفات، مثلما اعتاد الكثير من الزعماء الذين زاروا مقر الرئاسة، رغم أن الضريح لا يبعد سوى أمتار قليلة عن مهبط الطائرة التي وصل فيها أوباما.

إطلاق صاروخين

في هذه الأثناء، انفجر صاروخان أطلقا من غزة على بلدة سديروت بجنوب إسرائيل، وهي البلدة التي زارها أوباما عندما كان مرشحا رئاسيا عام 2008.

وقالت الشرطة الإسرائيلية إن «أحد الصاروخين انفجر في باحة منزل في مدينة سديروت، مما سبب أضراراً بينما سقط الصاروخ الثاني في حقل»، مؤكدة عدم وقوع إصابات في الهجوم، الذي أدانه عباس، بقوله «نحن ندين العنف ضد المدنيين أياً كان مصدره بما في ذلك إطلاق الصواريخ»، مضيفاً: «نحن مع تثبيت التهدئة المتبادلة والشاملة في قطاع غزة».

في السياق، قال رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة، إسماعيل هنية أمس، إنه لا يتوقع من زيارة أوباما أي اختراق يغير المعادلة السياسية على الأرض، معتبراً أن «السياسة الأميركية لن تكون مساعداً لإنهاء الاحتلال، إنما تكريس الاحتلال وتشريع الاستيطان والاستسلام تحت شعار السلام».

وطالب السلطة الفلسطينية بأن «تدرك أن مستقبلها مرهون بمدى التزامها بالثوابت الوطنية وإنجاز المصالحة الراسخة».

(رام الله، غزة، تل أبيب -

أ ف ب، رويترز، يو بي آي)