الإفلاس على القطار السريع!
الرهان دائماً على استمرار تدفق النفط وهذا أمر قد يدوم فترة طويلة ولكن الأسعار وتبعاً لها حجم الإيرادات هي تحت رحمة تقلبات الاقتصاد العالمي والتطورات السياسية، وإبرة البنج الكبيرة هذه خدرتنا منذ فترة طويلة عن التفكير الجاد في فنون الإدارة المالية وتبنّي الميزانيات التشغيلية وتنويع مصادر الدخل.
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
ومثل هذه المؤسسات المالية الدولية لا تأتي عادة لتقييم الوضع الاقتصادي من أجل سواد عيوننا أو رحمة بحالنا، إنما بموجب تعهدات واتفاقيات ثنائية معها ومقابل رسوم واشتراكات مالية كبيرة جداً ندفعها سنوياً لهذا الغرض. ومع ذلك فإن صندوق النقد لم يكشف عن سر من أسرار الدولة، لكنه بلا شك أكّد قناعات ومعلومات وطنية خالصة، الأمر الذي يدعو إلى قرع جرس الإنذار بأقصى درجات الاستعجال، فالميزانية الكويتية في غاية البساطة، بحيث يفهم معادلتها الرياضية طالب الابتدائي، فهي بيع النفط من جانب وصرف إيراداته من جانب آخر، تماماً مثل حال المواطن العادي الذي يتقاضى راتبه الشهري ثم يصرفه على احتياجاته وأسرته، وقد يكون في وضع محرج في نهاية الشهر، ناهيك عن حالته عند التقاعد أو وصول أبنائه إلى كراسي الجامعة واستعدادهم للزواج!وفي الحالة الكويتية، فإن الرهان دائماً على استمرار تدفق النفط وهذا أمر قد يدوم فترة طويلة، لكن الأسعار وتبعاً لها حجم الإيرادات هي تحت رحمة تقلبات الاقتصاد العالمي والتطورات السياسية، وإبرة البنج الكبيرة هذه خدرتنا منذ فترة طويلة عن التفكير الجاد في فنون الإدارة المالية، وتبنّي الميزانيات التشغيلية وتنويع مصادر الدخل لتكون بمنزلة تغطية لما تلومنا به الحكومة أو حتى المؤسسات العالمية من الهدر المالي على الإنفاق العام وزيادة الرواتب والخدمات المجانية.أما الأخطر من ذلك كله، فهو غول الفساد المالي الذي صار يسرح ويمرح في الإيرادات وأوجه الصرف والهبات السياسية دونما دراسة لجدواها على مصلحتنا الوطنية بلا حسيب أو رقيب، وهذا ما لا ننتظر من صندوق النقد التطرق إليه، ولا من أعضاء مجلسنا الموقر إلا ما ندر من نوابه، ليبقى شعار "الله لا يغير علينا" هي استراتيجيتنا السياسية والاقتصادية إلى الأبد، ونحن على متن القطار السريع!