فجر يوم جديد: مشاعر .. وحناجر
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
في سياق ليس بعيد، قالت إدارة «مهرجان دبي السينمائي الدولي» إنها تلقت، بعد عرض فيلم «أرض الحكاية» لمرتين خلال أيام المهرجان، سيلاً من المكالمات الهاتفية التي يستعلم أصحابها، من الجمهور العربي الذي تفاعل مع الفيلم، عن رقم هاتف المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، وبعدها تباحثوا معه سبل تقديم الدعم والمساهمات المالية السخية لمناصرة أهل القدس لأجل ترميم وصيانة المنازل الفلسطينية الواقعة في محيط المسجد الأقصى، وهي القضية التي تناولها مشهراوي في فيلمه حين أشار إلى الصعوبات التي يواجهها «المقدسيون» في ما يتعلق بالحفاظ على هوية المدينة المقدسة العربية، وأهمية استمرار مرابطتهم في منازلهم التي تحتاج إلى ترميم وصيانة، كما يحتاج بعضها إلى إعادة بناء أجزاء كثيرة، قبل أن تُصبح، بسبب ضيق ذات اليد لأصحابها، نهباً لمخططات التهويد! يتأكد لنا في الحالين، على عكس المزاعم التي يروج لها البعض حول تضاؤل دور السينما وانعدام فاعليتها وعدم جدواها في إحداث التغيير، حجم التأثير الكبير الذي تُحدثه السينما بين جموع الناس، واتساع مساحة التفاعل الجماهيري الذي تحققه من فيلم إلى آخر، والرسالة التي تنجح في توصيلها تبعاً لتوظيف القيمين على صناعة السينما لوسائل الإبهار، واستفادتهم من أحدث التقنيات.من الذي يحاول إذاً التقليل من جدوى فن السينما وأهميته، ويسعى إلى تحقير مكانته بين الناس، ويحط من شأن تأثيره في الشعوب والأمم؟أصحاب المصلحة في غياب دور السينما وتغييبه والتهوين من أهميته، هم أكثر الناس دراية بدور هذا الفن وإيماناً بخطورة رسالته وإلماماً بحجم تأثيره، ولهذه الأسباب كافة يشنون الحرب ضد السينما، ويؤججون مناخ التحريض على كراهيتها وازدراء المشتغلين فيها؛ فالسينما بالنسبة إليهم ضوء كاشف يفضح الطفيليين، ويُلاحق أباطرة الفساد، ويُعري الخونة والعملاء الذين يبيعون الوطن، ومن ثم يوسع رقعة وعي الجمهور بقضايا الأمة، وهو الدور الذي تأباه طغمة فاسدة تخشى حدوث هذا التفاعل المباشر، وتسعى إلى إجهاض ذلك التواصل الحميمي، كونها أول من يدرك أن السينما مقدمة للتنوير الذي يقود إلى التغيير، وأن تأثيرها يتجاوز اللحظة ليبقى مع الزمن. حديثنا عن السينما هنا حديث عن يوسف شاهين وصلاح أبو سيف وعاطف الطيب وعلي بدرخان وداود عبد السيد ومحمد خان وخيري بشارة وشريف عرفة... والأجيال التي أدركت أن السينما فعل «ثوري»، وأنها قادرة بتراكم التجارب على إحداث الفارق ثم التغيير، الذي يبدأ بالنفوس والمشاعر وينتهي بالعقول قبل الحناجر، ووقتها سيُصبح من الممكن والمتوقع أن ينتهي عرض فيلم ما بتظاهرة يخرج فيها الجمهور إلى الشوارع مُندداً بنظام سياسي شمولي أو وضع اقتصادي يقترب من حافة الإفلاس؛ فالثورات تبدأ من الأفلام!