ماء الكلام
1-هكذا... تنامين هذه الليلة، نهرا من البلّور يصفعه الحنين إلى المصبهكذا، كعرافة ترشد باللمس ساقية من الضوء اليأس وقد ازرقّ على كتفيهو ليلك الآخر. أمن أجل هذا ودائما يستيقظ الحرية في رأسي فينسكبمن فمك ماء الكلام، أنت تلميذة الألم الوفية، مرآة الفراغ المكسورة،لسان الهواء الجارح، هل كان الوقت باكراكي تسير الصحراء إلى حتفهابين يديك.2-الغرفة باردة، النافذة بئر العالم الأولى، هل كان ظل الشمعة طويلا فوقالسرير، كي يسافر مغمض العينين، هل كانت نظرتك الأخيرة ملتقى الأفلاكالنظرة التي من فجرها العميق ترتفع أبخرة الأسطورة ضائعة في الودياننظرة الأسماك وهي توحي بالفشل في آخر السهرة. ليلة بعد ليلة، عندما الماضي يشق صدره بيديه، يوقظ غيابك غبار اللذة. 3-في الصباح كطائر الألم يتبع كالأسير نحو فخاخ حيرتك الطويلة، الصباح أيضا زند الحياة المكسور، وخسارة بيضاء، سارق فقاعة الليل المليئة بالذهب.4- الظل وهو يمشي فوق جبهتك كالأعمى، الضباب الذي صنعته أنفاسكيهبط على الأرض كستارة طويلة، بلا أجنحة، الحائط هو حائط الذكرىهو فراغ يديك الذي تعبره الخيول والثلج يسقط بغزارة فوق سرة الصباح . 5-وهكذا قبل أن تكوني، كنت أنا كالنائم أهرب إليك، أسرار العالم فوق ظهريعبر صحراء طويلة ومجهولة، عبر الغابات والجبال، طريقي يغمره نور خفيف يسيل ليلا، من فؤوس البرابرة، وعندما عبر الريح من بعيد، أشم رائحة الأعداءكالساحر ألوي ظل الأفق على وسطي، وها أنا اليوم، أحمل إليك خوف المعرفةوحيدا وحزينا كنافذة هجرها الحائط إلى الأبد. رمال الولادة في الماضي، عندما كانت تلمع الرمال الأولى للولادة، عندما كانت تزورني الكلمةكنهر قديم يفيض من فراغ العالم، في الماضي، كنت أتقدم كضوء الشمعة الذيناضل طويلا كي يصل إلى كل الجهات، ولكن ها أنا اليوم، أصادف نفسي أمام النافذة نفسها دائما، كحقيبة تضج فيها عاصفة كبيرة، كفجر تجوف جبهته نظرة أخيرة، لرجل وحيد يموت على الشرفة، نظرة غامضة لكن في قلبها ينام بركان صامت. لقد ذهب الجميع هذه الليلة فبقيت وحدي أرتب الريح في الخزانة العاليةكراع يجر صاعقة بين الجبال، المقاعد المبعثرة في رأسي، يحتلها أصدقاء وهميونوكلما فتحت عيني على ضوء باهت، من بعيد أرى القطار الذي سيعبر صدري دون توقف أبدا، أرى النسور وهي تستعد للقفز، بقوة إضافية، ومن أحداقها الشبيهة بالمنفى، يرتفع دخان الطفولة. كيد الغريق...تدخلين اليوم، كصرخة الضحية المقذوفة من بعيد، تحمل في قلبها سرها الضائعظلك الذي تحرسه أجراس الرغبة، يجرح بحافره جبهة الأرض، كيد الغريقالمشدود إلى مصيرها، يرسو صمتك على رصيف القدر، والريح لا تكف عن الانحناء، أمام المعجزة. تأتي هذه اللحظة كما لو أنها، اعيدت إلى قلبها المشقوقمنذ الولادة، وها هي الأيام تفتح أخيراً أبوابها المرصعة بالنجوم للكارثة التي تعبتمن الانتظار.