سيطر الغموض على العملية السياسية المصرية أمس، فبينما بدأ مجلس الشورى (الغرفة الثانية من البرلمان المصري) ممارسة اختصاصات تشريعية، تأجل إعلان التعديل الوزاري بسبب خلاف بين مؤسسة الرئاسة والحكومة، ورفض بعض الشخصيات العامة تولي حقائب وزارية، في وزارة يتوقع تغييرها بالكامل خلال أقل من ثلاثة أشهر، في حين التقى رئيس الحكومة هشام قنديل عدداً من المرشحين الجدد، في مقدمتهم عمر سالم المرشح لحقيبة الشؤون القانونية، بينما ساد الغموض مصير الأسماء المتوقع إعلانها خلال الساعات المقبلة.

Ad

وبدأ مجلس الشورى أمس في استخدام صلاحياته التشريعية بموجب الدستور الجديد، حيث وافقت لجنة الشؤون التشريعية والدستورية على استحداث لجنة جديدة باسم "لجنة الاقتراحات والشكاوى"، التي بدأت مناقشة تعديلات مشروع قانون مجلس النواب المقدم من وكيل اللجنة طاهر عبدالمحسن، وتنص التعديلات في مادتها الأولى على أن يتألف مجلس النواب من 498 عضواً يتم اختيارهم بالانتخاب السري المباشر، ويكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، على أن تكون مدة مجلس النواب 5 سنوات وفقاً لنص المادة الثانية المقترحة.

وتطالب التعديلات المقترحة بإجراء الانتخابات التشريعية المقبلة بواقع ثلثي المقاعد لنظام القائمة المغلقة والثلث للنظام الفردي، ويحق للأحزاب والمستقلين الترشح في كل منهما.

وقال نائب رئيس حزب "الحرية والعدالة" ورئيس الكتلة البرلمانية للإخوان بمجلس الشورى عصام العريان، إنه التقى قنديل للتشاور في ما يتعلق بالأجندة التشريعية للبرلمان ودراسة قانون الانتخابات الذي يتم إعداده بالتنسيق مع "الحرية والعدالة".

في المقابل، أعلنت "جبهة الإنقاذ الوطني" آليات تعاملها مع الانتخابات المقبلة عبر إنشائها لجنة تُعنى بوضع آليات اختيار الشخصيات والقوائم التي ستخوض بها المعركة. وقال عضو الجبهة ورئيس الحزب "المصري الديمقراطي" محمد أبوالغار، إن الجبهة "قررت المشاركة بقوائم موحدة في الانتخابات البرلمانية، وتم تحديد ثلاثة معايير من ضمنها عدد المقرات المملوكة لكل حزب وعدد أعضائه وما حققته هذه الأحزاب في الانتخابات السابقة".

العنف

في غضون ذلك، اتخذ التنافس بين "الإخوان المسلمين" والقوى المدنية منحى خطيراً، بعد تعرض عضو "الحرية والعدالة" والناشط السابق في حركة "6 أبريل" لمحاولة اعتداء أمس الأول أثناء زيارته للناشط مهند سمير الذي يرقد في المشفى لتلقي العلاج، وألقى شباب "الإخوان" على القوى المدنية تهمة الاعتداء على "عز".

وكان مناخ العنف تأكد بعد كلمة للمرشد العام للجماعة محمد بديع أمس الأول، والتي حث فيها أنصاره على الجهاد حتى لو وصل الأمر إلى الاستشهاد والتضحية بأرواحهم دفاعاً عن الشريعة أولاً، ثم الدفاع عن مقار "الإخوان" وحزبها السياسي لو تعرضت للهجوم أثناء تظاهرات حاشدة، دعت إليها قوى سياسية مدنية، في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، للمطالبة بإسقاط الدستور الجديد.

تصريحات المرشد لم تمر مرور الكرام، فرد عليها المتحدث الرسمي باسم "6 أبريل" الداعية إلى المشاركة في التظاهرات، محمد عادل، قائلاً: "المرشد يزيد من الفجوة بين القوى السياسية و"الإخوان"، مضيفا: "6 أبريل ستلتزم بسلمية التظاهر أثناء المشاركة في احتفالات ذكرى ثورة 25 يناير".

من جانبه، اعتبر الأمين العام لحزب "التجمع" حسين عبدالرازق تصريحات المرشد تعكس نية مبيتة من جماعات الإسلام السياسي لدفع القوى الثورية إلى "هاوية العنف" خلال التظاهرات، مؤكداً أنهم لن يسمحوا بذلك.

الصكوك الإسلامية

إلى ذلك، يبدو أن مشروع الصكوك الإسلامية الذي تبناه مجلس الوزراء في طريقه للإلغاء، بعد إعلان مجمع البحوث الإسلامية برئاسة شيخ الأزهر أحمد الطيب في جلسته الطارئة مساء أمس الأول رفضه المشروع.

وقال عضو المجمع محمد عمارة لـ"الجريدة" إن القرار اتخذ بالإجماع بعد مناقشات مطولة، وكشفت مصادر بمشيخة الأزهر لـ"الجريدة" عن أن الإمام الأكبر مصمم على رفض هذا المشروع لما فيه من مخاطر على مفهوم "السيادة"، وإذا تجاهلت الحكومة رغبته فسيلجأ إلى هيئة كبار العلماء التي يتولى رئاستها من أجل إعاقة تمرير المشروع بموجب الدستور الجديد، الذي ينص على أخذ رأي الهيئة في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية، وهو ما تم بالفعل أمس.