قانون الوحدة الوطنية يواجه مشكلة الصياغة ويقرر الحبس 7 سنوات للصحافيين والإعلاميين والمغردين!

نشر في 20-01-2013 | 00:01
آخر تحديث 20-01-2013 | 00:01
مجلس الأمة وافق عليه والنائب العام أصدر تعميماً بسريانه
وافق مجلس الأمة قبل نحو أسبوعين على المرسوم بقانون، الخاص بالوحدة الوطنية، والذي يعاقب بالحبس كل من يثير الفتنة الوطنية والكراهية، لأي فئة من فئات المجتمع أو طائفة، بأي وسيلة من وسائل الإعلام المقروءة والمرئية،
أو غيرها ومن بينها ما يعرض على شبكة الإنترنت وبرامجها.
يتضمن القانون الخاص بالوحدة الوطنية، الذي دخل حيز التنفيذ، جملة من المثالب الخاصة بصياغته وتقريره عقوبة الحبس مدة سبع سنوات، وغرامة لا تقل عن 10 آلاف ولا تزيد على 100 الف على الصحافي أو رئيس التحرير أو المذيع أو مدير القناة إذا وقعت الجريمة عن طريق الصحيفة أو القناة الفضائية، وهي العقوبات التي ألغاها قانون المطبوعات على الصحافيين والإعلاميين، واكتفى بالغرامات المرتفعة.

تشريعات خاصة

من جانبه، قال أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي إن على المشرع الكويتي إعادة النظر في قانون الوحدة الوطنية مجددا، لمواجهته عددا من القضايا تتضمن تشريعات خاصة كقانون المطبوعات والنشر الذي ينظم الجرائم التي تقع من خلال النشر أو حتى قانون المرئي والمسموع الذي ينظم الجرائم التي تقع من الفضائيات.

وأضاف الفيلي أن المشرع الكويتي لديه مشكلة قديمة في صياغة التشريعات، عندما يقرر النص على قانون خاص بعبارة أخرى، مع عدم الإخلال بتطبيق قانون آخر، وهو أمر يضر بفكرة إيجاد قانون خاص ينظم أمرا خاصا، علاوة على تعريض السلوك الواحد لتطبيق أكثر من نص تشريعي عليه.

وتابع ان «هذا التشابك الحاصل بالتشريعات سيضر بالتأكيد القوانين الخاصة فقط، وسبق أن تكرر مع قانون المطبوعات والنشر وقانون المرئي والمسموع، عندما ربط المشرع تطبيقهما بقوانين أخرى كقانون الجزاء، وهو يأتي اليوم ليربط ذات القوانين الخاصة بقوانين خاصة أخرى وقانون عام كقانون الجزاء، ما يفقد القوانين الخاصة خصوصيتها في التطبيق».

وزاد: «ان القانون الصادر بشان الوحدة الوطنية يعد نافذا الآن بحق وسائل الإعلام، سواء النشر أو المرئي أو المسموع، إلى أن يأتي المشرع ويعيد النظر في هذا القانون».

صياغة غير موفقة

من جهته، ذكر أستاذ القانون الجزائي في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. فيصل الكندري أن المرسوم بقانون، الذي أصدرته الحكومة كمرسوم ضرورة، وأقره مجلس الأمة، يواجه العديد من الملاحظات القانونية، علاوة على أن صياغته لم تكن موفقة.

وأضاف الكندري أن «القانون إيجاز لقانون سابق، وتم اختزاله في خمس مواد بدمج السلوك المجرم في مادة واحدة، علاوة على تكراره القواعد العامة التي ما كان ينبغي وضعها في القانون، كالفقرة الثانية من المادة الأولى التي تنص على سريان القانون على كل شخص يرتكب جريمة في الخارج، وهو تكرار للقاعدة العامة في قانون الجزاء الكويتي لسنة ١٩٦٠ المنصوص عليها في المادة ١١».

وأوضح أنه كان ينبغي النص على سريان القانون على كل شخص يرتكب ايا من الجرائم المنصوص عليها في القانون في الخارج، بغض النظر عن جنسية الفاعل، لافتا إلى أن المادة الأولى من القانون ذكرت ثلاثة أنواع من السلوك المجرم، الاول: القيام أو الدعوة أو الحض بأي وسيلة من وسائل التعبير المنصوص عليها في المادة ٢٩ من القانون رقم ٣١ لسنة ١٩٧٠ على الكراهية أو الازدراء على فئة من فئات المجتمع، أو إثارة الفتن الطائفية أو القبلية أو نشر الأفكار الداعية إلى تفوق أي عرق أو جماعة أو لون أو أصل أو مذهب ديني أو جنس أو نسب.

أما السلوك الثاني فهو التحريض على عمل من أعمال العنف للغرض السابق، والثالث هو زيادة تشريعية ما كان ينبغي النص عليها، فهي تكرار للسلوك الأول، حيث ينص على إذاعة أو نشر أو طبع أو بث أو إعادة بث إنتاج أو تداول أي محتوى أو مطبوع أو مادة مرئية أو مسموعة أو بث أو إعادة بث إشاعات كاذبة تتضمن ما من شأنه أن يؤدي إلى ارتكاب السلوك الأول.

وأشار إلى أن القانون أضاف وسيلة جديدة رغم أن القضاء تجاوزها واعتبرها من وسائل العلانية التي تدخل في الركن في حال الجرائم التعبيرية التي تتطلب قيامها عنصر العلانية، وهي التعبير بالشبكات المعلوماتية والمدونات التي تنشر عليها، وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة.

وتابع ان «القانون الجديد جاء ولأول مرة بالنص على عقاب الشخص المعنوي بشكل عام، دون تحديده أو تعريفه، مشيرا إلى أن القوانين عندما تشير إلى عقاب الشخص المعنوي فلديها نصوص خاصة في قوانين الجزاء تنظم عقابه من حيث تعريفه، واستبعاد الدولة من العقاب كونها أحد الأشخاص المعنوية، والقانون الحالي عاقب الشخص المعنوي دون تعريفه».

واردف الكندري ان «القانون يعاقب جميع أنواع الجرائم التعبيرية التي تمس الوحدة الوطنية دون الأفعال، كالتعيين في الوظائف مثلا فهو غير مجرم»، مضيفا أنه يلاحظ على القانون عدم تحديده على نحو دقيق الكثير من المصطلحات، وتركها للقضاء، ما يفتح بابا واسعا للتجريم، وقد يشوب القانون عدم الدستورية.

وتساءل: ما المقصود بتفوق أي عرق أو جماعة أو لون أو أصل أو مذهب ديني أو جنس أو نسب؟ وهل أصبح اليوم ازدراء أي جنسية أجنبية جريمة وفقا لهذا القانون؟ حيث جاءات عباراته عامة دون تحديد، ومن العبارات غير المحددة والعامة أيضا كراهية أو ازدراء فئة من فئات المجتمع دون تحديد المقصود بها، لذلك فإن على المشرع عندما يضع النص التشريعي أن يضعه بصورة واضحة ودقيقة لا لبس فيها ولا غموض.

أمر واقع

وكشف مصدر لـ»الجريدة» أن النائب العام المستشار ضرار العسعوسي أصدر تعميما منذ نشر مرسوم الضرورة الخاص بقانون الوحدة الوطنية في نوفمبر الماضي، وطالب وكلاء النيابة العامة بالتحقيق في الجرائم التي ينص عليها قانون الوحدة الوطنية، خصوصا أن مجلس الأمة الحالي وافق على المرسوم في جلساته الأخيرة، وبالتالي اصبح نفاذه والعمل به أمرا واقعا.

ولفت المصدر إلى أن القانون يتضمن عقوبات السجن التي تصل إلى السجن سبع سنوات على الصحافيين والمغردين وحتى التقارير والنشرات التي تبث عبر الفضائيات التي تنطلق من الكويت وبغرامات إلى 100 ألف، ولا تقل عن 10 آلاف دينار، وإذا كان الشخص اعتباريا فإن الغرامة لا تزيد على 200 الف، مع إمكانية إلغاء الترخيص.

وذكر أن القانون أسند إلى النيابة التحقيق في الجرائم التي ينص عليها القانون، والادعاء عنها كونها من جرائم الجنايات، مضيفا أن النيابة ستحقق في الجرائم والبلاغات التي تقدم إليها أو تحال لها.

شبهات دستورية

بدوره، أكد نائب رئيس نقابة المحامين الكويتية المحامي وسمي خالد الوسمي أن المرسوم بقانون الخاص بالوحدة الوطنية يتضمن شبهات دستورية لما تتضمنه صياغته بالعموم وعدم الوضوح، وهو أحد الأسباب التي تبنتها المحكمة الدستورية في قضائها بالحكم بعدم دستورية عدد من مواد قانون التجمعات لأن نصوصه لا تعتمد على الوضوح اللازم للنص التجريمي.

وشدد الوسمي على ان هذا القانون أهدر الضمانات التي وفرها قانون المطبوعات والنشر، بإلغاء عقوبة الحبس على الصحافي ورئيس التحرير، بينما هذا القانون يعتمد عقوبة السجن مدة 7 سنوات، ولم يستثن الصحافيين أو الإعلاميين منه، وبالتالي فإن هذا القانون يعد تراجعا على صعيد الحريات الإعلامية.

وأفاد بأن «القانون سمح بملاحقة مستخدمي الخدمات الإلكترونية وبعض برامج التواصل الاجتماعي كتويتر وغيرها، بشكل لا يتناسب مع طبيعة التواصل في تلك البرامج التي تتطلب تنظيما قانونيا خاصا، إلى جانب الجرائم التي تقع على شبكة الإنترنت بدلا من ربطها بقوانين أخرى وبشكل عرضي».

وزاد: «ان على المشرع إعادة النظر في هذا القانون، وتصويب الأخطاء الجسيمة التي وردت فيه، سواء من حيث الصياغة، أو حتى التجريم المضر بالحريات الإعلامية، ويتعين الحفاظ على الضمانات التي كرسها قانون المطبوعات والنشر للصحافيين، وقانون المرئي والمسموع، بينما يأتي قانون الوحدة الوطنية وينص على عقوبة الحبس، بما يعمل على إفراغ تلك القوانين من محتواها وقيمة الضمانات التي توفرها».

back to top