أصبح للشيخ سيد مكاوي دور كبير في إظهار هذا التراث وإعادة تقديمه، غير أنه لم يرد أن يكتفي بأغاني التراث والأغاني الدينية، فأراد أن يقدم موالاً عاطفياً يختبر به إحساس المسؤولين في الإذاعة تجاه تقديمه الأغاني العاطفية، بعد هذا الكم الكبير من الألحان والأغاني الدينية، فقدم موال {الله يا ليل} من التراث:

Ad

يا ليل... يا عين... يا ليل

الله يا ليل تيجينا

وأسدل ستايرك علينا

مين اللي يكتم هوانا غيرك

يا ليل يا ليل آه ياليل ويدارينا

حبيت يا ليل واللي أحبه سايق دلاله عليا

وغلبت أحنن في قلبه وقلبه بيزيد قسيه

حبيته من كل قلبي وكتم عنه اللي بيا

وأخاف أبوح له بحبي يا ليل لا يصعب عليا

أبات أنوح والهوى جبار يذل القلوب

والصبر أحسن دواء للي جفاه الحبيب

يحلى العتاب والملام في الليل ما بين الأحبة

دا اللوم يقوي الغرام ويزيد في نار المحبة

يا ليل... يا عين... يا ليل

قدم الشيخ سيد اللون العاطفي بشكل مختلف عن السائد، لم يلجأ في ألحانه وموسيقاه إلى الحزن والشجن، كما هو المعتاد في مثل هذه النوعية من الأغاني، لتكون مناسبة لأغاني الحب والهجر، بل عمد إلى أن يصنع البهجة في ألحانه، حتى لو كانت الكلمات تدعو إلى اللوم والعتاب والهجر، ما احتاج  إلى وقت من البعض، خصوصاً من غير الاختصاصيين، لاستيعاب هذا الشكل الجديد.

حفظ التراث

على رغم وجود حالة ثراء موسيقي وغنائي واضحين منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وعلى رغم ظهور عدد كبير جداً من المطربين والموسيقيين، وتقديم عشرات الآلاف من الأغاني، والأناشيد والتواشيح، ما بين دور وطقطوقة وموال وأغنية، ما بين عاطفي ووطني واجتماعي، وإنشاد ديني ومديح. على رغم ذلك كله فإن الغالبية العظمى لهذه الأعمال لم تقم الدولة، أو أي جهة خاصة بالحفاظ على هذا التراث الذهبي، باستثناء اجتهادات فردية لبعض الأفراد من الهواة و{السميعة}، وعدد من المطربين والموسيقيين، في مقابل أن كثيرين منهم لم يحتفظ بأعماله في حياته، ولم يسع أحد لذلك بعد مماته، وربما كانت الوسيلة الوحيدة للحفاظ على القليل من هذا التراث، هو نقله من جيل لجيل، ومن مطرب لتلميذ له، فضاع من تراث الغناء العربي زاد وفير.

بجهد شخصي، وباعتباره فناناً أصيلاً ينتمي إلى جذوره الفنية، لم ينتظر الشيخ سيد مكاوي أن تستدعيه هذه الجهة أو تلك ليعبر عن محبته للتراث، وقام بمبادرة شخصية بتسجيل ما أتيح له أن يسجله من ألحان الرعيل الأول كالأدوار والموشحات والمواويل.. منها موال {قم في دجى الليل ترى بدر الجمال طالع} الذي كان يغنيه عبد الحي حلمي وسيد الصفتي في العقدين الأول والثاني من القرن العشرين، وسجل كل منهما على أسطوانات  شركة {جراموفون} ودور {كل من يعشق جميل} من مقام البياتي لداود حسني، وقد سجله بصوته على أسطوانة، غير أننا لا نستطيع أن نسمع هذا الدور إلا بصوت سيد مكاوي، ودور {فؤادي أمره عجب} لداود حسني أيضا، من مقام {الكردان}.. وهو مسجل على الأسطوانات القديمة بستة أصوات كبيرة هي أصوات المشايخ: سيد الصفتي، يوسف المنيلاوي، علي عبد الباري، سليمان أبو داود، وسجله الشيخ محمد السبع مرتين، وعندما سجل سيد مكاوي هذا الدور على أشرطة الإذاعة، جمع في صوته وأدائه محاسن هؤلاء المطربين الكبار جميعا، كذلك دور {يا فؤادي ليه بتعشق} من تلحين الشيخ سيد درويش، من مقام {عجم}، ومونولوج {والله تستاهل يا قلبي} لسيد درويش أيضاً، و{أمتى الهوى يجي سوا} للشيخ زكريا أحمد، وقد غنته أم كلثوم، وسجله سيد مكاوي تسجيلاً بديعاً، ما جعل الشيخ زكريا أحمد نفسه يثني عليه ثناء لم يقله للكبار من شيوخ الغناء:

= تعرف يا أبو السيد إن انت الوحيد اللي ممكن أطمن على ألحاني معاه.

* دا شرف كبير ليا يا أستاذ.. وشهادة للتاريخ.

= لا صحيح... وكمان انت الوحيد اللي لما أم كلثوم سمعته بيقول دور هي قاتله انبسطت منه... وما انتقدتش زي العادة. وقالت بالنص: الراجل دا عارف بيعمل إيه... دا ما غلطش غلطة واحدة.

* كلامك دا يا أستاذ... كأني سمعت شهادتين واحدة من القمر والتانية من الشمس.

= كدا.. طب مين بقى القمر ومين الشمس

* صحيح أنا سمعتها وما شفتهاش. بس أكيد أم كلثوم هي القمر... وأستاذنا طبعاً الشمس اللي بتورلنا وتدفينا.

قدم الشيخ سيد بعده {يا للي تشكي من الهوا} لزكريا وأم كلثوم أيضاً... و{يا صلاة الزين} وألحان أخرى لزكريا أحمد، منها لحن {كل الأحبة اتنين... اتنين} الذي كتبه بيرم التونسي، وغنته أم كلثوم في الأربعينيات، غير أن تسجيله ضاع، وقد أحياه سيد مكاوي بصوته:

كل الأحبة اتنين اتنين

وانت يا قلبي حبيبك فين

يطلع عليَ البدر جميل

يا بدر مالي انا ومالك

ماليش يا بدر نديم وخليل

اوريه ويوريني جمالك

نورك يا بدر يزيد

وتبقى ليلة عيد

ليلة ما تطلع على قلبين

اتنين اتنين

وانت يا قلبي حبيبك فين

افوت على الورد الفتان

ولونه يفرح كل حزين

يا ورد تهدى للخلان

واهديك انا يا ورد لمين

يامفرح الاحباب

بلونك الجذاب

يا فرحة تطلع على الفين اتنين اتنين

وانت يا قلبي حبايبك فين

على البحورالناس في نعيم

واسرح انا لوحدي واهيم

يسري النسيم ساحر فتان

يداعب الموج الشفاف

انظر وأتحسر

من حسن دا المنظر

وأقول يا ريتنا كنا اتنين اتنين

وانت يا قلبي حبيبك فين

يا قلبي ده حظك خليك فريد وحدك

اصبرعلى كاسك واشرب على قدك

يجي الهنا في غمضة العين

والمر يحلى لي

في كاسين اتنين اتنين

وانت يا قلبي حبيبك فين

كل الاحبة اتنين اتنين

وانت يا قلبي حبيبك فين

****

نصيحة مدمرة

على رغم براعة الشيخ سيد مكاوي في الغناء العاطفي، ومحاولته إضفاء البهجة عليه، فإن البعض لم يستسغه، وإن كان الأمر لم يقتصر لدى البعض على عدم استيعاب الشكل الموسيقي الجديد، بل وصل الأمر عند بعض المقربين منه إلى حد عدم رضاهم عنه وهو يغني اللون العاطفي، ولم يجد أحدهم غضاضة في أن يصارح الشيخ سيد بهذا الأمر صراحة، مثلما فعل صديقه وكيل وزارة الأشغال، الذي لم يكتف  باعتراضه على هذا اللون الغنائي، بل وصل الأمر إلى حد تذكيره بعاهته وأن مثله لا يجب أن يغني:

* إيه الكلام اللي بتقوله دا.

= ماهو دا الكلام اللي مش هتسمعه من حد غيري.

* أكيد ما فيش حد غيرك هيقوللي الكلام دا.

= أيوا أنا صاحبك وبكلمك في مصلحتك... انت ما تنفعش في الغناء أساسا.. مش بس الغنا العاطفي.

* ليه... صوتي وحش؟

= مش العبارة... بس الغناء دا له أصول.

* وإيه هي الأصول دي بقى.. منك نستفيد.

= إن كنت علشان تستفيد ما فيش مانع... شوف يا سيدي. المطرب اللي بيغني عاطفي دا... مش بس لازم يكون صوته حلو... لا كمان لازم يبقى شكله كمان متهيأ للغنا العاطفي.. واحد لازم يبص بصات معنية بعنيه... حاكم العيون لها لغة تفهمها الستات وتحب تشوفها في المطرب العاطفي.

* كده!

= أمال... وانت ما تآخذنيش يعني. الموضوع دا مش متوافر عندك. أنا عارف طبعا إن دا شيء مش بإيدك. دي حكمة ربنا... لكن انت لازم تقبل بالموضوع دا وتوظف صوتك في الأناشيد الدينية والتواشيح... وكفاية عليك دول.

على رغم أن كلام هذا الرجل، الذي من المفترض أنه صديقه، لم يكن صحيحاً ولم يقتنع به، فإنه راح يفكر فيه، ويراجع نفسه في ما إذا كان يمكن أن يستمر أم لا، لدرجة أنه جلس في بيته وتوقف تقريباً عن أي نشاط، سواء كان تلحيناً أو غناء، حتى لاحظت والدته ذلك، وحاولت معرفة السبب غير أنه لم يكن يبوح بما يمكن أن يؤلمها، فيرضى لنفسه فقط بالألم، ويحاول إسعاد من حوله. حتى زاره المخرج أحمد بدرخان في بيته، ليسأل عنه من ناحية، ومن ناحية أخرى ليهنئه على ما انتقل إليه الشيخ سيد ووالدته وأشقاؤه، بعد الانفراجة المالية، على رغم بساطتها، من عمله في الإذاعة، وإن لم يخرج بعيداً عن الحي الذي ولد فيه، لكنه انتقل إلى شقة أرحب وبيت أفضل، غير الآيل للسقوط المظلم الرطب، فخرج للشمس والنور في الشارع الرئيس، وحرص بدرخان أن يزوره بعد غيابه عن اللقاء الأسبوعي للأصدقاء:

= وبيشتغل إيه صاحبك دا؟

* وكيل وزارة... في وزارة الأشغال.

= طب مش تقول كدا من الصبح.. أنا يا أخي افتكرته صحافي ولا كاتب ولا شاعر. تقوللي وكيل وزارة الأشغال.

* حتى لو هنعتبره واحد من الجمهور... برضه رأيه فيه وجهة نظر... ماهو فعلا المطرب العاطفي دا لازم يبقى...

= لازم يبقى إيه يا شيخ سيد... مال الأخ دا ومال الفن والفنانين... ووجهة نظره دي بناها على أساس إيه؟ لا يا شيخ سيد انت غلطان انك تسمع لكلام واحد مالوش في الموضوع.. ثم أنا عايز أقولك على معلومة... ما تآخذنيش يعني. يمكن انت ما تعرفهاش بحكم أنك ماشفتهاش. تعرف أن أي مطرب من التقال الكبار... لما بيتسلطن وهو بيغني بيغمض عنيه ويعيش مع نفسه في خيال الأغنية.

* غريبة أوي... هو الواحد ما يعملش حاجة في البلد دي إلا لما يقلدوه.

= هاهاهاها... أيوا كدا اضحك... وأرجع للشيخ سيد اللي أعرفه.

عاد الشيخ سيد إلى عمله وألحانه وغنائه، وفي داخله صوت هذا الصديق، يهتف كلما أقدم على أغنية عاطفية، فوجد الشيخ سيد حلاً كبديل موقت،  يتفق وشخصيته المرحة المبهجة، حيث اتجه إلى تلحين وغناء الأغاني الشعبية الخفيفة التي تقترب من عامة الشعب في سرعة البرق،

قدم للشاعر محمود حسن إسماعيل أغنية جماعية  بعنوان «آمين آمين» ثم قدم للشاعر عبد الفتاح مصطفى أغنيتي «وزة بركات» و{يا أبو زعيزع قوم صلي» وللشاعر فؤاد قاعود قدم أغنية «عمال ولادنا والجدود عمال» وأغنية {زرع الشراقي} بعدها التقى بالكاتب الصحافي والمؤرخ الفني، عبد الله أحمد عبد الله، الذي أطلق عليه أصدقاؤه في الوسط الفني لقب «ميكي ماوس» ووجد أن روحه المرحة تتفق وروح الشيخ سيد المبهجة، فقدم له أغنيتين خفيفتين الأولى بعنوان «آخر حلاوة ما فيش كدا» والثانية «ما تيالا يا مسعدة نروح السيدة» قدمها الشيخ سيد للإذاعة، فلقيتا رواجاً كبيراً، وأكد على شخصية الشيخ سيد الموسيقية، غير أن هذا الطريق لم يكن هو الذي يبحث عنه، فراح يبحث بين الشعراء والكتاب عمن يمكن أن يكمل ما ينقصه في رحلته الفنية.

اللقاء المرتقب

ككل الثورات في العالم، وفي تاريخ مصر أيضاً، أفرزت ثورة 23 يوليو 1952، ثقافتها وفنها، أفرزت فنانين، مطربين وممثلين، ومثقفين من الأدباء والشعراء والكتاب والصحافيين.

من بين هؤلاء خرج شاب شديد المصرية، شديد الحب لوطنه الصغير والكبير، مؤمناً إيماناً كلياً بالثورة ورجالها، وزعيمها جمال عبد الناصر، حاول أن يترجم هذا الحب لمصر وللثورة من خلال أعماله وأشعاره ورسوماته.

هذا الفنان الشاب هو محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمي، الذي قدم نفسه للوسطين الثقافي والفني باسم صلاح جاهين الشاعر والرسام والممثل، يساري الفكر، ابن شبرا، حيث ولد في الشارع الذي سمي على اسم جده أحمد حلمي أحد الصحافيين الوطنيين، الذي عمل إلى جوار الزعيم مصطفى كامل في جريدة «اللواء»، كتب مقاله الشهير «يا دافع البلاء» عن «حادث دنشواي»، فاتهم بالعيب في الذات الملكية إثر معارضته للخديوي عباس حلمي الثاني، وتم سجنه على إثر ذلك، أصدر صحيفة «القطر المصري» التي أغلقتها سلطات الاحتلال البريطاني، وتوفى عام 1936، فيما عمل ابنه بهجت حلمي، والد صلاح في السلك القضائي، حتى وصل إلى رئيس محكمة استئناف المنصورة، وأراد أن يكمل ابنه صلاح في السلك القضائي، ودفع به إلى «كلية الحقوق» غير أن ميول صلاح الفنية كانت تسيطر عليه، وراحت تظهر واحدة تلو الأخرى، حتى اكتملت، لدرجة أنه هو شخصياً لم يستطع أن يفصل بينها.

واصل الشيخ سيد رحلته في البحث عما ينقصه من كلمات أغان، كأنه يضع شروطاً خاصة في ما يبحث عنه، وإن لم يقل ذلك بشكل معلن، أو حتى يقوله بينه وبين نفسه، حتى بدأ يلفت نظره مقالات ورسوم وأشعار صلاح جاهين من خلال أصدقائه، يتحدث أحمد طوغان رسام الكاريكاتور الذي رسمه صلاح جاهين، في العدد الأول من المجلة الجديدة التي أصدرتها «روزاليوسف» في 17 يناير 1956 تحت شعار شهير  {للقلوب الشابة والعقول المتحررة} الذي صاغه أحمد بهاء الدين أول رئيس تحرير لها، يتحدث عنه المخرج أحمد بدرخان وما يكتبه، ويتحدث عن أشعاره عبد العظيم عبد الحق، فشعر الشيخ سيد من خلال ما سمعه من أصدقائه، أنه يريد أن يلتقي هذا {الأعجوبة}.

في الوقت نفسه كان صلاح جاهين قد سمع عبر الإذاعة الأغنيتين اللتين كتبهما الصحافي عبد الله أحمد عبد الله {آخر حلاوة ما فيش كدا}، و{ما تيالا يا مسعدة نروح السيدة} واللتين لحنهما وغناهما الشيخ سيد بصوته، فشعر صلاح جاهين أن هذا هو الصوت الذي يبحث عنه، وهذه هي الموسيقى التي يمكن أن تعبر عن كلماته.

كلاهما بحث عن الآخر قبل أن يلتقي به، كلاهما شعر أن  الآخر {واحد من الناس} ويقدم فنه للناس، وهو ما كان يريده كل منهما.

على رغم أن الوسطين الفني والثقافي، أقرب إلى شكل الأسرة الواحدة، ومن السهل على من يبحث فيهما عن شخص أن يجده، فإن وسائل البحث المتاحة هي الهاتف، ولم يكن الشيخ سيد مكاوي يملك هاتفاً في بيته، ليس لأنه لا يملك ثمن تركيبه، بل لأن والدته رفضت رفضاً باتاً وقاطعاً أن يدخل ذلك الكائن الغريب العجيب إلى بيتها، على رغم كل محاولات الشيخ سيد لإقناعها بأهميته، وأنه أصبح من ضروريات العصر الحديث، ولم يعد هناك بيت يخلو منه، مثله مثل {الراديو} الذي كان يرفض كثيرون إدخاله بيوتهم، وبمرور الوقت اقتنعوا به، وأصبح لا يوجد بيت يخلو منه، إلا أن والدته رفضت، فخضع الشيخ سيد لرغبتها، وأخبر كل من يلتقي بهم ويعرفونه، ولو للمرة الأولى أنه يجلس يومياً لمدة ساعة على الأقل في مقهى قريب من بيته اسمه {قهوة النشاط} بحي المنيرة بالقرب من السيدة زينب.

وصلت المعلومة لصلاح جاهين، فقرر أن يبادر ويصل إليه، وفيما يجلس الشيخ سيد كعادته اليومية بالمقهي حتى فوجئ بمن يضع يده في يده ويمطره بكلمات الترحيب والحب: أهالالالالا شيخ سيد... واحشني جدا يا راجل. أنت فين من زمان.

اندهش الشيخ سيد من هذا المرحب به ترحيباً مبالغاً فيه، وقد أيقن أنه لا يعرفه، فقد تعود الشيخ سيد أن يميز صوت من يتحدث إليه من اللقاء الأول، فيحفظ نبرة صوته ولا يخطئها في ما بعد، بحيث إذا بادر ونطق كلمة واحدة، يميز الشيخ سيد صوته قبل أن ينطق الثانية، غير أنه لم يسمع هذا الصوت {الممتلئ} سابقاً، فكيف أنه لا يعرفه، وكيف أنه يرحب به هذا الترحاب المبالغ فيه، ويجد الشيخ سيد نفسه للمرة الأولى ينطق بكلمة لم يعتدها:

* حضرتك تقصدني أنا.

= أيوا ياعم سيد... وهو فيه شيخ سيد غيرك هنا.

* أهلاً... أهلاً وسهلاً... اتفضل.

= تعرف أنك واحشني جدا... وبقالي فترة طويلة بدور عليك. لما تعبتني أوي يا شيخ سيد.

* والله يا سيد أنا بعتذر عن التعب اللي سببتهولك. بس لو كنت قلت لي كنت وفرت عليك التعب وجيت لحد عندك.

= لا خللي عنك يا أبو السيد... أنا اللي جتلك أهو.

* طيب بس أسمح لي أتشرف بحضرتك

= أنا يا سيدي أخوك صلاح جاهين.

(البقية في الحلقة المقبلة)