سيعض، الذين اختاروا الوقوف في صف المؤيدين لنظام بشار الأسد حتى بعد جريمة استخدام الأسلحة الكيمياوية ضد أبناء الشعب السوري، أصابعهم ندماً وسيحارون في إيجاد مأوىً يختبئون فيه من أنفسهم ومن أصدقائهم وأهلهم وأقاربهم، وستبقى اللعنة الإنسانية تلاحقهم طوال ما تبقى لهم من الأعمار فهذا حصل، عبر التاريخ القريب والبعيد، مع كل الذين انحازوا إلى القتلة والسفاحين، فوجدوا أنفسهم في النهاية غير قادرين على النَّدم لأنه لم يعد مقبولاً منهم مثل هذا النَّدم.
إن على هؤلاء، الذين ذهبت بهم هواجسهم الطائفية المفتعلة والكاذبة والتي لا يمكن تبريرها ولا فهمها إلى حدِّ الوقاحة في تبرير قتل الآلاف من أبناء الشعب السوري من بينهم حسب التقديرات الدولية نحو ربع هذا العدد من الأطفال الأبرياء الذين هم في أعمار الورود، إن على هؤلاء أن يتذكروا أن أهم الذين ساندوا حافظ الأسد قبل انقلابه العسكري في عام 1970 وبعد ذلك، ومن بينهم مصطفى طلاس وعبدالحليم خدام وشقيقه الملطخة يداه بدماء قتلى مذبحة حماة الشهيرة في عام 1982 رفعت الأسد، يعيشون الآن في المنافي، وإنَّ على هؤلاء أيضاً أن يدركوا أنَّ هذا النظام قد اقتربت لحظة رحيله، وأن رموزه سوف يساقون إلى المحاكم لينالوا العقاب الذي يستحقونه على ما فعلوه، وأن مؤيديه لن يستطيعوا النظر إلى انعكاسات صورهم في مرايا منازلهم.ولعل ما يعرفه هؤلاء وغيرهم أنَّ الذين باعوا ولاءاتهم وأقلامهم وانحيازاتهم للرئيس العراقي صدام حسين مقابل "البونات" البترولية، وكل حسب سعره، قد هربوا بـ"بوناتهم" عندما حانت لحظة الحقيقة، وذابوا في هذا الزحام الكوني الصاخب، ولم يعد أحد يذكرهم ولم يعودوا هُمْ يذكرون صاحب هذه "البونات" ولو بمجرد قراءة "الفاتحة" في الذكرى السنوية لتعليقه على حبل المشنقة.إنه لا يوجد أي وجه شبه بين "نهَّازي" الفرص هؤلاء ومن وقفوا إلى جانب أدولف هتلر وأمثاله حتى اللحظة الأخيرة وبعد اللحظة الأخيرة، فهناك على مدى حقب التاريخ من كانت قناعاتهم خاطئة لكنهم لم يتخلوا عنها ودفعوا أعمارهم من أجلها، ولذلك فإن المؤكد أن بعض "رفاق" بشار الأسد لن يتخلوا عنه حتى بعد انهيار نظامه، والدليل أن بعض أنصار صدام حسين مازالوا يقاتلون في العراق ومازالوا يفجِّرون ويقتلون الأبرياء رغم قناعاتهم بأن تلك الحقبة المظلمة لن تعود وأنَّ ما فات... فات، وأن التاريخ لا يمكن أن يعود إلى الخلف.إنَّ هذه الحالات الآنفة الذكر معروفة ومفهومة، لكن المشكلة أن معظم الذين يصطفون الآن إلى جانب بشار الأسد ونظامه عن بُعد ومن الخارج يدركون أنَّهم بمواقفهم البائسة هذه يؤيدون ذبح أبناء الشعب السوري بهذه الطرق الهمجية، وهم يدركون ويعرفون أيضاً أن كل الحجج التي يسوقونها غير مقنعة، وأن بعض هذه الحجج يستند إلى دوافع طائفية مخجلة ومعيبة، وأن الشطط في إبداء المخاوف من "النصرة" والمجموعات الإرهابية هو من قبيل الكذب على النفس وعلى الناس، لأنهم يعرفون أولاً أن هذه المجموعات بالأساس هي من صناعة هذا النظام ومخابراته واستخباراته، وأنهم يعرفون ثانياً أن الانشقاقات في الجيش النظامي قد وصلت إلى عشرات الألوف، وأن الذين قُتلوا في سورية على مدى العامين الماضيين وصلت أعدادهم، حسب التقديرات الدولية، إلى مئة ألف وأكثر، وهذا بالإضافة إلى المعتقلين والجرحى والمفقودين.لقد أشارت الدوائر المعنية في الأمم المتحدة إلى أنَّ أعداد المهجرين إلى الخارج، إلى الدول المجاورة والبعيدة، قد وصلت إلى نحو مليونين وهذا غير أعداد مهجري الداخل، ثم إن من المعروف أن معظم المدن السورية، حمص وحماة وحلب وإدلب والرستن، قد أصبحت أطلالاً. فمن الذي فعل كل هذا يا ترى؟ أليس هو هذا النظام الذي يدافع عنه هؤلاء الذين سيندمون ذات يومٍ قريب ولكن يوم لا ينفع الندم؟ والمعروف أنَّ الندم لم ينفع أولئك الذين انحازوا إلى طغاة الأرض، وأن بعضهم قد هرب من عيون الناس وربما من وجع ضميره أيضاً إما إلى الانتحار أو الاختفاء كمطاردٍ في الزوايا البعيدة المظلمة من الكرة الأرضية.
أخر كلام
مواقف سيدفع أصحابها الثمن!
06-09-2013