ما يحصل الآن أن هناك اجتياحاً إيرانياً شاملاً لسورية بمساندة معلنة وواضحة من روسيا، فحزب الله بات يحتل طرطوس، ويقاتل في غوطة دمشق الشرقية، إضافة إلى عملياته المتواصلة في مدينة القصير وفي منطقة حمص، والحرس الثوري الإيراني، وليس فيلق القدس فقط، أخذ مكان جيش بشار الأسد في القتال والتخطيط وإدارة العمليات. وتقدر أعداد هؤلاء بأكثر من سبعين ألفاً، وقد يتضاعف هذا العدد إذا بقيت الأمور تسير على هذا النحو دون أن يتحرك العرب "المعنيون"، ويدركوا أن رؤوسهم هي المطلوبة، وأن الهدف هو القضاء على باقي ما تبقى من نفسٍ في الأمة العربية.
لا يجوز أن تبقى هذه الأمة صامتة ومستسلمة بينما باتت سكين الجلاد الإيراني تبرق عند عنقها، فما تتعرض له سورية تجاوز كل الحدود، والزحف الطائفي على ما يعتبر "قلب العروبة النابض"، إن لم يجرِ التصدي له ليس بـ"البطانيات" و"المعلبات" إلى مئات الألوف من اللاجئين السوريين الذين أُخرجوا من ديارهم وفقاً لمخطط مذهبي، تدعمه روسيا بصواريخها وذخائرها وأسلحتها ودبلوماسيتها الظالمة التي يقودها سيرغي لافروف، هدفه الإخلال بالتوازن "الديموغرافي" في هذه الدولة العربية، لإنشاء ما كان هدفاً قديماً، وهو ربط إيران المذهبية عبر العراق وسورية بشواطئ البحر الأبيض المتوسط، من أقصى نقطة الجنوب اللبناني حتى لواء الإسكندرون في الشمال.إن المسألة ليست مجرد صراع داخلي بين معارضة، غدت مسلحة رغم أنفها، ونظام دكتاتوري استبدادي كان شعاره ولايزال: "الأسد للأبد"، إنما أكبر من هذا كثيراً، وإلا ما معنى أن تفتح الحدود العراقية عبر كل نقاطها مع الحدود السورية بدون استثناء للأسلحة المتدفقة من إيران ومن العراق أيضاً، وأن تقوم روسيا بكل هذا الذي تقوم به، وأن يدخل حزب الله الإيراني المعركة بكل قضه وقضيضه، ويعلن زعيمه حسن نصر الله أنه سينتصر في هذه المعركة... كما انتصر في المعركة القديمة؟!ثم ما معنى أن يُرسل الحرس الثوري الإيراني، عبر الأراضي والأجواء العراقية، ويأخذ معه إلى ساحة المعركة المذهبية، التي يخوضها بشار الأسد ضد الشعب السوري، الذي لم يعد شعبه، ولا يجوز أن يبقى شعبه، "ميليشيات" التنظيمات الطائفية، المحشوة رؤوس قادتها بكل التاريخ وأحقاده وأمراضه...؟!الآن تُذبح العروبة في سورية من الوريد إلى الوريد، ويذبح الإسلام الوسطي المعتدل بسكاكين المذهبيين وبالجيل الجديد من ذلك الخنجر الذي طعن "الحشاشون" به خاصرة صلاح الدين الأيوبي... ويقيناً إنه إذا كتب لهذه المؤامرة النجاح فإن لغتنا العربية، لغة القرآن الكريم، سوف تُستبدل باللغة الفارسية، وإن كوفيات العرب سوف تستبدل بهذه العمامات الغريبة التي اجتاحت العراق، واجتاحت ضاحية بيروت الجنوبية، والتي تتهيأ لاجتياح سورية.إنه على بعض "عربنا"، والمقصود الأنظمة لا الشعوب، أن يدركوا أن التحديات أكبر كثيراً من تنصيب الإخوان المسلمين السوريين قيادةً للثورة السورية، وبدلاً من كل هذا الذي يجري في إسطنبول من مماحكات وألاعيب يجب تكتيل الجهود، جهود أبناء الشعب السوري أولاً والجهود العربية ثانياً، لمواجهة هذا الزحف المذهبي الذي إن هو فَرَدَ عمامته على دمشق فإن واقع كل هذه المنطقة سيتغير، وستكون هناك حقبة مريضة كتلك الحقبة التي سيطر فيها الصفويون على بغداد.
أخر كلام
«المذهبية» تجاوزت الحدود!
29-05-2013