• عدم اتفاق الكونغرس سيؤدي إلى تراجع ملحوظ في سعر الدولار

Ad

• خلال 12 سنة رفع سقف الدين 11 مرة... وفي كل منها كانت العملية أصعب من سابقتها

خلال 12 سنة ماضية، تم رفع سقف الدين 11 مرة، وفي كل مرة تكون عملية رفع السقف أكثر تعقيداً من سابقتها، وكلما تصاعدت الشكوك حول قدرة الولايات المتحدة على سداد ديونها غدت احتمالات التوقعات الاقتصادية في العالم أكثر قتامة.

رغم تعطل اعمال الحكومة الفدرالية الأميركية هذا الأسبوع بسبب عدم توصل الكونغرس إلى اتفاق تمويل جديد للميزانية، فإن مخاوف العالم تتجه متزايدة نحو 17 اكتوبر الجاري، حيث ينبغي على الجمهوريين والديمقراطيين قبله التوصل الى اتفاق لرفع سقف الدين الأميركي، وإلا فسيتخلف أكبر اقتصاد في العالم عن سداد الديون لأول مرة في التاريخ.

ولعل الحديث عن ازمة الدين الأميركي يفتح الباب على ما يمكن ان يترتب على الازمة في دول الخليج التي تعتمد على النفط بشكل اساسي في ايراداتها العامة، اذ يُتوقَّع ان يؤدي عدم الاتفاق على رفع سقف الدين الى تراجع ملحوظ في سعر الدولار، مما يترتب عليه تراجع بالمليارات في ايرادات دول الخليج النفطية.

وبدون شك، فإن دخول الاقتصاد الأميركي في ازمة جديدة، ربما توازي أزمة 2008 العالمية، سينعكس على الخليج في أكثر من محور، فدول الخليج لديها استثمارات سيادية ضخمة في الولايات المتحدة وأوروبا، فضلاً عن تأثرها بدخول الاقتصاد العالمي في مرحلة تباطؤ النمو، وبالتالي يتأثر الطلب على النفط سلبا، في وقت لا يزال العالم في مرحلة عدم اليقين من تعافي اوروبا من ازمتها المالية.

وستكون دول الخليج، التي تعتمد على النفط كعائد اساسي لإيراداتها وبالتالي لإنفاقها المتزايد، في موقف محرج اذا طال امد سقف الدين الأميركي دون التوصل الى اتفاق بين الجمهوريين والديمقراطيين، لا سيما مع شلل اعمال الحكومة الفدرالية منذ بداية الشهر الجاري، الامر الذي يعني ان مفاوضات 17 الجاري ستكون اكثر شدة وذات انعكاس اكثر حدة على اسواق الاسهم والسلع في العالم.

تساؤل

قد يقول قائل: «ألم تواجه الولايات المتحدة نفس الازمة قبل نحو عامين واستطاع الكونغرس ان يتوصل الى اتفاق برفع سقف الدين بمقدار 2.1 تريليون دولار ليبلغ 16.3 تريليون دولار، وبالتالي فإن المخاوف غير مبررة؟».

صحيح من المتوقع ان تنتهي مفاوضات الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس الى اتفاق جديد لرفع سقف الدين مجددا، لكننا يجب ان نعرف ايضا انه خلال 12 سنة ماضية تم رفع سقف الدين حوالي 11 مرة، وفي كل مرة تكون عملية رفع السقف اكثر تعقيدا من سابقتها، وكلما تصاعدت الشكوك حول قدرة الولايات المتحدة في سداد ديونها غدت احتمالات التوقعات الاقتصادية في العالم اكثر قتامة.

وخليجياً، لم تشهد الأزمة المالية العالمية، منذ انطلاقها، اي تعامل من دول الخليج رغم انها تمتلك صناديق سيادية تناهز قيمتها 2.1 تريليون دولار وتبيع نفطاً خاماً بحدود 600 مليار دولار سنويا، فمنذ تفجر الأزمة المالية العالمية في الولايات المتحدة عام 2008، وانتقالها بعد ذلك إلى أوروبا، لتشمل اليونان وأيرلندا وإيطاليا وإسبانيا ومؤخرا قبرص، إضافة إلى ما يدور في العالم من اكتشافات وأبحاث تتعلق بالنفط الصخري، لم نسمع عن اجتماع خليجي - ولو على مستوى وزراء المالية او الطاقة- لمناقشة آثار هذه الأزمة على الاقتصادات الخليجية أو على الإيرادات النفطية أو الصناديق السيادية، وهو أمر مستغرب جداً من دول تمتلك مليارات البراميل النفطية ومليارات الأصول الاستثمارية، وتتصرف مع الأزمة كأنها تحدث في كوكب آخر.

مشروع اقتصادي

ولعلنا عندما نشاهد الصيغ الإقليمية الوحدوية في العالم نجدها كلها نجحت في ان تتطور لمصلحة المشروع الاقتصادي، لذلك نجد الاتحاد الأوروبي أو مجموعة آسيان، التي تضم مجموعة من الدول الآسيوية الناشئة، أو دول بريكس، التي تضم دولا صناعية ذات اقتصادات كبيرة، كالبرازيل والهند والصين، كلها تجاوزت النظرة السياسية أو الأمنية - بعكس دول الخليج- إلى مشروع اقتصادي فيه من الأرقام أكثر بكثير من الخطابات السياسية... وهذا ما يجب على دول الخليج أن تنتبه إليه سريعا.

ان التحديات المستقبلية التي تواجه الخليج اقتصادية في معظمها، ومتشابهة من حيث مستقبل البطالة والنفط والإنفاق وغيرها، وبالتالي بات من اللازم أن تنظر دول الخليج إلى مجلس التعاون على أنه منظومة اقتصادية تتعاطى مع ملفات فنية، وليس مجرد منظومة سياسية- أمنية، فقد انشغل مجلس التعاون خلال السنوات الماضية بملف منع وصول الربيع العربي إلى عدد من الدول العربية، عبر فتح صناديق دعم مالي بمليارات الدولارات، وهذا دور سياسي مفرط، وغير مطلوب أصلا، وكان من الأولى أن يكون التركيز على الأزمات العالمية الاقتصادية لا الجانب السياسي الأمني.

اما محليا، فتتزامن ازمة سقف الدين الأميركية مع صدور تقرير صندوق النقد الدولي عن الاقتصاد الكويتي، والذي تحدث عن مخاوف عدم تغطية الايرادات النفطية للمصروفات العامة بحلول عام 2017، مع التشديد على اهمية ضبط الانفاق ورفع قيمة الايرادات غير النفطية لتحقيق توازن افضل في الميزانية.

الكويت تعتمد في مداخليها المالية الاساسية على النفط الذي يشكل 93% من الايرادات، وبالتالي فإن ما يحدث في العالم وبالتحديد في الولايات المتحدة، لا بد ان ينعكس عليها، خصوصا اذا تعلق الامر بالطلب العالمي على النفط او سعر الدولار، وهذا ما يجب التنبه اليه جيدا في ظل اقتصاد غير متنوع، مما يجعله عرضه لتقلبات الازمات في العالم... فهل نعي؟