الإطاحة بحكم الإخوان في رأيي لن يتوقف عند التجربة المصرية بل سيمتد إلى عموم العالمين العربي والإسلامي كنسخة مكررة من موجة الربيع العربي، ولكن هذه المرة ضد تيار الإسلام السياسي برمته، وهذا ما يثير الكثير من التساؤلات المهمة والمصيرية.

Ad

وما عجز عن فعله ثلاثة من أقوى الرؤساء المصريين بدءاً بجمال عبدالناصر مروراً بأنور السادات وانتهاء بحسني مبارك في القضاء على الإخوان المسلمين على مدى ستين سنة حققه الإخوان أنفسهم، وهم على قمة الهرم السياسي، وفي غضون سنة واحدة فقط.

وما عجز عن فعله أقوى جيش في العالم، وهو الاتحاد السوفياتي في أفغانستان من قبل في القضاء على الإسلاميين أنجزته حركة طالبان خلال خمس سنوات فقط.

وما عجزت العلمانية التركية عن القيام به من القضاء على الإسلام السياسي يبدو أن أردوغان سوف يحققه في أقل من عقد من الزمان.

وينسحب الأمر على ما يجري اليوم في تونس وليبيا في فشل المشروع السياسي للتيارات الإسلامية التي قطفت ثمرة الربيع العربي، وأخيراً فإن النموذج السوري بات يتهاوى حتى قبل أن يبدأ.

فهل هذه الإخفاقات المزلزلة مؤشر على فشل المشروع الإسلامي بفكره وأطروحاته وعلمائه؟ وهل الاحتفالات والألعاب النارية وابتهاج عشرات الملايين في مصر بسقوط حكم الإخوان دليل على رفض المسلمين لدينهم وعقيدتهم؟ في رأيي هذه الفارقة الأخيرة هي أحد الأسباب الرئيسة لانهيار مشروع الإسلاميين في السياسة والحكم، فبمجرد وصول الأحزاب الدينية للسلطة تبدأ الأجندة الخاصة في إقصاء الآخرين والتفكير في ترجمة برامج التغلغل في مختلف أجهزة الدولة أفقياً وعمودياً عبر كوادرها وتقسيم المجتمع إلى مسلمين وغير مسلمين وفقاً للتنظير الحزبي، وعادة ما تكون هذه هي الأولويات على حساب مشروع الدولة وانتشال المجتمع من تراكمات الفساد والترهل التي سببتها الحكومات الدكتاتورية السابقة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأحزاب الدينية إن لم تكن هي ذاتها ذات فكر متشدد ومتطرف كما هي الحال بالنسبة إلى طالبان، فإنها تستسلم لهذه النوعيات من الجماعات المتطرفة التي تكفر وتستبيح الدماء، وتحارب كل ما هو مستحدث وحضاري مثل هدم الآثار ونبش القبور وعزل المرأة وحرمانها من التعليم والعمل من أجل التمسك بالسلطة، الأمر الذي يبث كل أشكال الرعب والتخلف في المجتمع، وهذا بالتأكيد لا يستقيم مع مفاهيم وأسلوب الحياة المعاصرة في ظل الانفتاح والعولمة.

والتجارب الإسلامية بمعظمها ومع كل الأسف استخدمت مفهوم الجهاد ضد المجتمعات المسلمة، وما شهدته الدول الإسلامية من الجزائر غرباً حتى باكستان وأفغانستان شرقاً من مجازر وقطع للرؤوس وتكفير للمجتمع برمته، في مقابل إرضاء القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل التي لم تطلق عليها رصاصة واحدة!

وأمام هذه المآسي بقيت شعارات الإسلام هو الحل، والنظريات الاقتصادية والسياسية الإسلامية الراقية مجرد حبر على ورق، ولم تفلح هذه الأحزاب سوى في إلقاء أسباب فشلها على الاستعمار كامتداد لأعذار كل الحكومات الفاشلة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية!!