استغلت رموز في النظام التونسي السابق انشغال الحكام الجدد ومعارضيهم بالأزمة السياسية الطاحنة، وبدأوا ترسيخ وجودهم في المشهد السياسي، الذي زاد تعقيده أمس بعد هروب عشرات المساجين، في أحدث توتر أمني يهز تونس.

Ad

وقال المدير العام للسجون الحبيب السبوعي أمس، إن "49 سجيناً فروا في وقت متأخر الليلة الماضية من سجن في مدينة قابس بجنوب تونس"، مبيناً أنهم نصبوا كميناً اعتدوا خلاله على حراس السجن، قبل أن تتدخل قوات الجيش والشرطة، وتتمكن من اعتقال 12 منهم.

وبعد الثورة التي أطاحت زين العابدين بن علي قبل أكثر من عامين فر آلاف المساجين أثناء الانفلات الأمني قبل أن تعتقل الشرطة أعداداً كبيرة منهم إثر ذلك.

وتفاقم عدم الاستقرار الأمني في تونس مع تزايد هجمات مسلحين إسلاميين الشهر الماضي، حيث قتلوا ثمانية جنود في كمين بجبل الشعانبي قرب الحدود الجزائرية في واحد من أعنف الهجمات على قوات الأمن في العقود الأخيرة في تونس.

وتواجه حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الحاكم ضغوطاً كبيرة من المعارضة العلمانية التي تتهمها بالفشل في إدارة شؤون البلاد وتفشي عنف الجماعات الإسلامية الجهادية.

واستغلالاً لهذا المشهد، الذي زاده ضبابية عناد حركة النهضة في مطلب إقالة الحكومة وإصرار المعارضة على مطالبها قبل الدخول في أي حوار، أعلنت أربعة أحزاب تونسية معارضة تشكيل جبهة سياسية جديدة تحت اسم "المبادرة الوطنية الدستورية"، تضم حزب "الوطن الحر" وحزب "المبادرة" وحزب "الوحدة والإصلاح" وحزب "زرقاء اليمامة"، في خطوة تعزز حضور أركان النظام السابق في المشهد السياسي.

وتمتاز الأحزاب بمرجعية "دستورية" نسبة إلى الحزب الحر الدستوري الذي قاد معركة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي وبناء دولة الاستقلال. وقال أمين حزب الوطن محمد جغام، الذي شغل حقائب وزارية في نظام بن علي، خلال المؤتمر التأسيسي للحزب السبت الماضي إن "الحزب يهدف لتجميع الدستوريين وتحقيق التوافق بينهم"، مشيراً إلى "تضحيات الحزب خلال معركة التحرير في سبيل تحقيق استقلال تونس وبناء الدولة".

وذكر كمال مرجان أمين عام حزب "المبادرة" وهو آخر وزير خارجية في حكم بن علي أن حزبه "سيعمل في إطار المرجعية الدستورية الصحيحة وفاء للفكر البورقيبي الإصلاحي"، كما سيعمل على "استقطاب أكثر ما يمكن من المناضلين ليساهموا بكفاءاتهم في النهوض بالبلاد".

ومنذ قرار القضاء في أعقاب ثورة 14 يناير بحل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي حكم تونس مدة 23 عاماً، نجح سياسيون مخضرمون من النظام السابق في تأسيس أحزاب أخرى ذات مرجعيات "دستورية" وبورقيبية واستعادة حضورهم تدريجياً في المشهد السياسي الجديد.

(تونس- رويترز، د ب أ)