بتاريخ 15 نوفمبر 2012 صرح سامي النصف رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية الكويتية بأنه سيتم "تحويل" الكويتية "إلى رابحة... ثم بيعها"! ولكن السيد النصف لم يبين لماذا ستخصخص "الكويتية" ما دامت رابحة، إذ إنه من غير المنطقي أن تبيع الدولة شركة رابحة تدر عليها الملايين؟! فهل يعني هذا أن الخصخصة بالنسبة إلى الحكومة تعتبر هدفاً بحد ذاتها لا سيما أن تصريح السيد النصف يحمل اعترافا صريحا بأن طبيعة الملكية العامة ليس عائقا أمام تحقيق "الكويتية" للربحية؟!

Ad

ليس ذلك فحسب، بل إن رئيس مجلس إدارة "الكويتية" سامي النصف كتب مقالاً في بداية الشهر الحالي ذكر فيه ما يلي نصاً: "الكويت بمواطنيها ومقيميها، و"الكويتية" بموظفيها وتاريخها المشرف، حين حلقت بعلم الكويت عاليا وبلدها محتل، يستاهلون ما هو أفضل من أسطول طائرات قديم لبلد شديد الثراء، وللعلم توسيع شبكة خطوط "الكويتية" وتحديث أسطولها وتحولها للربحية يخدم مشروع المركز المالي ويحفظ أموال البلد في البلد بدلا من إرسال الأموال للخارج عبر شراء التذاكر من شركات الطيران غير الكويتية. مرة أخرى هل يمكن تصور دبي وقطر وأبوظبي وسنغافورة دون شركات طيرانها؟! ومن أين سيأتي عائد مئات المليارات التي ستدفع على خطط التنمية إذا لم تكن هناك وسيلة نقل مباشر بين الدول الكبرى في العالم والكويت؟! وهل العقول المبهرة التي خلقت وتدير المراكز المالية الناجحة في المنطقة لا تعلم ما تعمل؟! (انتهى الاقتباس). وكما هو واضح فهناك تناقض بين ما ورد في مقال رئيس مجلس إدارة "الكويتية" وما صرح به للصحف قبل ستة أشهر تقريبا، فإشادته بنجاح شركات طيران الإماراتية والقطرية والسنغافورية والاتحاد الظبيانية، وهي شركات عامة مملوكة للدولة يؤكد أن طبيعة الملكية العامة لا تقف عائقاً أمام نجاح شركات الطيران، فضلاً عن أن "الكويتية" كما يقول رئيس مجلس إدارتها "تخدم مشروع المركز المالي وتحفظ أموال البلد في البلد"، فكيف لا يتصور تلك البلدان من دون شركات طيرانها وفي الوقت ذاته يريد أن يبيع "الكويتية"؟!

إن مشكلة مؤسسة الخطوط الجوية "الكويتية" وغيرها من المؤسسات والشركات العامة ليست في طبيعة ملكيتها العامة، بل في أسلوب إدارتها الذي تتدخل فيه الحكومة مباشرة، فيغيب مبدآ الكفاءة وتكافؤ الفرص، وتفقد المؤسسة أو الشركة العامة استقلاليتها المالية والإدارية، إذ تعين الحكومة مجالس الإدارات بناء على العلاقات الاجتماعية والشخصية ودرجة القرب من أصحاب النفوذ، ومن أمثلة ذلك مجلس الإدارة الحالي "للكويتية" الذي يرأسه السيد سامي النصف الصحافي والسياسي والإعلامي النشط الموجود بشكل شبه يومي في القنوات الفضائية مدافعاً شرساً عن سياسات الحكومة!

أما الخصخصة كسياسة اقتصادية تعتمد على فكرة "اليد الخفية للسوق" فقد أثبتت الأزمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية فشلها، وهو الأمر الذي ترتب عليه قيام بعض الدول بإلغائها أي تأميم الشركات، فالأرجنتين، على سبيل المثال، أممت النفط بعد 19 عاما من الخصخصة التي نتج عنها انتشار الفساد وتركز الثروة لدى القلة. أما بوليفيا فأممت الكهرباء بعد 15 عاما من الخصخصة، كما قامت في شهر فبراير الماضي بإلغاء خصخصة جميع مطارات البلاد لأن "الشركة فشلت بضخ الاستثمارات التي تعهدت بها للمطارات رغم أنها تحقق أرباحاً سنوية تزيد على مليوني دولار"! وفي مصر بيع عام 2007 ما نسبته 70% تقريبا من شركات القطاع العام بأقل من 25 مليار جنيه مصري وقدرت إجمالي عمولات المسؤولين عن البيع بحوالي 33 مليار جنيه!

 لهذا يبقى السؤال قائماً: لماذا تخصخص الخطوط الجوية "الكويتية"؟!