«لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها»

نشر في 06-07-2013
آخر تحديث 06-07-2013 | 00:01
 يوسف عوض العازمي     قال تعالى: "وكأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها". سورة النازعات- الآية 46.

في 28 من يونيو 1996م انتُخب رئيس حزب "الرفاه" نجم الدين أربكان لرئاسة الوزراء في تركيا كأول حزب إسلامي يرأس الوزارة بعد ثورة أتاتورك العلمانية.

وحزب "الرفاه" قريب من "الإخوان المسلمين"، وعندما استلم أربكان الرئاسة بدأ يواجه المتاعب والعقبات من جيش علماني وقيادات عسكرية علمانية تكره كل ما له صله بالتدين أو الحكم الإسلامي إلى أن وقع المتوقع.

فقد ضاق صدر الجيش (الذي هو الحاكم الحقيقي وحامي العلمانية) ذرعاً بهذه القيادة الإسلامية، ولم يعد يتحمل وجودها كقائدة لبلد تقوده نخبة علمانية وتدّعي الليبرالية، فجرت أحداث 30 يونيو 1997م، التي قام فيها الجيش بعزل أربكان من منصبه، ومن ثم اعتقاله وعدد من أعوانه وقياديي حزبه... وتمت بعدها إجراءات مثل حظر حزب "الرفاه" وتوجيه اتهامات أمن دولة لأربكان وأعوانه.

وبعدها بسنوات قليلة عاد حزب "الرفاه" بحلة جديدة واسم جديد واستطاع إعادة تجميع أنصاره إلى أن عاد عبر صناديق الاقتراع إلى رئاسة الوزراء، ورئاسة الدولة في تركيا ولا يزال.

وما أشبه الليلة بالبارحة، إذ تذكرت تلك الأحداث عندما تحرك الجيش في أرض الكنانة ليسقط أول رئيس منتخب في تاريخ مصر، حيث انحاز الجيش الذي يلقب "خير أجناد الأرض"! إلى المعارضة العلمانية والليبرالية ضد رئيس يمثل التيار الإسلامي، ولم يكتف الجيش بعزل الرئيس بل اعتقله في استعراض للقوة بغرض إثبات أنه "أي الجيش" الحاكم الحقيقي في مصر، وأن رئاسة الدولة ما هي إلا كذبة كبيرة انطلت على الطيبين والسذج.

فلو كان الجيش يريد مرسي لما تعرض له، لكننا لاحظنا بوضوح الاعتداء على الشرعية، وأيضاً كانت الترتيبات والرضا والدعم الدولي واضحة لكل متابع.

ما جرى في مصر هو تعدٍ غير مقبول أخلاقياً ودستورياً، وهو انقلاب عسكري حقيقي، وإن كانت المؤثرات المدنية من معارضة ليبرالية وعلمانية مع إكسسوارات دينية بإقحام الأزهر والكنيسة واضحة في الصورة العامة للحدث إلا أنها كانت لزوم تزيين الطبخة ليس إلا!

وبدا لنا أن الديمقراطية في الدول العربية ما هي إلا كذبة كبيرة، فإن أتت على المقاس الذي نريد فهي ديمقراطية وحرية وعدالة، أما إن أتى المقاس على غير ما نشتهي فهي تعطيل للبلاد وغيرها من الكلمات الفضفاضة التي لا معنى لها، وواضح أن حكم العسكر مستمر ولم يسقط وإن كانت واجهاته متعددة.

وما بين 30 يونيو 1997 في تركيا و30 يونيو 2013 في مصر يبدو لنا تشابه لا تخطئه عين، فقد كان الضحية في الحالتين نفس الاتجاه الفكري، وكان المعتدي في الحالتين نفس العقيدة العسكرية،  لكننا أمام سؤال مهم: هل يتدارك "الإخوان المسلمين" الأوضاع وينسجمون معها ويعيدون ترتيب الأوراق ليعودوا أقوى مما كانوا؟ أتوقع ذلك.

back to top