فصل المواطنين عن المقيمين في العيادات... تمييز عنصري
• البغلي: تقديم الخدمة الصحية على أساس الجنسية تمييز
• البداح: يشكل خطورة إدارياً وأخلاقياً وحقوقياً
• البداح: يشكل خطورة إدارياً وأخلاقياً وحقوقياً
جاء مقترح مشروع وزارة الصحة بتخصيص الفترة الصباحية للعيادات الطبية في المستشفيات للكويتيين فقط، و«المسائية» لغير الكويتيين، ليكرس ثقافة التمييز والفصل العنصري، إضافة إلى أنه مشروع يعتمد على الحلول الترقيعية المجتزأة، بدلا من تبني استراتيجية عامة لإصلاح وتطوير النظام الصحي.لم يكن مشروع الفصل هذا سابقة أو استثناء، بل لاتزال هناك محاولات لإنشاء مستشفيات الضمان الصحي، وهو مشروع يفصل بشكل عنصري بين المواطنين والوافدين في المستشفيات، مما لا يتوافق مع الدستور والقوانين الدولية والقيم الكونية لحقوق الإنسان، فالرعاية الصحية حق إنساني أصيل لا يقبل الفصل أو التمييز.
إصلاح القطاع الصحيوقد وضعت دراسة «إصلاح القطاع الصحي الكويتي... مقترح لتعزيز العدالة والكفاءة»، التي وضعت في اكتوبر 2010، واعدتها مبادرة الكويت للصحة والمجموعة الاستشارية لتطوير الرعاية الصحية، وهي جهات بحثية غير ربحية ومحايدة، مقترحاً شاملا لإصلاح النظام الصحي، بما يحقق الكفاءة والجودة والعدالة، اعتمادا على توصيات صادرة من منظمة الصحة العالمية ومتخصصي نظم الصحة العامة في جامعة هارفارد.وفندت الدراسة خطورة مقترح الفصل بين المواطن والوافد في الخدمات الصحية، لذا فإن الحل لاختلالات القطاع الصحي يأتي بتبني سياسات النظم الناجحة لإصلاحه بشكل منهجي وشامل، وليس بالفصل بين المرضى على أساس الجنسية.من جهته، أرجع مدير منطقة الجهراء الصحية د. عبدالعزيز الفرهود سبب هذا الاقتراح إلى «وجود كثير من الأطباء الكويتيين في الفترة الصباحية، ما سيكون إيجابيا بالنسبة للمراجعين الكويتيين، لسهولة التعامل معهم، والشيء نفسه على الوافدين».تفاوت المستوى بدوره، ذكر أمين سر منظمة الخط الانساني طاهر البغلي أن «هذا القرار فيه تمييز في كيفية تقديم الخدمة الصحية على أساس الجنسية، فالخدمة الصحية لن تكون متساوية، لأن الأطباء الاستشاريين في الأغلب يعملون صباحا، الأمر الذي يؤدي إلى تفاوت في مستوى الخدمة الصحية الذي تختلف جودته وكفاءته بين الفترتين الصباحية والمسائية». وعن تعامل الكويتيين مع غير الكويتيين قال البغلي إن «التعامل مع الأطباء من جنسيات مختلفة ليست مشكلة بالنسبة للمرضى»، داعيا الوزارة إلى مراجعة هذا القرار.من جهتها، أكدت المستشارة الإدارية والنفسية إيمان البداح أن هذا الاقتراح «يشكل خطورة على جميع الصعد إداريا وأخلاقيا وحقوقيا، فالتمييز بين العملاء في أي مؤسسة خدمية هو نهاية للمؤسسة». وأضافت البداح: «أن سيجلب تمييزا ليس بين العملاء فحسب، بل بين الموظفين أنفسهم، فإداريا، التمييز يخل بحركة المراجعين، وبالتالي بتوزيع العمل بين العاملين، وما لذلك من أثر على المعنويات العامة لدى العاملين، وبالتالي مستوى الخدمة التي يقدمونها، فالرعاية الصحية خدمة رئيسية وحق انساني أصيل، ولا يجيز أي عرف أو مقياس أخلاقي التمييز فيها أو التفاضل أو التفاوت».أعباء سياسيةوتابعت البداح ان «القطاع الصحي ليس مؤهلا إداريا لمواجهة أعباء سياسة الفصل الذي سيزيد حركة المرضى في فترة المساء، الأمر الذي سيؤدي إلى تردي مستوى الخدمة أكثر مما هو عليه في الوضع الحالي».وزادت: «تلك السياسة تتضارب مع معايير أخلاقيات المهنة الطبية والقسم الطبي، كما أنها تتعارض مع المعايير القانونية والمعاهدات الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان، التي تلزم موادها مبدأ عدم التمييز في الحقوق الانسانية الأساسية كالتعليم والصحة وغيرهما».إلى ذلك، شددت اختصاصية أمراض الدم في مستشفى الرازي عضو المجموعة الاستشارية لتطوير الرعاية الصحية د. شيخة المحارب على أن «الوزارة فشلت في وضع سياسات لتطوير النظام الصحي في الكويت، وبدلا من أن تضع سياسات استراتيجية لحماية النظام الصحي في الدولة اتخذت هذه القرارات العنصرية لترضي سياسات وثقافة عنصرية متعالية انتهجتها الدولة في السنوات الأخيرة، مما ينافي كل المواثيق والعهود الدولية التي تحمي حقوق الانسان، والتي كانت الكويت رائدة في المصادقة عليها في السابق».وأشار رئيس مجلس إدارة المركز الكويتي للمواطنة الفاعلة د. محمد الوهيب إلى أن «تقدم الدول وتخلفها يقاس بمدى قدرتها على احترام الفئات الاجتماعية الضعيفة فيها، لذلك لدى سفرنا للخارج نجد انفسنا نحترم مجتمعات غربية كثيرة نحصل فيها على حقوق شبه مساوية لمواطني هذه الدول، خاصة في خدمات أساسية كالطبابة والتعليم.. الخ».وتابع د. الوهيب: «لا يمكن القبول بهذه الانتكاسة في تفكيرنا الانساني والحقوقي بالتمييز على أساس الجنسية، ولا يمكن القبول بسياسة تميز في أوقات العلاج، بل وفي أنواعه، بالنظر إلى جنسية انسان ما أو فقدانه لها».