أكد رئيس اتحاد العقاريين الكويتيين توفيق الجراح ان عمليات التقييم العقاري مازالت تسير وفق الاساليب التقليدية القديمة، لذا فهناك تفاوت في القيمة العقارية لما يتم تقييمه بين الجهات المختلفة، لافتا الى ان أغلبية المقيمين هم في الاصل وسطاء.

Ad

جاء ذلك في كلمة افتتح بها الجراح جلسة نقاشية اقامها الاتحاد بالتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي حول عمليات التقييم العقاري في الكويت بمشاركة ممثلين عن اتحاد المقيمين العقاريين، وبعض المقيمين من ذوي الخبرة، فضلا عن بعض الوسطاء العقاريين اضافة الى الوكيل المساعد للشؤون الفنية في وزارة التجارة والصناعة عبدالله العلي.

واوضح الجراح ان هناك عدم شفافية في بيانات التقييم وهناك معاناة في توفر المعلومات والتقييم العقاري في الصفقات التي تتم في السوق، مشددا على ان البيانات الاحصائية من وزارة العدل غير عادلة ولا تظهر بطريقة صحيحة.

واضاف انه لابد للمقيم ان يكون مؤهلا ومستقلا وموضوعيا وان يكون التقييم صادرا عن جهات مهنية تتماشى مع المعايير الدولية.

واقع مزرٍ

من جانبه، قال رئيس مجلس ادارة شركة المستثمر العقاري عبدالرحمن الحمود ان العقاريين يسعون الى ان يغيروا الواقع الذي وصفه بـ"المزري" في التقييم العقاري في الكويت والذي لا يمكن فصله عن الخدمات العقارية الأخرى.

وبين الحمود ان مفردات التداول والتقييم التي كانت في الاربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي مازالت سائدة حتى الان، لافتا الى ان محافظ بنك الكويت المركزي السابق الشيخ سالم الصباح ذكر له انه تم تقييم احد العقارات من مؤسستين معتمدتين الاولى بـ13 مليون دينار والثانية بـ63 مليونا وهذا الفرق الشاسع جاء نتيجة عدم الاهتمام بالسوق.

واشار الحمود الى ان المرء في البورصة يمكنه بعد الساعة 12.30 ظهرا معرفة سعر السهم وكميات الصفقات وغيرها من البيانات في حين لا احد يعرف ما هي الاسعار السائدة للعقار او قيمة العقار السكني او التجاري او الاستثماري، "بل لا توجد اي معلومات للمستثمر او الباحث يمكن الاعتماد عليها، مبينا ان التقييم هو علة قائمة بذاتها ولا يمكن ان يكون هناك تضارب للمصالح في قضية التقييم.

واشار الى ان هناك اقتراحات ارسلتها مجموعة من مقيمي العقار الكويتيين الى الجهات المعنية اهمها ان تمنح تراخيص التقييم لشركات متخصصة في هذا المجال فقط على الا يقل رأس مالها عن 500 الف دينار.

وبين الحمود ان المقيمين الذين يعينون في تلك الشركات يجب ان يكونوا من حملة الشهادات العلمية الضرورية لعملية التقييم، ويجب ان يتغير الواقع الموجود الآن إذ ان هذه المهنة لا تخضع لقوانين صارمة كما هو معمول به في دول مجاورة واخرى متقدمة، واصفا واقع التقييم العقاري بالتعيس جدا فيما تؤكد التجارب الماضية ان الطموح ميؤوس منه.

معاناة مزمنة

من جانبه، اكد المقيم العقاري د. خالد الجريوي ان عملية التقييم العقاري تعاني بشكل مزمن، سوء تنظيم وعشوائية في اعطاء الاسعار للعقارات المراد تقييمها على حسب خبرة المقيم او مدى قربه من ادارة البنك الذي يريد ان تمويل العقار.

واضاف: "اننا نعاني مشكلة التقييم العقاري منذ زمن تأسيس الراحل خالد المرزوق للبنك العقاري عام 1973 الذي ضم ادارة للتقييم العقاري واخرى لإدارة املاك الغير".

وقال: "لقد كانت له نظرة مستقبلية واعتمد على 20 شابا في تأسيس البنك وارسل 15 منهم الى الولايات المتحدة الاميركية لتعلم اصول التقييم العقاري وكنت من بينهم وعندما عدنا الى الكويت حاولنا تطبيق ذلك فلم نعرف ان التطبيق والواقع غير، إذ وجدنا ان التقييم فيه اساءة واجرام في حق السوق العقاري لأنه لا يتم الاعتماد على القيمة العادلة للعقار بل يتكون التقييم من خلال الخبرات المتراكمة للمقيم او السمسار وهذا لم يعد يعمل به في اي دولة متطورة".

وشدد الجريوي على ضرورة ان تقوم وزارة التجارة والصناعة بتنظيم هذه المهنة بشكل اكبر بحيث لا يكتفى فقط بإجراء امتحانات للمقيمين بل يجب مراقبة ادائهم ايضا من خلال آلية معينة تضعها الوزارة لذلك.

واعرب الجريوي عن اسفه لكون بعض المقيمين يرضخون لعمليات الضغط التي يقوم بها مالك العقار لكي يتم تقييم عقاره بشكل اكبر من اللازم وكل هذا سببه عدم التقيد بالمعايير العالمية في هذا المجال، لافتا الى ان هناك "لخبطة" في وزارة التجارة في وضع ضوابط للتقييم في السوق.

غياب الشفافية

من جانبه، قال رئيس دار أسامة بوخمسين للاستشارات الهندسية، عضو مجلس ادارة اتحاد العقاريين د. اسامة بوخمسين ان الشفافية في السوق العقاري غير موجودة فالسوق فيه مشاكل عديدة خاصة في التقييم، لافتا الى انه عانى هذه المشكلة إذ تم تقييم عقار تجاري تابع لنا بـ300 دينار للمتر في ذات الوقت الذي بيع المتر في برج مجاور في مزاد بـ4 آلاف دينار للمتر وذلك بسبب غياب الشفافية وعدم قدرة الاجهزة على التقييم.

واضاف بوخمسين ان اكبر مشكلة في الكويت هي عقارات الاراضي الفضاء وغير المدرة موضحا ان الاراضي الفضاء التي شهدت تغييرات او استثناءات او موافقات خاصة تنعكس على دراسات جدوى المشاريع التي تتأثر في عملية التقييم بوجود مواقف من عدمه.

وكشف ان اتحادات عقارية طلبت منذ عشرين عاما تأسيس شركة لتنظيم السوق العقاري واجراء الدراسات وتطوير السوق وتنظيم دورات تأهيلية ولكن عندما تم تأسيس شركة المقاصة العقارية توقفت.

واردف بالقول: "الآن في ظل الوضع غير المستقر لشركة المقاصة العقارية لن تستطيع تلك الجهات تطبيق المعايير العالمية من دون وجود تشريع لذلك، لهذا نطالب بإيجاد هيئة سوق العقار على غرار هيئة اسواق المال للتغلب على الفوضى الحاصلة في السوق حاليا".

ولفت الى ان وجود مثل هذه الهيئة كفيل بمنع اي غش يمكن ان يحصل في عملية التقييم والصفقات العقارية خصوصا تلك التي تتميز بالأسعار العالية.

توصيات لم تنفذ

وعلى صعيد متصل، قال مدير قسم ادارة املاك الغير في بنك الكويت الدولي جواد مقصيد انه سبق ان شارك في العديد من اللجان العقارية لتنظيم السوق وتم اصدار توصيات عديدة ولكنها لم تنفذ.

ودعا مقصيد الى انشاء بورصة للعقار على غرار بورصة الكويت للاسهم، لافتا الى ان مصادر العقاريين عن السوق تكمن في مكاتب عقارية والصحف، والنشرات التي يصدرها بنك الكويت الدولي و"بيتك" و"الشال" إضافة الى الدواوين التي تعد مصدرا للمعلومات عن العقار، وكلها اساليب اجتهادية.

وكشف مقصيد عن انه "سبق ان تعرض هو شخصيا خلال عمله منذ سنوات للضغط من الجهات خلال تقييمه لاحد العقارات ورفض ذلك وقدم استقالته لان هذا خداع وغش".

المشكلة في الملاك

من جانبه، ذكر احمد الفرحان من ادارة التقييم العقاري في بيت التمويل الكويتي (بيتك) ان المشكلة في التقييم تعود الى الملاك وليس المقيمين، مضيفا انه لابد من تقديم المعلومات الصحيحة للمقيم لكي يتم التقييم بشكل صحيح.

واشار الفرحان الى أن "بيتك" لدية فريق متكامل في التقييم بالإضافة الى شركات مقاولات وعدد من اصحاب الخبرات ولديه الخبرة المتكاملة في التقييم الصحيح ولهذا "بادرنا وقدمنا معايير حقيقية للتقييم لوزارة التجارة".

بدوره، قال الخبير الاقتصادي عمران حيات ان الاشكالية في مرض الاختراع الذي نسعى اليه لان آليات التقييم واسسه معروفة للجميع، لافتا الى ان غياب المعلومة يعد السبب الرئيسي في تخبط عملية التقييم العقاري وبدون المعلومة لن يستطيع احد ان يقيم العقار بطريقة سليمة.

وشدد على انه بتوفير المعلومة من الجهات الرسمية كوزارة العدل ووزارة التجارة والصناعة فان كل مشاكل التقييم العقاري ستحل لاسيما اذا تم التقيد بالمعايير الدولية الموضوعة لهذه المهنة.

من جهته، قال الخبير والمقيم العقاري عماد الفرج ان هذه المهنة علمية بحتة لا دخل لها بالوراثة العائلية او الخبرة السوقية موضحا ان هناك اخطاء في عمليات التقييم العقاري في الكويت "ويجب اخضاع هذه المهنة للأسس والمعايير الدولية المعمول بها في عدة دول".

واشار الى انه في الكويت لا يتم النظر الى تكلفة البناء وتكلفة سحب المياه الجوفية من تحت العقار وتكلفة المخططات الهندسية ايضا، لافتا الى ان كل ذلك يؤثر بشكل كبير على السعر النهائي للعقار المراد تقييمه ولذلك "نحن نطالب بإيجاد اساليب علمية جديدة في السوق".

تشريع لتنظيم العقار

اكد الوكيل المساعد للشؤون الفنية في وزارة التجارة والتجارة عبدالله العلي ان عدم وجود تشريع لتنظيم العقار يعد اهم اسباب المشكلة التي يئن منها السوق العقاري، لافتا الى ان ادارة العقار في»التجارة» انشئت منذ عشر سنوات ولم يكن هناك اهتمام بها، اما حاليا فالوضع اختلف فهناك اهتمام لتنظيم السوق.

واضاف ان مقولة «لا عقوبة الا بنص قانوني» تمثل اشكالية السوق لأنه لا يمكن للإدارة أن تعاقب مقيما او عقاريا اساء للمهنة رغم انه قد تكون هناك خسائر مالية، ورغم وقوع ذلك لم تستطع الوزارة عقاب مقيم او سحب رخصة لعدم وجود تشريع.

وبين انه في ظل هذه الوضعية «سيعمل المقيمون في واد والوزارة في واد اخر» مشيرا الى ان هناك 33 مقيما عقاريا عدا الشركات وهؤلاء خاضوا اختبارات ليحصلوا على الرخصة.

وقال ان الادارة تتعاون مع جامعة الكويت لتنظيم مهنة التقييم اسوة بالمحاسبين و«سوف تشرف الجامعة على هذه الاختبارات».

واردف ان ادارة العقار تعرف ما يعاني منه العقاريون من قرارات وقوانين اثرت على السوق سواء كانت مدروسة او غير مدروسة ولا يجب ادخال العقار في السياسية ولا يجب تسييس «التجارة « مؤكدا ان وزارة التجارة ستضع الضوابط بالتعاون مع اهل الخبرة والاتحادات العقارية.

توصيات الجلسة النقاشية

في ختام الجلسة النقاشية تلا رئيس اتحاد العقاريين الكويتيين توفيق الجراح عددا من التوصيات تمهيدا لرفعها الى الجهات المعنية في وزارة التجارة والصناعة اولها ايجاد حد ادنى للمعايير العلمية لمهنة التقييم العقاري وتفعيل دور الوزارة في تبني تلك المعايير من خلال قرارات تطبق على ارض الواقع بالتنسيق مع الجهات الحكومية والاتحادات العقارية المختلفة.

وأوصى كذلك بضرورة تأهيل المقيمين من خلال اخضاعهم لامتحانات تحريرية تقوم بها الوزارة او اتحاد مقيمي العقار مع التشديد على ضرورة تطوير نظم المعلومات بما يتيح المزيد من الشفافية حول الصفقات العقارية التي تتم في السوق والتي تسجل في الجهات الحكومية الرسمية.