البورصات الأميركية تحذر من «مجاميع الظلام»

نشر في 29-04-2013 | 00:01
آخر تحديث 29-04-2013 | 00:01
No Image Caption
تعطي منصات التداول في الظلام قواعد محددة للذين يشعرون بالإنهاك من الأسواق غير المتوازنة، إلى جانب رسوم على التداولات أدنى مما تتقاضاه البورصات العامة في الولايات المتحدة.
لم تعد القوة بيد أسواق الأسهم الرائدة في الولايات المتحدة، بعدما أخذ عدد متزايد من المستثمرين والمتداولين في الأسهم يتجه إلى الجانب المظلم للتداول، مبتعدين عن مواطن التداول العامة المعروفة مثل بورصة نيويورك وبورصة ناسداك.

ومع بلوغ التداولات التي تتم في الظلام، بعيدا عن البورصات، رقما قياسيا يقارب 40 في المئة من مجمل التداولات، أخذت المؤسسات التي كانت مهيمنة في الماضي تشكو من أن صعود التداولات الخاصة يؤذي "حرمة" الأسواق الرأسمالية الأميركية.

وتنظر هذه البورصات إلى هذا التطور الأخير على أنه هجوم مباشر على نماذج أعمالها، ما يدفعها إلى إطلاق جرس الإنذار لدى المنظمين وصناع القوانين. ويقول جو ميكان، وهو تنفيذي لدى بورصة نيويورك يورونيكست: "إن مصدر قلقنا على المدى الطويل، إذا لم نبدأ بالتصدي لهذه الظاهرة الآن، هو أن من الممكن أن تؤثر في نهاية المطاف في صورة الأسواق الأميركية في أذهان العالم".

ويضيف: "حتى تظل الولايات المتحدة محتفظة بموقعها التنافسي، لا بد أن تكون لدينا أسواق نزيهة وتنافسية تساعد على تسهيل جمع رأس المال".

سياسة اقتصادية

لكن آخرين يشيرون إلى أن هدف البورصات الرئيس هو المصالح التجارية في وقت وهنت فيه الأرباح الناتجة عن التداولات. ويقول تنفيذي من شركة آي تي جي للوساطة: "هذا موضوع تجاري يتم تغليفه بإطار السياسة الاقتصادية".

وكان التداول في الظلام يلعب دائما دورا في الأسواق الأميركية، لكن تطوره وازدياد حصته السوقية يبعثان القلق لدى البورصات ولدى الشركات المصرفية الاستثمارية.

وتعطي "المجاميع" التقليدية للتداول في الظلام للمستثمرين المؤسسيين مكانا لتبادل قطع كبيرة من الأسهم دون إعطاء السوق الأوسع فرصة للتداول ضد المستثمر.

ولاتزال شركة ليكويدنيت Liquidnet، وهي مشغل خاص لمنصة تداول، متمسكة بهذا الأنموذج ويبلغ متوسط عدد التداولات في مجاميعها المظلمة نحو 43 ألف سهم. لكن شركات أخرى استفادت من الأنظمة المتهاونة التي تشجع البورصات غير العامة على التنافس على الأحجام ضد البورصات الرسمية.

ويقول ريتش ريبيتو، وهو محلل لدى ساندلر أونيل، إن هذا هو السبب في أن متوسط حجم التداول عبر جميع منصات التداول المظلم تراجع إلى 210 أسهم فقط، وفقا لبيانات من روزنبلات سيكيوريتز. يضيف أن هذا يعود إلى الحضور المتزايد للمتداولين من ذوي التداولات العالية في مجاميع الظلام.

طلبات معقدة

وفي الفترة الأخيرة جادل دان ماتيسون، الذي يدير أكبر منصة لمجاميع الظلام من حيث الحجم لدى كريدي سويس، بأن الخط الفاصل بين البورصات الرسمية ومنصات التداول الخاصة أصبح غير واضح المعالم. وقد لجأت البورصات الرسمية التي تسعى إلى التعويض عن التراجع في حصتها السوقية، إلى إضافة أنواع معقدة من الطلبات وعمليات الاسترداد التي تعمل لصالح المتداولين المتعمقين وذوي السرعة العالية، وهو ما أثار استياء المستثمرين.

وتعطي منصات التداول في الظلام قواعد محددة للذين يشعرون بالإنهاك من الأسواق غير المتوازنة، إلى جانب رسوم على التداولات أدنى مما تتقاضاه البورصات العامة. والموضوع هنا هو ما إذا كان التبني المتزايد للتداولات الخاصة يعمل على تدنِّي سلامة وصحة الأسعار المتاحة في البورصات العامة.

ويقول أندرو بروكس، رئيس قسم تداولات الأسهم الأميركية في مؤسسة تي راو برايس: "إن آلية اكتشاف السعر في السوق مهمة جدا للمستثمرين، وإذا كانت منصات الظلام تسبب الضرر لهذه الوظيفة، عندها لا يكون هذا وضعا مثاليا".

وما يزيد من ظلامية هذه المنصات هو ممارسة التعامل من الداخل من قبل المصارف وشركات الوساطة، التي تشكل نحو نصف جميع التداولات المظلمة. ويقوم المتداولون من الداخل بشراء حركة طلبات التجزئة من شركات الوساطة الأخرى للتداول فيها ضد هذه الطلبات قبل تمرير أي شيء باق إلى السوق العامة.

ويقول توم كارتر، العضو المنتدب لدى جونز تريدنج إن هذا ليس في مصلحة السوق "فكلما ازداد حجم التداولات التي يسحبها التعامل الداخلي من البورصات العامة، فإن هذا يُضِر بصورة إجمالية بالسوق وبالمستثمرين. من المهم أن يكون أكبر حجم ممكن متاحا في بيئة مفتوحة".

إصلاحات

وتسعى البورصات العامة إلى إدخال إصلاحات من شأنها إلزام جميع المتداولين بالتوجه نحو الأسواق العامة، ما لم يتلقَّ المتداولون أسعارا أفضل على نحو لا يستهان به من منصات الظلام. ويقترح آخرون تحديد حجم أدنى للتداولات لمنصات الظلام التي تحترم أهدافها الأصلية. وهاتان الفكرتان هما صورة عن إجراءات اتخذها المنظمون في كندا وأستراليا على مدى السنة الماضية للحد من التداول المظلم.

تقوم "تي دي أمريتدريد"، المسؤولة عن أكبر قاعدة لتداولات التجزئة في الولايات المتحدة، بتحويل التداولات خلال مؤسسات التعامل الداخلي، وهي تشعر بالانزعاج من أي إصلاحات من شأنها وضع قيود على المنافسة. ويقول فريد تومزيك، الرئيس التنفيذي: "لا نرى كيف سيعمل هذا الجدال الذي تنادي به البورصات الرسمية على نفع مستثمر التجزئة أو صناعتنا".

لكن البورصات تعتقد أن اللحظة الحالية أصبحت مناسبة للإصلاحات بالنظر إلى المستوى الحالي القياسي لتداولات الظلام.

(فايننشال تايمز)

back to top