فجر يوم جديد: الجائزة المُحرّمة على «مُحرّم»!

نشر في 09-09-2013
آخر تحديث 09-09-2013 | 00:01
 مجدي الطيب فاض الكيل بالكاتب الكبير مصطفى محرّم وإلا لما توجه باللوم إلى وزارة الثقافة المصرية، حسبما قالت صحيفة مصرية، لأنها تجاهلته، وامتنعت عن منحه {جائزة النيل للفنون}، لكنني تمنيت لو أنه ترك مهمة الدفاع عنه لغيره من الملايين الذين يُقدرونه حق قدره، ويعرفونه حق معرفته، ويُدركون يقيناً أنه أحد كبار المبدعين، إذ أثرى الشاشة الكبيرة بأفلامه التي رسمت طريقاً جديداً للسينما المصرية مثل: {أغنية على الممر، ليل وقضبان، أهل القمة، أبناء وقتلة، الجوع، الحب فوق هضبة الهرم، الغرقانة»، وأضاف الكثير إلى المكتبة العربية بأبحاثه ومؤلفاته في فن كتابة السيناريو، وترجماته السينمائية التي تؤهله نيل الجائزة بجدارة، فضلاً عن إسهاماته في الدراما التلفزيونية التي تمثلت في «عائلة الحاج متولي» و{لن أعيش في جلباب أبي».

الأمر الذي لا جدال فيه أن مصطفى محرم، المولود في 6 يونيو 1939، يتعرض لظلم صارخ، غامض وغير مُبرر، بسبب إصرار جهة ما أو شخص مجهول على تهميشه، طوال السنوات الماضية، وحرمانه، عن سبق إصرار وترصد، من «جائزة النيل»، التي انطلقت عام 1999 تحت اسم «جائزة مبارك»، وتُمنح لمبدع واحد في مجالات: الآداب، الفنون، العلوم الاجتماعية والعلوم التكنولوجية المتقدمة، في حين ذهبت الجوائز إلى من يُطاولهم في القيمة والقامة والمكانة، ومن بينهم من حصل على «جائزة النيل» بعد سنوات من فوزه بجائزة الدولة التقديرية!

حسب القانون تبلغ القيمة المالية لـ «جائزة النيل» أربعمئة ألف جنيه بالإضافة إلى ميدالية ذهبية، ولا يجوز تقسيمها أو منحها لشخص واحد أكثر من مرة، ويُشترط في من يُرشَّح للفوز بها أن يتم ترشيحه من خلال مجلس إحدى الهيئات العلمية التي تشتغل، بصفة أصلية، في البحث والإنتاج في الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، والمحددة بقرار المجلس الأعلى للثقافة، وأن يكون الترشيح في نطاق تخصص الهيئة التي تتولى الترشيح، وأن يكون المرشح على قيد الحياة وقت ترشيحه لنيل الجائزة، وأن تنطبق عليه شروط أساسية أهمها: أن تكون له مؤلفات أو أعمال أو بحوث سبق نشرها أو عرضها أو تنفيذها، أن تكون له إضافة نوعية واضحة إلى مجاله المعرفي بما يحقق نقله نوعية فيه، أن تكون له ريادته وتأثيره على أجيال متتابعة، أن يكون انتماؤه الأصيل إلى الوطن متمثلاً في إنتاجه ومواقفه، أن تكون لإنتاجه قيمة معترف بها على المستوى العربي عموماً والمصري خصوصاً.

مما سبق يتضح، بشكل قاطع، أن ثمة معايير محددة، وشروطاً صارمة للترشح للجائزة ثم الفوز بها، ليس من بينها، بكل تأكيد، أن يتمتع المرشح بالقبول في الأوساط العلمية والثقافية أو يملك خفة ظل تدفع أعضاء المجلس الأعلى للثقافة إلى التصويت له.

وبتطبيق الشروط على الكاتب الكبير مصطفى محرّم ندرك بجلاء أن مؤلفاته وأعماله وبحوثه مثلت إضافة نوعية واضحة إلى مجاله المعرفي، الحقل السينمائي، وحققت نقلة نوعية أكدت ريادته وتأثيره على الأجيال المتعاقبة، مثلما لم يتخلَّ يوماً عن انتمائه إلى الوطن، وهو ما عبرت عنه مواقفه التي ذاع صيتها، وإبداعاته التي أجمع الكل على قيمتها، على الصعيد العربي.

ما الذي حال إذن بين الكاتب الكبير مصطفى محرّم والفوز بـ»جائزة النيل» هذا العام والأعوام الماضية، على رغم أحقيته وجدارته بها؟ وكيف تذهب الجائزة هذا العام إلى الكاتب محفوظ عبد الرحمن الذي حصد «التقديرية» عام 2003، ونالها الكاتب الكبير وحيد حامد في العام الماضي، بعدما فاز بالتقديرية عام 2008، وشرَّفها المخرج الكبير يوسف شاهين عام 2007، وهو الذي استحق التقديرية عام 1993، بينما  تخلو قائمة المرشحين سنة بعد أخرى من اسم مصطفى محرم؟

خطأ «محرّم» أنه شديد الاعتزاز بنفسه، كثير الحرص على كرامته، مفرط الثقة بثقافته، لا يتهافت ولا يبتزّ... مشاغب لكنه ليس ظاهرة صوتية... لا يجد مانعاً من الانغلاق في محيط أسرته، والاكتفاء بصحبة الدائرة الضيقة من الأصدقاء والمقربين، فتصور البعض أنه «مغرور»، ولما وجد الفرصة مؤاتية ليثأر منه استثمرها وحرمه من جائزة يستحقها، وإن كنت أخشى، على الجانب الآخر، أن يكون كاتبنا الكبير قد تعرض لطعنة غادرة من الهيئة المخولة بترشيحه، وأن تكون قد امتنعت عن تزكيته بما يخلّ بشرط رئيس من شروط الترشح للجائزة!

في الأحوال كافة، تبدو المطالبة ضرورية، بعد مجمل الانتقادات التي طاولت جوائز الدولة في مصر، طوال السنوات الأخيرة، بالعمل على إعادة النظر في نظام التصويت والترشيح، وإدخال تعديل تشريعي على قانون الجائزة.  

back to top