ما يكفي من الشوق!

نشر في 26-09-2013
آخر تحديث 26-09-2013 | 00:01
 مسفر الدوسري خذ من الشوق كفايتك فقط، ولا تمتلئ بقلبك حدّ... الاختناق!

كفايتك من الشوق فقط.

لا تَسْطُع كثيراً حدّ العمى، لأن كل من تقع عليك عيناه سيصبح ضريراً، بما فيهم من تريد أن يراك، ولن يراك!

سيضنيك شوقك إن لم تضئ كنجمة يعشقها الصبح لفرط حنينها!

لها صوتٌ كبكاء «كمنجات» بلّلها الشجن!

نجمة تضيء فيتجدّل النور في صوتها ويطيب للصبح النداء،

سيضنيك شوقك،

سيشعل حرائقه الصغيرة في غابات صدرك، وتنتشر في أنفاسك إلى أن تلفظها آهة تلو آهة!

سيجعل من عينيك زجاج نوافذٍ مغطاة بالثلج!

لن تجد حبراً تكتب به رسالة عشق أيها البحار، سوى الدم الذي يسيل من كفيك بسبب حبال الأشرعة!

ستصبح كل الأرض حولك ليست إلا قشرة طينية ملأ الجفاف وجهها بالتجاعيد،

لتتجنّب شرّ شوقك.

لا بد أن تضيء كنجمة ولكن إلى حد ما دون العمى!

خذ من الشوق كفايتك فقط،

 ما يكفي... لملء مساحة جرداء بين قلبك وعينك بالماء وظلال الشجر لتُغري الأغاني، وما يكفي لتغطية فروة قلبك، وأطراف يديك في نِقمةِ الشتاء،

خذ من الشوق فقط ما يكفي بُنّاً لصنع قهوتك الصباحية،

لا تدع الشوق «يسوّق» عليك كل ما لديه من الجنون، خذ ما يكفيك فقط،

لا تسلّم عنانك له، والأجمل أن تمتلك أنت عنانه إن استطعت، وستستطيع إن تعاملت معه كطفل،

الشوق ليس إلا طفلاً... إنما مشاغب

احتضن شغبه بسعة بحر، وعاقبه كما يفعل الغيم حين يمنع المطر!

سامحه إذا ما كسر شيئا ثميناً في القلب عبثاً، ولكن لا تسمح له أبداً أن يكرّر ذلك!

إملأ شقاوته بكراريس الرسم وعلب الألوان، وبعض الحلوى،

اصطحبه معك في بعض مشاويرك اليوميّه، واستمتع بقضاء بعض الوقت معه خارج أبواب القلب، حاذر أن تمانع خروجكما معا، ذلك سيكون خطأ فادحاً!!

لا تسقط – ولا حتى سهواً- شوقَك من دفتر يومياتك!

لا تعطه حجّة للتمرّد،

لا تخُض معه معركة كلاكما فيها الخاسران!

من حقه أن ينعم من الحرية ما يكفي للحد الذي لا يؤذيك، بشرط ألا تبالغ في تضخيم الأذى،

ومن حقه أن يمارس ما يشاء من طفولته في تلك المساحة من الحرية للحد الذي لا يشوّه به ملامحك!

لا تعاقبه على كل زهور شيطنته، ولا كل عشبها، إلا ما هو سامٌّ منها فقط،

حين يملأ أركان الصدر ضجيجاً متعمّدا وصراخاً لجذب الانتباه فقط، لا تنهره، ولكن إملأ أرجاء الصدر بالموسيقى وبأعلى صوت ليعرف أنك لست ضد الصوت العالي، ولكن ضدّ ما يحتوي إن لم يكن ذات قيمة، ربما أقنعته بدون أن تدري بأن يروي نزق طفولته وضجيجها من نهر الموسيقى، ليصبح ذلك الشوق نجماً مضيئاً بعد أن تطهّر بماء الجمال!     

هذا كل ما يكفينا من الشوق، وما زاد عن ذلك سيجعلنا نردد مع «الست»:

غلَبني الشوق..

وغلّبني!

back to top