حين نتذكر أسماء الكتاب الذين أجادوا في طرح نصوص تشكل علامات فارقة في الكتابة الدرامية يبرز اسم أسامة أنور عكاشة كأحد الكتاب المجيدين في النص الدرامي، والذي شكل مشروعا مهما في العمل التلفزيوني.

Ad

في أعمال أسامة أنور عكاشة الكثير من التفاصيل السوسيولوجية التي عالجت التغيرات المجتمعية في فترات مهمة من الحياة السياسية والاجتماعية في مصر على وجه الخصوص، ولم يكن لهذه الأعمال أن تحقق شروط نجاحها الفني معتمدة على النص المكتوب وحده، ولكنها أفادت أيضا من الأسماء الفنية الكبيرة التي قدمت شخصيات هذه الأعمال باقتدار.

في تلك الأعمال، والتي نأخذها مثالا للعمل الدرامي المتكامل، توافرت سبل النجاح التي لا غنى لأي عمل فني عنها. ذلك لا يلغي حقيقة أن النص الأدبي هو المحرك الأساسي والركيزة الأساسية التي يقوم عليها العمل، ولا تستطيع أسماء فنية مهما حاولت الاستفادة من تاريخها الطويل في العمل الدرامي أن تنتج عملا ناجحا اذا لم يتحقق نجاح هذا العمل على الورق الذي كتب عليه أولا.

لم تكن السنوات الماضية خالية من الأحداث المهمة التى غيرت وتغير البناء السياسي والاجتماعي للحياة العربية في مجموعة كبيرة من الدول العربية، ورغم أننا ندرك أن المخاض العربي أكبر من أن يحتمله عمل فني في ثلاثين حلقة، فإن ذلك لا يعني أن نقابل تلك التغيرات الكبيرة بمجموعة هشة من الحواديت المكررة والحوارات الساذجة والعلاقات البليدة واعتماد "ثيمات" يغيب عنها الابتكار والابداع النصي. فلنتفق أولا أننا أمام غياب نصوص أدبية ولنتفق أننا نفتقد شخصية مهمة في العمل الدرامي تعرف بالسيناريست، وهو صاحب تخصص مهم ومستقل يجيد تحويل الأعمال الروائية والقصصية المؤثرة والتي تصدر كل عام لكتاب مخضرمين وشباب الى أعمال فنية بارزة.

في المقابل هناك اصرار من البعض أن يكون مؤلفا وسيناريستا في الوقت نفسه معتمدا على أسماء مخضرمة وشابة للنهوض بعمل مهلهل لن تنجح هذه الأسماء الكبيرة والمؤثرة على انقاذه ما لم يمتلك مقومات النص الأدبي الناضج.

الذين وصلوا الى درجة من استحقاق الشفقة هم فنانون كبار عاش الجميع معهم أياما مهمة من حياتهم ويحمل لهم اجلالا كبيرا لما قدموه من تاريخ نحافظ  بدورنا على ذكرياتنا معهم ولم يحافظوا هم على هذا التاريخ الجميل وذكرياتهم معنا. هؤلاء الفنانون يمتلكون الخبرة الكافية، أو من المفترض أنهم يمتلكون هذه الخبرة، للتمييز بين النص الرديء والجيد وهم بالتأكيد يمتلكون حرية الاختيار في قبول أو رفض هذا العمل أو ذاك، الا أنهم يضحون بأجمل ما قدموه من أجل البقاء في المستطيل الساحر.

لا نستطيع أن نفهم لماذا يصر أصحاب التاريخ أن يتركوا أسماءهم المهمة تحت رحمة نص لا تتوافر فيه أدنى شروط الابداع، وبعضهم كان في وقت من الأوقات يعمل في الحقل الكتابي والاعداد التلفزيوني لأكثر من خمسة عقود.

رغم أنني ذكرت اسم الكاتب أسامة أنور عكاشة والمساحة الخالية التي تركها في العمل الدرامي التلفزيوني لكن الفنانين الذين أقصدهم تحديدا في هذا المقال هم أعمدة الفن الكويتي الذين يعود اليهم السبب في تأطير معالمه الفنية ليصبح منافسا على الساحة العربية ويكسب احترام الآخر للأعمال الفنية الكويتية.

هؤلاء الفنانون عليهم مراجعة ما قدموه للجيل السابق مقارنة بما يقدمونه للجيل الحالي وأن يدركوا بأن تاريخهم الجميل ليس للبيع. وليعرفوا أيضا أن التوقف في كثير من الأحيان أفضل بكثير من السقوط.