هذه المواجهة... كيف ستُحسم؟
![أ. د. محمد جابر الأنصاري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1482052363797276600/1482052414000/1280x960.jpg)
وهذا الاتفاق هو أول اتفاق سياسي بين المكونات الداخلة في تأسيس هذه الدولة وبين رئيسها وقائدها، ومن عجب أن "صحيفة المدينة" قد تم التعتيم عليها لأنها تسمح بكل ذلك!وإذا كان اليهود قد انقلبوا عليها، فذلك مرجعه إلى أسباب خاصة بهم و لا تمس "الصحيفة" من قريب أو بعيد، ثم إن القرآن الكريم قد تضمن أحكاماً شرعية تتطلب قيام دولة تنفّذها، علماً أن النص القرآني لم يشمل مصطلح "الدولة"، كما أن الإسلام يقوم على أركان خمسة ليس من بينها إقامة الدولة، وهذا دليل على إمكانية وجود مسلمين دون "دولة" إسلامية.وفي غمرة هذا الجدال المحتدم بين الفريقين فإن ذلك ينهض دليلاً لمصلحة الفريق الآخر يمكن أن يشهره في وجه القائلين بالدولة الدينية. والقائلون بالدولة الدينية وراءهم إيمان مقيم لا يتزعزع، وهذا ما أدى في تقديري إلى فوز المعسكر الديني في الانتخابات المصرية وكل انتخابات عربية. ويمكن تصور بقاء التوزيع الديني على حاله، بمعنى أن يظل كل قطر عربي كما كان في السابق، فتبقى مصر العربية بلد الأزهر الشريف وموئل الإسلام السمح والمعتدل وتبقى المملكة العربية السعودية أرض الحرمين الشريفين وموطن الإسلام.وذلك "يذكّر بالنموذج التركي"، حيث تركت تركيا العلمانية التي فرضها عليها أتاتورك، واتجهت إلى إسلام أردوغان، ومن خلال هذه التجربة التركية يمكن للعالم الإسلامي أن يتلمس طريقه في الموازنة بين الدولة المدنية والدولة الدينية.إن دراسة إحداثيات هذه التجربة، وكيف تطورت، أمر مهم للغاية، فليست هذه التجربة متاحة للجمهور إلا بعد دراستها والتأمل فيها. وبعد...فهل نحن مقدمون على مواجهة سلمية بين الفريقين... أم أنها مواجهة قوامها العنف والشدة؟ إن تراثنا الفقهي الإسلامي يؤشر لنا بأن المواجهة السلمية ممكنة. فهل نقتبس منه؟ نرجو ذلك.* أكاديمي ومفكر من البحرين