ما عاد لنا من الكلام المباح غير مساحة ضئيلة تتآكل بسرعة ضوئية، لم يهجرنا الأمل ولم نفارق بساتينه بعد، ولكن الأمل تم «تسفيره» بـ«فرمان» الضرورة، وقريباً جداً سيتم "خصخصة" استعمال الأحرف التي تدخل في أسماء أصحاب المعالي... ويصبح تعليم الأبجدية العربية ناقصا من حروف أسمائهم في مناهج وزارة التربية.

Ad

الآن وقبل وبعد قليل، اليوم بدلا من الغد، تكلموا وأفصحوا عما في قلوبكم، فالباب ما زال مفتوحاً بعرض خيط رفيع تنفذ منه رائحة النور، لقد انتهى وقت "المعارضة" وانتهت معه كلمة "لا"، والآن بدأ وقت "المعارضة المستأنسة"، أجساد ضخمة وحناجر فولاذية وقامات طويلة يتم تلقيمها النص المكتوب سلفاً، وكل النتائج في النهاية تفضي إلى نتيجة واحدة "صوت ورأي واحد".

في العقود الخمسة الأخيرة، ثار جدل مستحق يأتي ويذهب عند وقوع بعض الحوادث، هل نحن دولة ديمقراطية؟ هل نظامنا ديمقراطي؟ الوضع جدا حائر والجواب متأرجح لأن نظام نفسه حائر، لسنا ديمقراطية كاملة ولسنا ديمقراطية ناقصة، لدينا صحافة لا تملكها الحكومة لكنها مقيدة بقانون صحافة مختل عقلياً، بمعنى أن من أصدر ذلك القانون يخشى على الناس "تضييع" مالهم الخاص في مغامرة عابرة!!

لدينا مؤسسات مجتمع مدني ولكن تحت سلطة وزارة الشؤون والقانون لديها سيف أكثر منه دورا إشرافيا، لدينا حرية تعبير ولكن مطلوب أن تمارس داخل جدران مجلس الأمة، ومن صوّت فقد تنازل عن حقه في الكلام والاحتجاج السلمي لمن سيمثله في البرلمان، ومن يفكر بالخروج عن المألوف فستهبط الهراوة على رأسه، ولن يسمع غير تصفيق من يقفون بالطابور دون أن يشعروا أنهم "التالي"، لدينا ديمقراطية فعلاً ولكنها غير فعالة في حسم ملف "البدون" وغير فعالة في مواجهة من خلق تلك الكارثة الإنسانية، ومن يطيل أمدها.

لدينا نظام ديمقراطي السيادة فيه للأمة كما يقول الدستور، ولكن بلا أحزاب ولا تداول للسلطة، لدينا نصوص تتحدث عن المساءلة والرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية والأجواء الرسمية تشحن الأجواء بأكذوبة تعرض النظام للخطر، لدينا مواد دستورية تحمي حرية المعتقد على إطلاقها ولكن ممنوع بناء الكنائس للمسيحيين ودور العبادة لأصحاب المعتقدات الأخرى بحجة أنهم مقيمون وسرعان ما سيغادرون الكويت!!

 لدينا ديمقراطية حقا وفق دستور الكويت، ولكن كل نص وإبداع تحت سلطة الرقيب، الكتاب والمسرح واللوحات والمنحوتات والآلة الموسيقية وكل شيء يلون حياتنا البائسة.

خمسون سنة والجواب الحاسم معلق وحائر، نظام ديمقراطي ولا تمثيل، أخيرا الجواب عرفناه: تمثيل، أما من يرونها ديمقراطيه فقد "شبه لهم".

الفقرة الأخيرة:

إنسانيتي تمنعني أن أقف ضد الإنسان الأعزل المسالم الذي يتعرض للضرب، وضميري لا يسمح لي أن أقول غير "الحرية لسلام وليد الرجيب، الحرية لكل محتج بصورة سلمية".