مشكلة "البدون" المستمرة هي واحدة من المشاكل الكثيرة التي فشلت الحكومة في حلها رغم الوعود والتصريحات الكثيرة.
وكما قلنا في مقالات سابقة، فإن الحل الجذري والشامل لمشكلة "البدون" لن يتحقق في ظل الوضع الحالي، حيث فشلت الحكومة في حل مشاكل أقل تعقيداً وتشابكاً من قضية "البدون" التي مضى عليها نصف قرن، حيث إننا نتحدث الآن عن الجيلين الرابع أو الخامس اللذين ولد أبناؤهما ونشأوا ودرسوا وعاشوا في الكويت وليس لهم وطن غيره حتى لو افترضنا جدلاً أن أسلافهم كانوا يحملون جنسية بلد آخر.فشلت الحكومة في حل المشكلة جذرياً، وفشلت أيضاً في التخفيف من آثارها وتداعياتها السلبية، ففي كل مرة تثار القضية فإنها تكتفي بالتصريحات الصحافية التي تبشّر بقرب حل المشكلة بينما الواقع يثبت عكس ذلك. في عام 2010، على سبيل المثال، أعادت الحكومة تشكيل الجهاز المكلف بمعالجة مأساة "البدون"، وقد رافق إعادة الهيكلة تصريحات نارية أدلى بها الرئيس الجديد مفادها أن معالجة المشكلة بشكل جذري وشامل ستتم خلال خمسة أعوام... والآن بعد مضي ثلاثة أعوام فإنه يفترض أن حل المشكلة في مراحله الأخيرة، لكن يبدو ألا حل يلوح في الأفق.فالمشكلة كما هو واضح تزداد تعقيداً ومأساوية، والدليل على ذلك هو الدعوات المتكررة من أصحاب القضية والمنظمات الإنسانية وقوى سياسية وشبابية للاحتجاج على عدم تقديم الحكومة لأي مشروع جدي لحلها أو على الأقل التخفيف من حدتها.فهنالك تردد ومماطلة وتسويف في إقرار الحقوق الاجتماعية والإنسانية بقانون ملزم وتجنيس المستحقين للجنسية مثل أبناء الكويتيات أو من يحملون إحصاء (1965) وعددهم (34) ألفاً بحسب البيانات الرسمية.حرمان فئة "البدون" من حقوقهم الاجتماعية والإنسانية لفترة طويلة هو الذي يجعلهم يدعون إلى الاعتصامات السلمية بغية عرض مأساتهم أمام الرأي العام والضغط على الحكومة من أجل إيجاد حلول عملية وسريعة لقضيتهم.جميعنا نعرف أن الاعتصامات السلمية هي وسيلة من وسائل التعبير عن الرأي كحق إنساني كفله الدستور والمواثيق الدولية التي صادقت عليها الكويت وأصبحت ملزمة بتنفيذها.وبمناسبة "اليوم العالمي للا عنف" الذي يصادف اليوم، دعونا لا ننسى أن استخدام العنف في فض الاعتصامات السلمية علاوة على مخالفته للدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، فإن كلفته باهظة لأن العنف لا يحل المشاكل ولا يولّد سوى العنف.
مقالات
«البدون» واليوم العالمي للا عنف
02-10-2013