«اليهود خرجوا من مصر بملء إرادتهم... وتصريحات العريان بشأن عودتهم مغازلة لأميركا وإسرائيل»

Ad

اعتبرت أستاذة التاريخ الوسيط بجامعة حلوان الدكتورة زبيدة عطا أن وضع مصر في الستينيات كان أكثر تحضراً وثقافة منها تحت حكم «الإخوان المسلمين»، موضحة أن تصريحات القيادي الإخواني عصام العريان حول عودة اليهود مغازلة لأميركا وإسرائيل.

وحذرت الباحثة المتخصصة في تاريخ اليهود في العالم العربي من أن تكون خلف هذه التصريحات صفقة تعقد من أجل تصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر والمصريين، وذلك بتوطين أهالي غزة في سيناء، وفي ما يلي تفاصيل الحوار:

• بداية، كيف ترين وضع مصر تحت حكم «الإخوان المسلمين»؟

- في ظل وجود رئيس ينتمي إلى جماعة «الإخوان» نرى للمرة الأولى الشعب يقف أمام بعضه ويتقاتل بهذه الصورة التي شاهدناها جميعا، مما عكس حجم الانقسام الذي وصلت إليه البلاد، ويؤكد أن مصر في الستينيات، عندما كانت تشع فكرا وعلما، أكثر تحضرا وثقافة من مصر في 2013، فثورات الربيع العربي تكشف عن خريف يهدد المجتمعات العربية وتركيبتها بصورة غير مسبوقة، فأميركا تتحالف مع التيار الإسلامي طالما يحقق أهداف أجندتها الخاصة بالمنطقة لخلق مجتمع يدين بالولاء لواشنطن.•

• ما سبب ذلك؟

- الأنظمة القمعية أقصت الشعب المصري وغيره من الشعوب العربية من المشاركة الديمقراطية السليمة، وفرضت نفسها كوصي على الشعب، وهو مناخ أدى إلى انحدار ثقافي وفكري نمت فيه التيارات الدينية التي تعمل في الخفاء مستغلة الفقر وارتفاع نسبة الأمية، فانتشر التطرف الديني باعتباره البديل الوحيد الذي كانت تقمعه الخلفية الأمنية، وعندما اختفت ظهر هذا الكيان أمام الجميع فجأة بهذه الضخامة.

• باعتبارك إحدى المتخصصات في تاريخ اليهود، ما رأيك في المطالبة بعودة اليهود إلى مصر؟

- عندما سمعت تصريحات القيادي الإخواني عصام العريان اعتراني الذهول، فهو مستشار الرئيس ونائب رئيس حزب «الحرية والعدالة»، ما يعني أنه شخصية مسؤولة في الدولة ولا يتحدث من منطلق شخصي، ومن هنا تأتي خطورة تصريحاته، فجميعهم حصلوا على الجنسية الإسرائيلية وقضوا مدة التجنيد الإجباري في الجيش هناك، وهو أمر يثير الدهشة ثانية، لأنه رغم العلاقة المعروفة والروابط المتينة التي تجمع «الإخوان» وحركة «حماس» لم نجد تصريحات للعريان تطالب بحق العودة للفلسطينيين إلى وطنهم  المحتل.

• هناك حديث عن أن اليهود المصريين تعرضوا للطرد.

- هذا غير صحيح، فاليهود غادروا مصر بملء إرادتهم، ولن يعودوا مرة أخرى، فأنور السادات عرض عليهم العودة بعد «كامب ديفيد» لكنهم رفضوا، وكل ما سيطالبون به التعويضات، التي قدرها البعض بـ30 مليار دولار، ولا أعرف على أي أساس قدرت، فلا حق لهم فيها، فهل على دافع الضرائب المصري أن يسددها لإسرائيل لكي تمول جيشها الذي تضربنا به، أم اننا سنمول رفاهية الشعب الإسرائيلي من جيوبنا، وإذا كانت جماعة «الإخوان المسلمين» تريد أن تدفع هي من تمويلها الخاص هذه التعويضات، فهي وشأنها ولا تقحم الشعب المصري في صفقاتها.

• وهل هناك صفقات؟

- تصريحات العريان مغازلة صريحة لأميركا وإسرائيل، وما أخشاه أن يكون هذا الكلام في إطار صفقة إخوانية- أميركية، فمن المعروف أن غزة بالنسبة لإسرائيل قنبلة موقوتة، بسبب ارتفاع معدل المواليد، ما يهدد النمو الديمغرافي لإسرائيل، لذلك تسعى إسرائيل بكل ما تملك إلى التخلص من أهالي غزة بنقلهم إلى سيناء، في إطار مشروع معلن يدعى «هرتزاليا»، الذي وضع ابان فترة الرئيس الأميركي جورج بوش الابن، وهو مشروع محل توافق بين إسرائيل والأردن وفرقاء فلسطين، وللأمانة فإن مصر مبارك لم توافق على هذا المشروع، الذي ينص على استقطاع 1600

كيلومتر من مصر في منطقة رفح- العريش لتوطين أهالي غزة فيها مقابل إعطاء مصر 200 كيلومتر مربع في منطقة صحراء النقب القاحلة، وفي السياق ذاته نفهم الآن لماذا اشترى عدد كبير من الفلسطينيين أراضي في منطقة العريش- رفح.

• ماذا عن طرد عبدالناصر لليهود من مصر؟

- قضية علاقة «الإخوان» بجمال عبدالناصر تبدو مرضية، فإذا ما فعلوا شيئاً ووجدوا عليه اعتراضاً من قبل الشعب قالوا لقد فعله عبدالناصر من قبل، وأحياناً يهاجمونه بتلفيق تهم من نوعية قيامه بطرد اليهود من مصر، وهو أمر غير صحيح، فاليهود خرجوا من مصر على دفعات مرتبطة بظروف المصلحة الخاصة بهم، ولا أعرف من أين استقى العريان رقم 865 ألفا ليحدد به عدد اليهود في مصر، فوثائق التعداد التي كانت تشرف عليها إدارة الاحتلال البريطاني تثبت أن عدد اليهود لم يتجاوز في النصف الأول من القرن العشرين حاجز الـ70 ألفا، تناقص بعد ذلك بسبب هجرة اليهود الاختيارية.

 ولم يكن في مصر عندما وصل عبدالناصر إلى الحكم إلا 7 آلاف يهودي، حتى حادثة «سوزانا» المعروفة أكثر بفضيحة لافون، والتي ثبت خلالها تورط العديد من اليهود المصريين في عمليات تخابر لمصلحة إسرائيل، هنا شعر اليهود أنه لا مكان لهم في مصر فخرجوا بكل ما يملكون، ويكفي أن تعلم أن رجل الأعمال سموحة اليهودي خرج من مصر بثروته كاملة التي تقدر بـ50 مليون جنيه إسترليني، فعن أي اضطهاد يتحدثون، ولماذا لا يخرج علينا قيادي إخواني ليطالب بحقوق الأسرى المصريين الذين تعرضوا للقتل وهم عزل من قبل جنود الكيان الصهيوني في حرب 1967، وهي أحداث موثقة في وحدة شاكيد، فلهؤلاء حق جنائي لماذا لا نسعى خلفه؟!