استفهام كبير يجول في ذاكرة كل سوري حر، ويمنّي النفس بشروق فجر الحرية على بلاده التي تخضبت بأنهر من دماء السوريين: لماذا نحن دون غيرنا من البشر لا قيمة لدمنا وعذاباتنا وإنسانيتنا رغم أننا من آدم، وننتمي إلى هذا الكوكب كغيرنا وللإنسانية جمعاء، بل لا تكاد منظمة دولية يخلو فيها مقعد لبلدنا؟

Ad

 وأكاد أجزم أن بعض القوانين الدولية أو كلها تنطبق على حالنا، ورغم هذا يغض المجتمع الدولي الطرف عن أقذر حرب إبادة تشن ضد هذا الشعب؛ مما يساهم مساهمة فعالة في هلاكه وإزالة وجوده  دون إجابة مقنعة!

نعم بتنا نغمة النشاز في دنيا الظلم والعدوان، وفي ظلال المادية المتوحشة التي لا ترى من العدالة الدولية إلا ما يتوافق مع مصالحها، وأمسى استمرار هذه النغمة ضرورة عربية ودولية نظراً لقسوتها على الأذن والعين والنفس عموماً، وحتى تصبح درساً وعظة لبقية الشعوب التي لم يزهر ربيعها بعد بأنها لن تحصد إلا الخريف، «والعزف السوري المؤلم» شاهد ملك على ما سيحدث لهم إن أساؤوا الاختيار.

مرّ عامان من عمر الثورة والقتل والدمار لا يهدآن لحظة، ولم ندرِ يوماً أن الإنسان الذي صدعوا رؤوسنا بحقوقه وقدسية وجوده هو نفس الإنسان الذي يرقد لدينا تحت الأنقاض والمقتول بدم بارد والمتناثر الأشلاء، أم هو مخلوق آخر لم نعرفه؟ ظننا يوماً أن مجازر حماة وحلب في الثمانينيات التي هانت على العالم حدثٌ غير موثق لعدم توافر تقنية المعلومات، وأن التفاصيل مجهولة لدى العالم، ناهيك عن طبيعة الصراع المسلح أصلاً وغير الشعبي؛ مما اعتبر صراعاً داخلياً وطُويت صفحته دولياً، لكن ما عذر المجتمع الدولي والإنساني الآن وفظائع النظام الأسدي باتت بثاً مباشراً في كل بيت؟ وما عذر القانون الأخلاقي في الإنسان الذي لم تهزّه كل هذه الإبادة إلى الآن رغم ثورانه حتى  للكلاب الضالة إن نبحت؟

الفيتو الروسي الصيني عطل الشرعية الدولية تجاه الشعب السوري وبات عقبة كأداء في تطبيق عدالتها بحق النظام الأسدي، لكن أين الشرعية؟ وأين الفيتو؟ وأين الفصل السابع بل الفصول الأربعة في التدخل العسكري الفرنسي في «مالي» والمدعوم أطلسيا بحجة محاربة التطرف الإسلامي؟ ولا ندري إن كان «التطرف الأسدي» أقل خطراً على المنطقة وعلى المصالح الدولية من هذا التطرف؟ ففي سلوكه الإجرامي المدمر مفاتيح كل أبواب التطرف الذي بات يحظى بحاضن شعبي نتيجة للتخاذل الدولي والعربي تجاه نصرة الشعب السوري، وقد يصل بسورية إلى مرحلة الدولة الفاشلة، وهذا يعني أن أفغانستان أخرى قادمة.

قسوة النظام العربي على السوريين بعد الثورة وصلت إلى حد عرقلة أي قانون أو جهد إنساني يجمع شمل الأسر ويحميهم من الإبادة في الزيارة والإقامة؛ ناهيك عن عقبات التحويل المالي، إضافة إلى وقف حتى تأشيرة المرور في بعض الدول، وإن كان العنوان الأكبر لهذه القسوة «الزعتري»، رغم تقديرنا وإجلالنا لكل جهود الإغاثة تجاه الشعب السوري سواء في الداخل أو للاجئين منهم.

آهات وجروح كثيرة ونازفة تدمي القلب من مواقف الأهل والأشقاء والعالم المسمى «الحر» تجاهنا رغم مظهريتها الخادعة.

فثورتنا أبوابها مفتوحة للحوار والحل، لكن ليس تحت مظلة «القاتل والقتلة» مهما كان الثمن، ومهما بلغ الحصار والتضييق، وهما قائمان الآن وبأقبح الوجوه لكنهما لن يكسرا إرادة السوريين إن شاء الله.