قراءة في أحكام «الدستورية»: أربع فرضيات محتملة مع طعون «الصوت الواحد»... وعودة مجلس 2009 ليست مستبعدة

نشر في 09-06-2013 | 00:02
آخر تحديث 09-06-2013 | 00:02
No Image Caption
تعاطي المحكمة مع الطعون لا يخلو من تحقيق حالتي المواءمة والمنطق القانوني العام
مع اقتراب حكم المحكمة الدستورية في الطعون الانتخابية الـ56 المقدمة أمامها والتي ستفصل بها في 16 يونيو الجاري تزيد وتيرة التكهنات حول النتائج التي ستنتهي إليها.
تزيد وتيرة التكهنات حول النتائج التي ستنتهي إليها المحكمة الدستورية مع اقتراب حكمها في الطعون الانتخابية الـ56 المقدمة إليها والتي ستفصل بها في 16 يونيو الجاري، وهو ما يتعين طرح كل الاحتمالات التي قد تنتهي إليها المحكمة في التعاطي مع الطعون الانتخابية والتي قد لا تخلو أحكامها السابقة منها وهي حالة «المواءمة» أي حالة التوازن في إصدار الحكم الصادر منها وحالة «المنطق العام» وهي النتيجة التي سينتهي إليها الحكم بأن تكون مرتبطة بالمنطق القانوني العام الذي ستنتهي إليه سواء في الطعون المقامة على مرسوم الصوت الواحد، أو مراسيم حل مجلس الأمة أو الدعوة لانتخابات مجلس الأمة الحالي مع طرح النتائج التي قد تنتهي إليها المحكمة في كل من الطعون المقامة أمامها.

أربعة سيناريوهات

وتصدي المحكمة الدستورية لطعون الصوت الواحد له أربعة سيناريوهات محتملة يمكن للمحكمة التعاطي معها، ففي النوعين الأول والثاني سيكون هذا التعاطي شكليا بأن تنتهي المحكمة إما إلى عدم قبولها شكلا لنظر هذه الطعون وإما إلى عدم اختصاصها بنظرها من الناحية الشكلية، بينما النوع الثالث والرابع فهو أن تبسط المحكمة رقابتها على الطعون وتفصل في موضوعها وستنتهي لنتيجتين وهما إما قبولها موضوعا وهو ما يعني حكمها بعدم دستورية مرسوم الصوت أو رفضها موضوعا وهو ما يعني سلامة المرسوم الصادر وفق الدستور.

والنوع الأول والثاني الذي ستتعامل معه المحكمة الدستورية مع الطعون هو البحث في قبول شكل الطعون أو رفضها فإن قبلتها شكلا تطرقت للموضوع وإن رفضتها شكلا فقد حسمت أمر عدم رقابتها على هذا النوع من الطعون، وللنوع الأول والثاني من التصدي الشكلي للمحكمة الدستورية للطعون، فإنها في النوع الأول ستنتهي إلى ما انتهت إليه لجنة فحص الطعون في الطعن رقم 2 لسنة 1982 من أن حالة الضرورة هي حالة سياسية يقدرها سمو الأمير ويراقبها مجلس الأمة ولا تخضع لرقابة القضاء، وإذا ما انتهى مجلس الأمة إلى إقرار هذه المراسيم فهو قدر حالة الضرورة معها وإن رفضها فإنه رفض تلك المراسيم ومعها حالة الضرورة، وبالتالي فإن القضاء لا يراقب تلك الحالة السياسية وذلك لكونها حقا خالصا لسمو الأمير في تقديرها من دون أن تكون للقضاء كلمة في الرقابة عليها.

عدم القبول شكلاً

 ومن ثم إذا ما انتهت المحكمة الدستورية إلى هذه الفرضية معتمدة في ذلك على الطعن رقم 2 لسنة 1982 فإنها ستنتهي إلى عدم قبول الطعون شكلا لانحسار رقابة القضاء عنها، لتقطع بذلك الحكم بأمر عدم رقابة القضاء على الطعون التي تقام على مراسيم الضرورة.

بينما النوع الشكلي الثاني الذي قد تنتهي إليه المحكمة هو قبولها للدفع المثار من الحكومة ودفاع مجلس الأمة من عدم اختصاص القضاء ولائيا بنظر المراسيم المتعلقة بين السلطتين ولكون أن ما يتولى أمر الرقابة على مراسيم الضرورة هو مجلس الأمة وحده بحسب نص المادة 71 من الدستور، وبالتالي فإن هذا النوع من المراسيم لا يمكن للقضاء النظر فيه ومن ثم تنتهي المحكمة إلى الحكم بعدم اختصاصها ولائيا بنظر هذا النوع من الطعون لانحسار رقابتها، ومن ثم فإن المحكمة تقضي بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الطعون المقامة على مرسوم الصوت الواحد.

بينما النوعان الثالث والرابع من الفرضيات التي ستتعامل معها المحكمة الدستورية وهي قبولها شكلا بعد أن تنتهي من رفض الدفوع الشكلية سابقة الإشارة، وتلك الأحكام الموضوعية سيتم تناولهما بالنوع الثالث وهو قبول المحكمة للطعون موضوعا ما يعني قبولها للطعون وقضائها بعدم دستورية نص المادة الثانية من المرسوم بقانون الخاص بقانون الدوائر الانتخابية بتعديل عدد الأصوات إلى صوت واحد لمخالفة المرسوم نص المادة 71 من الدستور، بينما النوع الرابع هو أن تقضي المحكمة برفض الطعون موضوعا.

ولتناول النوعين الثالث والرابع بشيء من التفصيل فإن المحكمة الدستورية قبل الخوض الموضوعي بهما ستعلن بسط رقابتها على مراسيم الضرورة برمتها ومن بينها مراسيم القوانين المطعون عليها بعدم الدستورية سواء مرسوم الصوت الواحد أو حتى مرسوم اللجنة العليا للانتخابات مؤسسة بذلك مبدأ جديدا وهو خضوع هذا النوع من المراسيم للرقابة القضائية ومغيرة بذلك النهج الذي سلكته لجنة فحص الطعون بالطعن رقم 2 لسنة 1982 والذي رفض الرقابة على مراسيم الضرورة معتبرة إياها حالة سياسية لا تخضع لرقابة القضاء.

«الدستورية» المصرية

ووفق النوع الثالث من الفرضيات فإن المحكمة ستقضي  بعدم دستورية مرسوم الصوت الواحد مؤيدة بذلك ما ذهبت إليه المحكمة الدستورية المصرية الصادر في عام 1985 بالتصدي لحالة الضرورة لكونها شرطا قانونيا لازما لتفعيل نص المادة 71 من الدستور، وهو ما يعني تحقق المحكمة الدستورية للقيود الزمنية والموضوعية التي وضعتها المادة 71 من الدستور، وللمحكمة الدستورية في حكمها بعدم توافر القيد الزمني والموضوعي لمرسوم الصوت الواحد هو قضاؤها بأن الحالة التي تزعم الحكومة بتوافرها هي حالة ليست بجديدة وكانت موجودة بوجود مجلس 2009 والذي تخلصت منه من أجل الوصول إليها، وما يؤكد أنها ليست بجديدة هو الطعن الذي أقامته الحكومة بعدم دستورية نص المواد 1 و2 من قانون الدوائر الانتخابية والذي اشتكت منه إلى المحكمة الدستورية بذات الاسباب التي ساقتها في المذكرة التفسيرية لمرسوم القانون بتعديل قانون الدوائر الإنتخابية بعدما رفض طعنها أمام المحكمة الدستورية، كما أن حالة الضرورة التي تزعم الحكومة بتوافرها وأعلنت عنها بمرسوم الضرورة لاعلاقة لها بقانون الدوائر الانتخابية وذلك لأن الاسباب التي أوردتها الحكومة في أسباب مرسوم الضرورة هي أسباب أمنية تشير إلى وجود مخاطر داخلية وخارجية دعت إلى التعديل في حين أن القانون الذي تم تعديله لا علاقة له بتلك الحالة الأمنية أو تلك الأسباب، ومن ثم تقضي المحكمة بتلك الاسباب أو غيرها إلى الحكم بعدم دستورية مرسوم الضرورة الصادرلافتقاده الشروط والأركان التي استلزمت توافرها نص المادة 71 من الدستور وبعدم توافر شرط الضرورة لتفعيل نص المادة، مؤكدة بذلك أن إقرار مجلس الأمة للمرسوم الصادر لا يطهره من العوار الذي أصابه منذ نشأته.

بينما النوع الرابع من الفرضيات والذي قد تتعامل معه المحكمة الدستورية مع مرسوم الصوت الواحد وهو وبعد إقرارها لحقها بالرقابة على مرسوم الصوت الواحد وعلى كافة مراسيم الضرورة، تنتهي الى أنها وبمناسبة هذا الطعن ستتحقق من توافر الشروط والأركان التي استلزمتها المادة 71 من الدستور، وتؤكد أن المادة 71 من الدستور استلزمت توافر قيود زمنية وموضوعية لتفعيلها وهي أن تفعيل المادة 71 من الدستور يستلزم غياب مجلس الأمة وهو ما تحقق مع المرسوم الطعون عليه، وقيد موضوعي وهو وقوع حدث طارئ بعد غياب مجلس الأمة استلزم إعمال سلطة التشريع من قبل المخول بإعمالها بهذه الفترة وهي السلطة التنفيذية، والتي لها حق في إصدار مراسيم لها قوة القانون في فترة غياب المجلس، وأن المحكمة وأثناء تحققها  للحدث الطارئ الذي وقع بعد حل مجلس الأمة والذي وردت مبرراته في المذكرة التفسيرية للمرسوم الصادر وبالخطاب الأميري الصادر من سمو أمير البلاد قبل إصداره فإنها تأكدت من توافرها لارتباط تلك المبررات بالتعديل الذي أصاب قانون الدوائر الإنتخابية.

 وبالتالي فإن كلا القيدين الذي استلزمتهما المادة 71 من الدستور قد تحققا، وبالتالي فإن المرسوم المطعون عليه يكون قد صدر صحيحا ومراعيا للقيود التي استلزمتها المادة 71 من الدستور، ولاسيما وأن مجلس الأمة قد اعتمد هذا المرسوم مقدرا لحالة الضرورة التي تطلبها الدستور وبالتالي فإن النعي بمخالفة المرسوم للمادة 71 من الدستور  غير سديد ويتعين رفضه.

تلك هي الفرضيات كاملة لتصدي المحكمة الدستورية للطعون المقامة على مرسوم الصوت الواحد وفي المقابل هناك نوع ثان من الطعون وهو طعون إجرائية قد تتصدى لها المحكمة الدستورية وهي الطعون المقامة على بطلان إجراءات الدعوة لانتخابات مجلس الأمة لصدور المرسوم من حكومة لم تؤد اليمين أمام مجلس 2009 الذي تم حله، وإما لبطلان مرسوم الحل لمخالفته نص المادة 117 من الدستور وتلك الطعون إن تحققت لها أيضا فرضيتان الأولى شكليا بعدم قبولها لكون تلك الطعون مقامة على مراسيم الدعوة أو الحل والمحكمة الدستورية لا يمكنها ان تبحث في بواعث هذه المراسيم وتنحسر رقابتها القضائية عليها. وبالتالي قد تحكم بعدم قبولها شكلا أو أن المحكمة قد تنتهي إلى قبولها شكلا لكنها لا ترى بوقوع أي مخالفة فيها من شأنها أن تنتهى إلى بطلانها بعدما تتأكد من توافر كل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة.

بطلان المراسيم

وفي الفرضية الثاني تنتهي المحكمة في هذا النوع من الطعون إلى القضاء ببطلان تلك المراسيم لافتقادها الإجراءات التي نص عليها الدستور، مستندة في ذلك إلى حكمها الصادر في 20 يونيو العام الماضي ببطلان مجلس فبراير 2012 وتقضي مجددا ببطلان المجلس الحالي وتقرر عودة مجلس 2009 ليكمل ما تبقى له من مدة الأربعة سنوات والتي تعرضت للوقف على أن تقرر المحكمة الدستورية بسريان القوانين الصادرة من المجلس المبطل ومن بينها مراسيم الضرورة التي أقرها المجلس ومن بينها طعون الصوت الواحد واللجنة العليا للانتخابات المطعون عليها.

 وللمحكمة الدستورية أن تقضي بهذا النوع من الطعون وتكتفي بالفصل دون أن تكمل الفصل بباقي الطعون المعروضه أمامها ومن بينها الطعون المقامة على الصوت الواحد.

أخيرا فإن هناك طعونا أخرى مقامة أمام المحكمة الدستورية لا تتعلق بمراسيم الصوت ولا حتى بمخالفة الإجراءات وإنما تتعلق إما ببطلان عضوية عدد من النواب لافتقادهم شرط حسن السمعة أو لخطأ في النتائج المعلنة بفوز عدد من النواب المطعون بنتائجهم وقد تحكم المحكمة بقبولها ببطلان عضويتهم أو بإعلان الفائزين لكن المحكمة إذا ما انتهت من قبول طعون الصوت الواحد أو الإجرائية فلن تتطرق الى هذا النوع من الطعون لعدم الحاجة إلى الفصل لها، وفي المقابل لا يمكنها الفصل بهذا النوع من الطعون إلا إذا رفضت طعون الصوت الواحد أو الطعون الإجرائية المشار إليها.

back to top