لاقت المبادرة الروسية لوضع السلاح الكيماوي السوري تحت إشراف دولي ردود فعل دولية متفاوتة، في وقت برز موقف شديد التحفظ لدول مجلس التعاون الخليجي، التي اعتبرت، عقب اجتماع لوزراء خارجيتها في المملكة العربية السعودية أمس، أن المبادرة الروسية "لا توقف نزيف الدم" في سورية.

Ad

وبينما انطلقت في نيويورك مشاورات تمهيدية في مجلس الأمن حول مشروع قرار فرنسي للسيطرة على ترسانة دمشق الكيماوية والاستناد إلى الفصل السابع في تحميل النظام مسؤولية المجزرة وعواقبها، جاء الرفض الروسي قاطعاً وسريعاً. وقالت "الخارجية" الروسية، في بيان، إن سيرغي لافروف اتصل هاتفياً بنظيره الفرنسي لوران فابيوس وأبلغه أن "اقتراح فرنسا إصدار قرار في مجلس الأمن يحمِّل دمشق مسؤولية استخدام الكيماوي لا يمكن قبوله".

أما في جدة، فسجّل مجلس التعاون الخليجي موقفاً قوياً شكك في المبادرة الروسية، واضعاً إياها في إطار المناورة، وداعياً إلى معالجة نهائية للوضع في سورية.

وقال وزير خارجية البحرين الشيخ خالد آل خليفة، الذي تترأس بلاده الدورة الحالية للمجلس، في مؤتمر صحافي أعقب الاجتماع، إن "مسألة السلاح الكيماوي لا توقف نزيف الدم في سورية، والقضية لا تتعلق بنوع سلاح واحد، فالنزيف مستمر منذ سنتين ونطلب إيقافه"، مضيفاً: "لقد سئمنا المماطلة والتسويف".

وشدد على أن موقف "المجلس ثابت وموحّد تجاه سورية (...) لم يتغير ولم يتأثر بأي تصريحات صدرت في اليومين الماضيين، نريد وقف نزيف دم الشعب السوري وإنهاء معاناته، والمبادرات يُسأل عنها أصحابها".

وأكد الوزير البحريني أن دول الخليج "واعية لأخطار تداعيات أي ضربة لسورية وجاهزة للتعامل معها، وتصورنا واضح حول حماية أنفسنا وشعوبنا"، مضيفاً: "نحن لا نجري اتصالات مع واشنطن لتسريع الضربة إنما اتصالاتنا هدفها وقف النزيف".

وفي البيان الختامي الذي صدر عن الاجتماع، حمّل المجلس الوزاري الخليجي "نظام بشار الأسد مسؤولية استمرار المآسي الإنسانية في سورية ورفضه للجهود الدولية الجدية لحل الأزمة". وأعرب المجلس عن قلقه من "محاولات النظام التسويف والتعطيل بينما يستمر في بطشه وعنفه ضد الشعب السوري"، مؤكداً تأييده لـ"الإجراءات الدولية التي تتخذ لردع النظام عن الاستمرار في القتل".

وفي الشأن العراقي، أكد المجلس "ضرورة التزام العراق بوقف التدخلات التي تقوم بها أطراف عراقية في الشؤون الداخلية لدول المجلس، احتراماً لمبادئ حسن الجوار والسيادة الوطنية"، مرحباً في الوقت نفسه بالتقارب العراقي- الكويتي.

وكان مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الكويتية أعرب أمس، في بيان، عن "تأييد دولة الكويت لما جاء في بيان مجموعة الدول الـ11 في قمة مجموعة العشرين بشأن سورية، وبالأخص ما أشار إليه البيان بشأن التأكيد على أن عدم التصدي لاستخدام الأسلحة الكيماوية يترتب عليه خطر متزايد في التوسع في استخدامها وانتشارها".

وجاء في البيان أن "دولة الكويت تؤيد كذلك ما دعا إليه بيان مجموعة الدول الـ11 من استجابة دولية صارمة بهدف إيصال رسالة واضحة مفادها أنه لا يمكن السكوت عن مثل هذا العمل الذي يعد انتهاكاً خطيراً للقوانين الدولية ومعاهدة حظر استخدام الأسلحة الكيماوية، ويجب محاسبة من يرتكب مثل هذه الجرائم".

 وكان البيت الأبيض أعلن مساء أمس الأول أن عدد الدول التي انضمت إلى هذا البيان بلغ 26 دولة، بينها 4 دول عربية، هي السعودية وقطر والبحرين والمغرب.

وفي واشنطن، أجّل مجلس الشيوخ الأميركي التصويت الذي كان مقرراً اليوم على منح الرئيس باراك أوباما تفويضاً لاستخدام القوة في سورية إلى أجل غير مسمى، في حين أعلن زعماء جمهوريون كبار عن نيتهم عدم التصويت لمصلحة "الضربة". وتباينت التصريحات الصادرة عن مسؤولين أميركيين بين ترجيح اللجوء إلى الخيار السلمي بالاستفادة من الأجواء التي خلقتها المبادرة الروسية، وبين الإصرار على إبقاء الضغوط على دمشق من بوابة الهجوم العسكري.

(جدة، موسكو، باريس، واشنطن ـــ أ ف ب، كونا، رويترز، د ب ا، يو بي آي)