• 3 سنوات على إنشاء هيئتي «العمل» و«المعاقين»... والإنجازات خجولة

Ad

• المحاصصة السياسية في اختيار كوادرها تفشلها وتضر بمصالح قاصديها

كثرت قرارات إنشاء الهيئات المستقلة في وزارة الشؤون، الأمر الذي يطرح أكثر من تساؤل حول جدوى تلك الهيئات وإمكانية معالجتها لبعض الأزمات التي تعانيها الوزارة.

أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل قبل ايام عن انتهائها من إعداد مشروع قانون إنشاء الهيئة العامة للرعاية الاجتماعية تمهيداً لرفعه إلى مجلس الوزراء. وقال وكيل الوزارة عبدالمحسن المطيري عن هذا المشروع إنه «نقلة نوعية بالنسبة للوزارة، كما أنه حل جذري ونهائي لتطوير خدمات الرعاية الاجتماعية في البلاد، لما تتمتع به الهيئة من مرونة واستقلالية بعيدا عن البيروقراطية».

غير أن سؤال المرحلة: هل حقاً تستطيع الهيئات المستقلة التي تعددت خلال السنوات الثلاث الماضية إصلاح ما أفسده الدهر في وزارة الشؤون ذات القطاعات الخدماتية الكبرى؟

الإجابة عن هذا السؤال تحتاج إلى النظر بموضوعية الى ماهية «الهيئات المستقلة» التي أشهرت خلال السنوات الماضية، والتي كانت قبل ذلك قطاعات مهمة تابعة للوزارة، وانفصلت عنها كلياً كما هو الحال مع الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، أو جزئياً كالهيئة العامة للقوى العاملة؟ وهل فعلاً حقق انفصال هذه القطاعات الهدف المرجو منه وساهم بصورة فاعلة في الارتقاء بالخدمات المقدمة للفئات المستفيدة؟ أم أنه كان شكلياً وأضر بمصالح المراجعين وتسبب أكثر في تعطيل إنجاز معاملاتهم؟

قانونا «العمل» و«المعاقين»

في عام 2010، وافق مجلس الأمة بأغلبية أعضائه على إصدار القانون رقم (6) الصادر بشأن العمل في القطاع الأهلي، والقانون رقم (8) الصادر بشأن حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ونص القانونان على إنشاء هيئة مستقلة تعنى بشؤون وحقوق الفئات التي يقوم بخدمتها، فقضت المادة (9) من قانون العمل بأن «تنشأ هيئة عامة ذات شخصية اعتبارية وميزانية مُلحقة تسمى الهيئة العامة للقوى العاملة يشرف عليها وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، تتولى الاختصاصات المقررة للوزارة في هذا القانون، وكذلك استقدام العمالة الوافدة دون سواها، بناء على طلبات أصحاب العمل، ويصدر بتنظيمها قانون خلال سنة من تاريخ العمل بهذا القانون، في حين قضت المادة (47) من قانون المعاقين أن «تنشأ هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية، تسمى الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، وتخضع لإشراف النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء».

«هيئة العمل»

وبقراءة الفقرة الأخيرة من نص المادة (9) من قانون العمل نلاحظ أنها قضت بإنشاء «هيئة العمل» خلال سنة من تاريخ العمل بالقانون الصادر عام 2010، غير أنه مع بلوغنا عام 2013، الذي شارف على الانتهاء، لم يتم العمل «بالهيئة» رغم موافقة مجلس الأمة على القانون الذي ينظمها، وما تزال مشكلات العمل والعمال تؤرق الوزارة، وتحرج الكويت أمام منظمات العمل الدولية، ولدى منظمات حقوق الإنسان، فضلاً عن استمرار تجارة الإقامات، رغم الإجراءات التي اتخذتها الوزارة في هذا الصدد، والتي روجت أكثر لها، بدلاً من القضاء عليها أو الحد منها، فضلاً عن الفساد المستشري والمستفحل داخل إدارات العمل، والذي ينعكس وبالاً على سوق العمل.

«هيئة المعاقين»

وتختلف «هيئة المعاقين» عن «هيئة العمل»، كونها وفقا لنص المادة (47) من قانون المعاقين انفصلت تماما عن «الشؤون»، واستقلت مادياً عنها، وصارت تابعة للنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، لكنها أيضاً تعاني الكثير من المشكلات، فإلى الآن لم يتم الفصل الفعلي عن وزارة الشؤون، وإلى الآن لم يتم الانتقال إلى مبناها الجديد، بدلاً من المبنى الحالي ذي الطوابق المتعددة الذي يؤرق قاصديه من ذوي الفئات الخاصة، ناهيك عن الشكاوى المتكررة من المعاقين لعدم تفعيل أكثر من 50 في المئة من مواد القانون.

 فهل بعد كل هذا يحتاج الأمر إلى إشهار هيئة ثالثة تعنى بشؤون الرعاية الاجتماعية، هذا القطاع الحيوي الضخم الذي يقدم خدماته إلى مئات النزلاء من المعاقين والمسنين والأحداث وأبناء الحضانة العائلية داخل دور الرعاية وخارجها؟ حتى يصل به الأمر إلى مثل ما سبقه من قطاعات استقلت وصارت هيئات؟

 تعد الهيئات المستقلة المتخصصة خطوة صائبة في طريق انجاح أي عمل، لكنها تحتاج إلى اختيارات جادة لمن يتولاها، تكون بعيدة عن المحاصصة السياسية، يتم خلالها اختيار الأصلح والأكفأ والأكثر تخصصاً، حتى يتسنى له النهوض بها، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمستفيدين منها.