«إن لم تكن ذئباً...»

نشر في 26-01-2013
آخر تحديث 26-01-2013 | 00:01
 يوسف عوض العازمي ما يحدث من مآسٍ للشعب السوري داخل الوطن وخارجه لا يمكن  السكوت عنه أو تجاهله، فشعب الداخل أصبح أداة للحرب رغم  أنفه، سواء من شارك في التظاهرات أو من لم يشارك.

لقد أصبحت بلاد الشام بالكامل منطقة عمليات عسكرية، ويكذب من يقول إن القوة الفلانية أو العلانية تسيطر عليها، بل إن القتل والرعب والخوف هي المسيطرة.

شعب الداخل حتى في المناطق التي لم يصلها إليها القتال غير آمن على نفسه من تلك المواجهات المؤسفة بين نظام فاشي قمعي مدعوم دولياً (حتى الصمت يعتبر دعماً للنظام)، وثوار تسلحوا بحثاً عن استقلال البلد عن مستعمره الداخلي، حيث لا دعم سوى بالتصريحات والشجب والإدانة والاستنكار وغيرها مما تعود عليه العرب، حيث يصبح الفعل هو الاستثناء والكلام هو الأصل.

كنت قد قلت سابقاً في هذه الزاوية إن بشار لن يسقط إلا بإحدى اثنتين: إما تدخل عسكري دولي، أو إسقاط النظام من داخله بانقلاب داخل حزب البعث، وغير ذلك "انسى" لا توجد أي قوة داخل سورية تستطيع الإطاحة بالنظام لفرق الإمكانات، وإلى الآن الأيام تؤكد صحة كلامي، واسأل أي مواطن سوري بينك وبينه نفس السؤال فإنك من الصعب جداً أن تجد سورياً واحداً مقتنعاً بغير ذلك.

إذن... ما الحل؟ الحل هو ترتيب الصفوف، وإعادة هيكلة الإدارة السياسية والعسكرية والاستراتيجية للثوار، إذ يفترض تشكيل فريق عمل سياسي من داخلهم، يملك الصلاحيات اللازمة للتفاوض والمساومة والتكتيك المطلوب لمواجهة نظام البعث والدول الداعمة له، حتى إن تقديم تنازلات معينة ليس عيبا، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية أسوة حسنة، ودرس سياسي عظيم.

عندما تملك فريقا سياسيا لديه الصلاحيات اللازمة على الأرض،  وله نفس تفاوضي عال، ويحظى بدعم الثوار فعلياً، عندها يمكن أن نقول إن هناك تغييرا سيحدث في قواعد اللعبة السياسية والعسكرية.

ما ذكرته مهم جداً، فالشعب السوري الكريم الأبي أصبح داخلياً  تحت رحمة البنادق والقناصة، والبرد، والمجاعة، وسوريو الخارج  أصبحوا تحت رحمة والي سورية (مع الأسف الشديد) في تركيا,  والابتزاز من عرب الأردن (أشدد على كلمة عرب)، ورغم الجهود الإغاثية المستمرة فإن الابتزاز وسوء المعاملة هما الواضحان مع الأسف، سواء من تركيا أو من الأردن.

الحرب كرّ وفرّ، والثوار لا يملكون الأدوات اللازمة لتحقيق  النصر العسكري، والوقت يمر ولا سبيل إلا بالعقلانية والتصرف  السياسي والاستراتيجي السليم، فأنت أمام عدو لا يخاف الله في  أرضه وشعبه، فـ"إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب".

back to top