الفرق بين الاحتجاج السلمي وأعمال الشغب
إن الاحتجاجات السلمية بأشكالها المتعددة تختلف اختلافاً جذرياً عن أعمال الشغب والتخريب التي تخرج تماماً عن الطابع السلمي، فتتضمن على سبيل المثال لا الحصر مهاجمة قوى الأمن والاشتباك معها وتعطيل المرافق العامة وتحطيم المحال التجارية والاعتداء على الشخصيات العامة والخطف وعمليات النهب والسلب.
الاحتجاجات السلمية كالمسيرات والمظاهرات والاعتصامات والإضرابات، وبصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع من ينظمها أو ما يطرح أثناءها من شعارات أو مطالب، هي شكل متحضر من أشكال الاعتراض السلمي على قرارات الحكومة وسياساتها العامة، وهي مباحة دستوريا وفي المواثيق الدولية أيضا، ويأتي القانون سواء في الكويت أو في الدول الديمقراطية كبريطانيا وفرنسا وأميركا لينظمها بعد إخطار وزارة الداخلية بموعدها ومكانها لكي تتمكن الوزارة من القيام بدورها الأمني في حماية أرواح الناس وضمان عدم خروج الاحتجاجات السلمية عن المسار المحدد لها أو تحولها إلى أعمال شغب وتخريب. من هنا فإنه لا صحة إطلاقا لادعاء البعض بأن قوى الأمن في الدول الديمقراطية تستخدم العنف المفرط لتفريق المظاهرات السلمية، فتضرب الناس العزّل الأبرياء وتطلق عليهم الرصاص الحي، فتراهم على حد زعم أحدهم (جثثاً في الشوارع!).
هذا الادعاء الذي يروج له بعض الذين يحاولون تبرير موقفهم غير الإنساني المؤيد لضرب الناس وقمعهم أثناء مسيرات "كرامة وطن والمناطق والبدون" هو ادعاء باطل جملة وتفصيلاً، حيث إن قوى الأمن هناك توفر الحماية اللازمة للاحتجاجات السلمية، وفي حالة حصول تجاوزات، خاصة في ما يتعلق بحقوق الإنسان، فإن هذا الأمر لا يبرر إطلاقاً ولا يسكت عنه، بل تُنتقد الحكومة بقسوة وتحاسب حساباً عسيراً من قبل البرلمان إذا لم تقم بواجبها في معاقبة من تسبب في ذلك. أما هنا فالناس تضرب بالهراوات وتستنشق الغازات لمجرد تعبيرها عن رأيها بشكل سلمي وحضاري، بينما يصمت أعضاء مجلس الصوت الواحد صمت القبور، بل يدعو بعضهم بشكل سافر ولا إنساني أجهزة الأمن للاستمرار في ضرب الناس وقمعهم، وهو ما لم يحصل قط في أي برلمان محترم في العالم، حيث إن أعضاء البرلمان الحقيقي الذين يمثلون الأمة فعلا يدافعون عن حقوقها ويحاسبون السلطة التنفيذية إن انتهكت مواد الدستور والمواثيق الدولية التي وقعت عليها أو استخدمت القانون بانتقائية وتعسف مع أي إنسان كان بمن فيهم أعضاء المعارضة؛ لأن البرلمان الحقيقي ليس جهازاً ملحقاً بالحكومة!وبالطبع فإن الاحتجاجات السلمية بأشكالها المتعددة تختلف اختلافاً جذرياً عن أعمال الشغب والتخريب التي تخرج تماماً عن الطابع السلمي، فتتضمن على سبيل المثال لا الحصر مهاجمة قوى الأمن والاشتباك معها وتعطيل المرافق العامة وتحطيم المحال التجارية والاعتداء على الشخصيات العامة والخطف وعمليات النهب والسلب وإضرام الحرائق وتعطيل الطرق العامة كما سبق أن حصل في أميركا وفرنسا وبريطانيا وبعض الدول الأوروبية. وبما أن قوى الأمن تمتلك القوة وهي الأقدر على ضبط النفس فإن من مسؤوليتها عدم الاستجابة السريعة للاستفزازات، ثم التدرج في استخدام القوة حتى أثناء أعمال الشغب والتخريب؛ لأن الهدف هو منع المخالفين ووقف أعمال الشغب والقبض على من يقوم بها لمحاكمته لا تعمّد إيذاء الناس أو إهانتهم أو قتلهم!