للحب مزاج أنثوي!

Ad

قد يكون هذا الرأي صادم لذكورة الرجال، ومتضاد مع ما يتمنونه لرجولتهم وما تشكّل في عقولهم من مفهوم لماهية الرجولة، إلا أن هذا الرأي في اعتقادي أقرب إلى الحقيقة.

وربما لهذا السبب المتعلّق بمزاج الحب، لا يجد الرجال أنفسهم في تصالح تام معه. أعنف صراعات الحب غالبا ليست مع المرأة وإنما مع الرجل.

الحب لا يخوض مع المرأة معارك عنيفة. المرأة بالنسبة إليه وطن محتل له حتى قبل أن يحتلّه، ليس عليه سوى أن يرسل رسولا يطلب فتح الأبواب ورفع الراية البيضاء فيتم له ذلك.

طريق الحب إلى قلب المرأة مفروش بالورد وحبات الأرز والزغاريد.

المرأة بيئة صالحة جدا لاستيطان الحب لطبيعتها الأنثوية التي تناسب مزاج الحب.

الحب يعشق العطور، ينشغل بتنسيق الورود.

يحب الموسيقى ويردّد الأغاني، يتوسد قصائد الشعر الزاخرة بالوجد.

يستأنس بالقلوب الرقيقة الشفافة.

يهوى رغد المشاعر، ويجيد نسج الأحلام من القطيفة وتطريز أطرافها بالدانتيل.

يعرف جيدا كيف يغيظ برودة دم الصبر بمجرد خيوط  صوفٍ ومغزل.

يسكب الدموع بكرم سحاب شتائي مكتنز بالماء.

يستلذ بالنعومة.

يجعل من الخيال طائرة ورقية تقوده ولا يقودها، يعقد حبالها في رسغه لتأخذه منتشيا إلى السماء بلا هدى.

كل هذه الصفات في الحب لا تجد ما يناقضها في طبيعة المرأة، لذا يسهل على الحب والمرأة أن يتعايشا معاً.

على العكس مما يحدث مع الرجل.

في البداية يظن الرجل أن الحب مجرد شعور جميل يمنحه متعة الوجود، وأنه قادر على تلبية استحقاقاته، وشيئاً فشيئاً يكتشف متأخراً أن أهم الاستحقاقات التي يطلبها منه الحب هي أن يعيد صياغة «رجولته»!

وهنا تبدأ أشرس المعارك بين الحب والرجل.

يبدأ الحب بفرض شروطه، ومحاولة إدخال الرجل عنوة إلى مركز تأهيل ليعيد بناءه من الداخل من جديد.

يعلّمه كيف يبكي دون أن ينقص ذلك من احترامه لذاته شيئا!

يعلمه كيف يرقّ دون أن يشعره ذلك بالانكسار!

وكيف يتنازل دون أن يستطعم الذلّ.

وكيف يرقص، وكيف يغنّي، وكيف يطرب.

وكيف يقفز فرحا كالأطفال دون أن ينال ذلك من قدر هيبته شيئا.

أما أصعب الدروس التي يعلمها الحب للرجل وأقساها... فهي أن يقبل الرجل بضعفه أمام امرأة بل ويحبه!

إلا أن الحب لا يحاول سلب الرجل كل معالم رجولته، ولكن... وهذه هي المعادلة الصعبة، يحاول الحب أن يمزج بين بعض طباع الأنثى وصفات الرجل في كائن جديد، فهو يحاول الإبقاء على بعض الصفات مثل المروءة، والشهامة، والنبل، والشجاعة في الدفاع عمّا يريد.

لذا فإن قلة من الرجال الذين يصل معهم الحب إلى نتيجة في صالحه، كثير من الرجال يهرب من مركز التأهيل منذ الدرس الأول، وبعضهم يصبر قليلاً، وندرة أولئك الذين يُكْملون!

الرجل يريد بالحب أن «يتأنسن»، والحب يريد من الرجل أن «يتأنثَن»، فيكون الفراق.

لهذا تحديدا فإن الرجل إذا أحب يوازي حبه، حب جميع النساء!