معالي وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير البلدية الشيخ محمد العبدالله ذكّرنا -جزاه الله خيراً- في تصريح مهم له عقب اجتماع مجلس الوزراء الأخير بالاختلالات الخطيرة في القوى العاملة في البلد، والمخاطر التي ستواجه جهود تأمين الوظائف للأجيال المقبلة، وكذلك الحالة السيئة للقطاع الحكومي بسبب تكدس الموظفين فيه بأعداد تبلغ ضعفي الحاجة الفعلية للقطاع المترهل بسبب ذلك. الشيخ محمد من مسؤوليات موقعه أن يذكرنا جميعاً بهذه المخاطر حتى يستنهض جميع مؤسسات الدولة الرسمية والأهلية لمواجهتها.

Ad

وطبعاً فإن الحكومة هي المسؤول الأول عن شؤون البلد، الذي يجب أن تواجه مشاكله بالقرارات واقتراح التشريعات المناسبة لها، وكما نعلم فإن الحل الرئيس في معالجة اختلالات سوق العمل الكويتي هو توجيه العمالة الوطنية إلى القطاع الخاص، الذي أدمن منذ عقود على العمالة الوافدة الرخيصة التي توفر له هوامش ربح كبيرة. وفي بداية الألفية الحالية أسفرت حملة توجيهية كبيرة من وسائل الإعلام وجهات أخرى إلى توجه مئات الشباب الكويتيين الطموحين إلى العمل في البنوك وشركات الاستثمار وعقود الشركات الأهلية في القطاع النفطي وغير ذلك من جهات القطاع الخاص... فماذا كان مصيرهم؟

منذ أمد طويل وأنا أستمع إلى شكوى العديد منهم وتجاربهم وما آل إليه مصيرهم، ولكن تصريح الوزير العبدالله الأخير جعل الوقت مناسباً لأطرحها، ففي الشركات الاستثمارية كان الشباب الكويتيون أو من ضُحي بهم عند الأزمة المالية العالمية في 2008، وفي البنوك يشكون مُر الشكوى من أنهم قضوا، وأغلبيتهم جامعيون، سنوات كعمال بدالة ثم موظفي "كاونتر"، وبعد ذلك قضوا سنوات أخرى للحصول على دبلومات مصرفية ومحاسبية عالية من معهد الدراسات المصرفية وجهات أكاديمية رفيعة ليجدوا المناصب الإشرافية والمتقدمة محجوزة لأبناء الملاك والمساهمين الكبار وأبناء أسر معينة، ليتم لاحقاً تجميدهم وظيفياً وكذلك رواتبهم، ومناكفتهم ليستقيلوا ويتوجهوا إلى القطاع الحكومي في ردة كبيرة شهدناها خلال العامين الماضيين.

وفي وظائف عقود الشركات الخاصة في القطاع النفطي لم يكن الوضع أفضل، بل يعاني الشباب هناك كذلك التمييزَ بسبب الفارق الكبير بين رواتبهم وامتيازاتهم وبين ما يحصل عليه أقرانهم بنفس الوظائف والمهام في الشركات النفطية الحكومية، إضافة إلى حرمانهم حتى من الرعاية الصحية التي يتمتع بها موظفو القطاع النفطي، بالإضافة إلى استفراد المقاولين بهم في الرواتب وخلافه دون وجود حد أدنى لكل مؤهل وخضوع العملية للمساومات، وفشل اقتراح أن تدفع مؤسسة البترول الكويتية مكافأة للموظف الكويتي على العقود الخاصة بجانب راتب المقاول وراتب دعم العمالة الوطنية حتى يكون متقارباً مع ما يتمتع به موظفو القطاع النفطي الحكومي لمنع التسرب من هذه الوظيفة بسبب التزاماتها الكبيرة وطول فترة الدوام اليومي فيها.

هذا يا شيخ محمد العبدالله، غيض من فيض، مما يعانيه الشباب الكويتيون في القطاع الخاص الذي تخططون لأن يستوعب مزيداً من أبنائنا، فهل أنت مستعد أن تقدم شيئاً لهم، وتدخل إحدى جلسات مجلس الوزراء المقبلة وأنت تحمل حزمة دعم الشباب الكويتيين في القطاع الخاص، عبر قرارات واقتراحات بقوانين تسمح بتوسيع صلاحيات جهاز هيكلة العمالة الوطنية لتلقي شكاوى الشباب ومظالمهم في القطاع المصرفي والاستثماري، وأحقية تقييم كفاءتهم وتأهيلهم عند شكوى التجميد وغيره، وصلاحية إيقاع الجزاءات على الجهات المخالفة، وكذلك بلوائح ملزمة تضع الأجور الدنيا للكويتيين في نظام العقود في القطاع النفطي وفقاً للمؤهل، وإمكانية صرف مكافأة من مؤسسة البترول الكويتية لهم إلى جانب رواتبهم لتقليص فرق الرواتب بينهم وبين زملائهم في القطاع النفطي الحكومي، ومنحهم كل الامتيازات الممنوحة لهم، فضلاً عن ميزات إضافية للشركات والبنوك التي ترفع نسبة العمالة الوطنية فيها تطوعاً، فهل تفعلها يا شيخ محمد لننتقل من مرحلة التنبيه والتذكير إلى مرحلة الفعل والإنجاز؟