قرار غير صحي بحق الأطباء «البدون»
يبدو أن الحكومة ليست جادة في وضع حل جذري لأزمة "البدون" المزمنة فحسب، بل هي ماضية أيضاً في المزيد من الإجراءات غير المفهومة التي تفوِّت فرص الاستفادة من الطاقات والكفاءات من هذه الفئة لخدمة المجتمع! وآخر هذه القرارات هو منع الأطباء "البدون" من القبول في "البورد الكويتي" للتخصصات الطبية بعدما كان يتم قبول عدد ضئيل منهم في السنوات السابقة.فلا يخفى على العارفين أنه لا يمكن لأي طبيب أن يتخطى مسمى "مساعد مسجّل" ما لم يحصل على مؤهلات تتيح له الترقي والتدرج في الوظيفة للوصول إلى مرحلة المسجل الأول، إلى أن يصل إلى مرحلة الاستشاري، وهي ما تعادل الدكتوراه، ويحتاج الطبيب للوصول إلى هذه المرحلة أن ينضم إلى برنامج تدريبي (أو ما يسمى بالبورد) بحيث يحصل على تعليم وتدريب مكثفين في تخصص طبي معين، كالباطنية والجراحة وأمراض الدم والجلدية وغيرها.
ويقوم معهد الكويت للتخصصات الطبية بتنظيم برنامج في "البورد الكويتي" لتأهيل الأطباء، ويوفر العديد من التخصصات الطبية التي تقبل عدداً متفاوتاً من الأطباء للانضمام إليها، وجرت العادة في السنوات الماضية على أن يحصل الأطباء الكويتيون على أكثر المقاعد بينما يحصل غيرهم من وافدين و"بدون" على مقاعد قليلة في هذه البرامج التدريبية. وعلى الرغم من حصول الأطباء "البدون" على وعود من مسؤولي وزارة الصحة بزيادة مقاعدهم في هذه البرامج وإتاحة مجال أكبر لهم للمنافسة، كانت المفاجأة هذه السنة أن يرفض معهد الكويت للتخصصات الطبية حتى قبول طلبات تقديم الأطباء "البدون" لهذه البرامج، وحصرها على الأطباء الكويتيين أو غير الكويتيين ممن تخرجوا من جامعة الكويت فقط.الأكثر إيلاماً، أن الطبيب "البدون" ليس لديه أي مجال للقبول بأي بورد غير الذي توفره الكويت عن طريق هذا المعهد، في حين أن الطبيب الكويتي- أو الوافد- له خيار السفر والانضمام إلى البرامج المقدمة من الدول الأخرى بالخارج.وفي الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات لرفع الظلم عن هذه الفئة المنسية، يأتي هذا القرار من جانب وزارة الصحة التي يفترض بها أن تكون بمنأى عن أي جدل سياسي وتزن الأمور بموضوعية. فالأولى احتضان الأطباء من هذه الفئة في ظل النقص الذي تعانيه وزارة الصحة في جميع التخصصات بسبب التوسع في الخدمات الصحية، خصوصاً إذا عرفنا أن أغلبهم، إن لم يكن كلهم، متميزون لصعوبة حصولهم على مقاعد في كلية الطب من الأساس، ناهيك عن أنهم أبناء البلد (مع وقف التنفيذ) وهم أولى من الوافد في التدريب.إنه لمن المعيب أن يصدر هذا القرار الذي يعد خطوة للخلف وليس للأمام في هذا الوقت بالذات مع حديث الحكومة عن حلول لهذه الفئة المظلومة، فبعض الدول مثل كندا لا تسعى فقط إلى احتضان الكفاءات وأصحاب الشهادات بل تقوم بتجنيسهم لمعرفتها بأنهم يعدون إضافة نوعية للمجتمع ويساهمون في تقدمه، لكن ما يجري عندنا هو العكس تماماً وللأسف الشديد.