الى جانب مشهد المعارك اليومية المتواصلة منذ 22 شهراً، انقسم المشهد السوري أمس الى جزأين، أولهما الخلاف الحاد في صفوف المعارضة السورية على خلفية إعلان رئيس الائتلاف الوطني المعارض الشيخ أحمد معاذ الخطيب استعداده للتحاور مع ممثلين عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وثانيهما تداعيات ومعاني الغارة الإسرائيلية التي قالت دمشق انها استهدفت مركزا علميا للبحوث في ريف العاصمة.

Ad

وعقد الائتلاف الوطني أمس اجتماعاً في القاهرة لمناقشة تصريحات الخطيب. وشارك في الاجتماع رئيس المجلس الوطني السوري الذي انتقد بشدة أمس دعوة الخطيب الى التحاور مع الأسد.

وجدد سفير المعارضة السورية في فرنسا منذر ماخوس أمس تصريحات الخطيب وإن بصيغة مختلفة، مؤيدا التحاور مع ممثلين عن النظام بشرط استثناء الأسد والمحيطين به من الحوار «لأنهم مجرمو حرب».

وأقر ماخوس بحصول «بعض المرونة» في موقف الائتلاف، مشيراً الى أن الخطيب «يشعر بمسؤولية خاصة لمحاولة حلحلة الوضع ازاء الكارثة التي لاتزال مستمرة في سورية».

وفي حين انقسمت صفوف المعارضة بين مرحب بمبادرة الخطيب ومعارض لها، اعتبرت صحيفة «الوطن» السورية انها دليل على «تفكك المعارضة السورية في الخارج وتفسخها وعدم تمكنها من اتخاذ موقف موحد إزاء الأزمة السورية وسبل حلها».

وأشارت الصحيفة الى أن «التحول في موقف الخطيب يأتي بعد ساعات من اجتماع فاشل للاتئلاف في باريس، وبعد صدور بيان للمجتمعين من معارضة في جنيف ايدت فكرة الحوار». وتوقعت الصحيفة «ظهور تجمع جديد أكثر واقعية وأكثر حنكة، هدفه ليس جني المال العربي والغربي، بل العمل على إخراج سورية من أزمتها والمضي نحو بناء مجتمع ديمقراطي تعددي لا مكان فيه للأصولية السياسية والعسكرية».

واشنطن والإبراهيمي

وفي خطوة، اعتبرت تأييداً ضمنياً له، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إن ما أعلنه الخطيب يتفق مع ما ورد في «اتفاق جنيف»، ودعت إلى «انتظار رد النظام السوري على ذلك».

وحول رفض أطراف في المعارضة لهذه الخطوة، قالت نولاند إن «المعارضة السورية هي التي ستعبر عن نفسها لتوضح كيفية المضي قدما في المرحلة المقبلة نحو مرحلة انتقالية، ومع من ستكون مستعدة للعمل».

بدوره، أعلن المبعوث العربي والأممي الى سورية الاخضر الابراهيمي أن تصريح الخطيب «إعلان يحظى باهتمام... دعونا ننظر كيف سترد الحكومة السورية عليه وكيف ستكون ردة الفعل لدى زملاء معاذ الخطيب».

 الغارة الإسرائيلية

في سياق آخر، استدعت وزارة الخارجية السورية قائد قوات الأمم المتحدة في الجولان أمس للاعتراض على الغارة الإسرائيلية على موقع بحثي عسكري في ريف دمشق، داعية الى «اتخاذ ما يلزم لوضع الأطراف المعنية في الأمم المتحدة بصورة الانتهاك الإسرائيلي الخطير والعمل لضمان عدم تكراره».

وكان الجيش الموالي للأسد أعلن مساء أمس الأول في بيان أن «طائرات حربية إسرائيلية اخترقت مجالنا الجوي فجر اليوم (الأربعاء) وقصفت بشكل مباشر أحد مراكز البحث العلمي المسؤولة عن رفع مستوى المقاومة والدفاع عن النفس الواقع في منطقة جمرايا بريف دمشق، وذلك بعد أن قامت المجموعات الإرهابية بمحاولات عديدة فاشلة وعلى مدى أشهر للدخول والاستيلاء على الموقع المذكور». وقال السفير السوري في لبنان علي عبدالكريم علي إن بلاده تملك قرار المفاجأة في الرد على الهجوم الإسرائيلي وذلك بـ»الأسلوب والمكان المناسبين».

وأبدت روسيا قلقها أمس من الغارة الإسرائيلية، معتبرة أنها «انتهاك فاضح وغير مقبول لميثاق الامم المتحدة»، في حين رأى وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي أن «هذا العدوان يتماشى مع سياسة الغرب والصهاينة الرامية الى حجب نجاحات شعب وحكومة سورية في استعادة الاستقرار والأمن في البلاد»، مضيفاً أن «هذه العملية تبرز تطابق أهداف المجموعات الإرهابية مع أهداف الصهاينة».

واعتبر «حزب الله» في بيان اصدره أمس أن «العدوان الصهيوني الجديد (...) يكشف وبشكل سافر خلفيات ما يجري في سورية منذ سنتين، وأبعاده الإجرامية الهادفة الى تدمير سورية وجيشها وإسقاط دورها المحوري في خط المقاومة والممانعة». وعبّر الحزب الموالي للنظامين عن «التضامن الكامل مع سورية قيادة وجيشا وشعبا»، داعياً «المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية» الى شجب الهجوم. كما دان الغارة الرئيس اللبناني ميشال سليمان، وأمين عام الجامعة العربية نبيل العربي ووزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، في حين دعت بكين الى الحفاظ على الاستقرار الإقليمي عقب الغارة.