في كثير من الأحيان نخفي حقيقة علاقتنا بإيران عدو، فتارة هي عدو وأخرى "صديقة"، فنستضيف سفير طهران وهي تستضيف سفراءنا، ونسمع في أغلب مؤتمراتنا بيانات وعبارات شديدة اللهجة ضدها لاحتلالها جزراً إماراتية، ولتدخّلها في شؤون دولنا الداخلية، ثم وبقدرة قادر نرى في نشرات الأخبار الرسمية أخبار تبادل الوفود بيننا كدول خليج وبينها! تلك الزيارات الحميمة تعبر عن أواصر المحبة والتعاون الوثيق!

Ad

حتى الرحلات الجوية والبحرية- ولو هناك مجال لكانت أيضاً  البرية- بين دولنا وإيران مزدحمة، فأكثر الأيام لا تجد حجزاً سواء  للذهاب أو العودة، مما يعني ازدهاراً في التواصل وازدحاماً في حركة المسافرين بيننا وبين ما يقال إنها دولة "عدوة"!

وتعتبر دولنا إحدى أهم الأسواق للاستثمارات والبضائع والسلع  الإيرانية، ومع ذلك تضيق صدورنا، ويدور بنا الشك إن علمنا  بالتواصل بين إيران والعهد الجديد في مصر! وكأن الحق  الحصري للعلاقات الودية مع طهران لنا وحدنا، أما مصر فلا وألف لا، فالوكالة حصرية لنا، وعيب على مصر أن تتواصل مع الدولة  الفارسية؛ منطق عجيب لا تفسير له.

نحن نعلم تماماً أن إيران، وعلى عينك يا تاجر، تتدخل مباشرة في الأحداث المأساوية في سورية الشقيقة، ومع ذلك لا نستطيع أن نحرك ساكناً، ونكتفي فقط بإرسال البطانيات وبعض الغذاء الذي إن  تعدى الأردن أو تركيا، ففي أغلب الأحوال لن يصل إلى مستحقيه  من المحتاجين من أهلنا الذين ظلموا في سورية.

وللعلم اللجان الخيرية الكويتية تبذل جهودا جبارة لإيصال  المساعدات، لكنها تواجه بعقبات عدة، في الدول المجاورة لسورية، ورغم ذلك لا تزال تجاهد لإيصال المساعدات إلى مستحقيها من أهلنا في سورية... أسال الله ألا يحرمهم الأجر.

ونعلم تحكم إيران بمكونات سياسية في لبنان، بل هي أحد أسباب عدم الوفاق الوطني فيه، ودعمت حزب الله في الإطاحة بحكومة  الحريري المدعومة خليجيا، فما كان منا إلا الشجب والإدانة  والاستنكار، والتي هي أدوات ضعف.

وعلى الرغم من أن وفودنا تتقاطر إلى طهران لتوقيع الاتفاقيات الثنائية وتبادل الخبرة والتعاون، بالتزامن مع عدة مناسبات، فإن البند الأساسي في البيان السياسي يكون هو الشكوى من إيران وتدخلاتها ومشاكلها المفتعلة معنا!

وتوجد ألف علامة استفهام على علاقة إيران بالولايات المتحدة وإسرائيل أيضاً، وما حدث في كابول وبغداد لا يزال ماثلا أمامنا، وهنا نطرح سؤالا مهما: هل إيران فعلاً هي مندوبة خفية للولايات المتحدة، ونحن نعلم ذلك، لكننا لا نملك سوى أدوات الكتابة كالشجب والاستنكار وما إلى ذلك من أدوات ضعف غير مؤثرة، ونتعامل بوجهين واحد أمام شعوبنا، وآخر حقيقي ضعيف أمام القيادة الإيرانية؟

نحن كمواطنين لا نملك سوى أن نفتح أفواهنا عجباً، مما نرى، وكما يقول المثل "أسمع كلامك يعجبني أشوف أفعالك أتعجب"!