علاوة على كونه حدثاً ثقافياً فريداً وتظاهرة سينمائية مهمة، يؤدي {مهرجان الخليج السينمائي} دوراً كبيراً في رصد النمو السريع لصناعة السينما في المنطقة، والتعريف بسينما خليجية شابة، بالإضافة إلى تشجيع الجيل الجديد الواعد والموهوب على التعبير عن نفسه وإمكاناته، والإسهام في توفير الفرص لصانعي الأفلام، بعد أن تحول إلى واجهة ومنصة لإطلاقهم وتقديمهم للمجتمع العالمي.

Ad

وتبعاً لهذا المفهوم الواسع، تنعقد الدورة السادسة لمهرجان الخليج السينمائي من 11 إلى 17 أبريل المقبل في دبي، بإدارة مسعود أمر الله آل علي، ورعاية مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية، بالتعاون مع مدينة دبي للأستديوهات، ودعم من هيئة دبي للثقافة والفنون. وفضلاً عن مسابقة الأفلام الطويلة التي تضم مجموعة متنوعة ومتميزة من الأفلام مثل: «وجدة، بيكاس، شيرين، برلين تلغرام، مطر وشيك، الصرخة»... ومسابقة الأفلام القصيرة التي أعلن المهرجان قائمتها الأولى، وتسلط الضوء على المواهب السينمائية التي أثبتت جدارتها وتطورها، وبرنامج «تقاطعات» الذي سيعرض ما يقرب من 27 فيلماً روائياً قصيراً من أستراليا، البرازيل، كولومبيا، بولندا، تايوان، سويسرا، لبنان، جنوب إفريقيا، إيران، أسبانيا، إيطاليا، روسيا، ألمانيا، المملكة المتحدة، وغرينلاند، سبق أن عرضت غالبيتها في مهرجانات دولية، وتتيح الفرصة للمواهب السينمائية الخليجية للاطلاع على أحدث ما وصلت إليه صناعة السينما في العالم، حملت  إدارة المهرجان بشرى سارة للمهتمين بالفن الراقي في العالم العربي عندما أعلنت عن تكريم الفنان الكويتي محمد جابر، ومنحه جائزة «إنجازات الفنانين».

ولمن لا يعرف محمد جابر فهو الفنان القدير صاحب مسيرة العطاء الطويل، في التأليف والتمثيل للمسرح والتلفزيون، التي امتدت قرابة نصف قرن، بدأها عام 1961 عندما ظهر على شاشة التلفزيون كمشارك في السهرة التلفزيونية «ديوانية التلفزيون» مع الفنان القدير محمد النشمي، كذلك شارك في الإذاعة الكويتية، وقدم كثير من الأدوار والشخصيات التلفزيونية المحفورة في الذاكرة الخليجية، والتي بدأها بمسلسل «مذكرات بوعليوي» (1964) وواصل مشواره بأعمال مثل: «أجلح وأملح، درس خصوصي، زواج بالكمبيوتر، بوالفلوس، عيال بوسالم، عمر الشقا، ساهر الليل»، وصولاً إلى «كنة الشام» و»جلثم وميثة»، بينما كان أول ظهور له على خشبة المسرح في مسرحيات: «مضحك الخليفة، آدم وحواء، اغنم زمانك، باي باي لندن، الزرزور، طماشة، محاكمة علي بابا، مراهق في الخمسين، كلام الناس» والسندباد». وإضافة إلى توليه مسؤولية إدارة فرقة «المسرح العربي»، أسس عام 1975 «المسرح الحر» مع زملائه: عائشة إبراهيم، عبد العزيز النمش، عبد الله آل مسلم وعبدالعزيز الفهد، و»فرقة مسرح الزرزور»، ومن ثم أسس قاعدة جماهيرية عريضة كانت سبباً في الشهرة الواسعة التي حصدها بين محبيه في الخليج خصوصاً والعالم العربي عموماً.

هذه السنوات الطويلة من العطاء لم تحل دون مواصلة جابر رحلة البذل والعطاء؛ فشارك في دورة العام الماضي من «مهرجان الخليج السينمائي» بالفيلم الروائي القصير «الصالحية» المأخوذ عن رواية للكاتب الأديب هيثم بودي، والذي تجري أحداثه في حيّ الصالحية في العاصمة الكويتية، حول رجل أعمال طاعن في السن (أدى الدور محمد جابر) فقد زوجته التي أحبها كثيراً في حادث مأساوي، فجعل من مكتبه التجاري في الحي مستودع ذكرياته والأطلال التي يبكي عندها حبيبته، وجاء فوزه بجائزة «إنجازات الفنانين» التي تذهب إلى الفنانين الخليجيين أصحاب البصمة والإنجاز بمثابة أمر طبيعي للغاية، ما دفع عبد الحميد جمعة رئيس «مهرجان الخليج السينمائي» إلى تبرير منحه الجائزة بقوله: «لأنه يُعد أحد مؤسسي فن التمثيل والتأليف وإدارة الفرق المسرحية ليس في الكويت وحسب، وإنما في منطقة الخليج عموماً، كذلك أسهم في تأسيس وتطوير قواعد الفنون التمثيلية على المستوى الخليجي، وخلق بصمة خليجية واضحة المعالم، ونحن إذ نكرّمه فإنما نكرّم تاريخ الفن والإبداع في منطقة الخليج، آملين أن يكون في هذا تعبير عن مدى امتناننا له»، بينما أعرب جابر عن امتنانه وسعادته بحصوله على الجائزة قائلاً: «تلقيت الخبر ببالغ البهجة والسرور، وتكريمي في المهرجان يعكس عمق إيمانكم برسالة الفن الذي قدّمته طوال مسيرتي الفنية، كذلك أعتبر دعمكم الإعلامي المتميّز بمثابة الدافع لي للعمل والتواصل، وما تمّ إنجازه من أعمال على مستوى مسيرتي الفنية، وما تمّ تحقيقه من نتائج، لم يكن ليُكتب له النجاح لولا دعمكم المتواصل». ومن المنتظر أن يحصل جابر على  جائزة «إنجازات الفنانين» في الحفلة الافتتاحية للدورة السادسة من «مهرجان الخليج السينمائي»، فكل التهاني للرائد الكبير... وكل الشرف للمهرجان الذي يعرف كيف يكتشف المواهب الشابة، ويحتفي بالمبدعين المخضرمين.