ما قل ودل: عزل النائب العام و3500 مستشار في الطريق وحرق المحاكم

نشر في 07-04-2013
آخر تحديث 07-04-2013 | 00:01
 المستشار شفيق إمام العدوان على القضاء

لعلها المرة الأولى التي أتناول في مقال واحد ثلاثة موضوعات، إلا أن الأحداث المأساوية المتلاحقة في مصر فرضت عليَّ أن أتناول هذه الموضوعات التي يحملها عنوان المقال، والتي يجمعها العدوان على القضاء. ومثلما يعتبر القضاء رمانة الميزان في أي نظام ديمقراطي، وهو المؤسسة الدستورية الوحيدة الباقية في مصر تصد الهجوم والحملة الشرسة التي يقودها التيار الإسلامي ضد القضاء بحصار المحاكم ومنعها من أداء رسالتها، وتقليص صلاحيات وضمانات القضاء في الدستور، بل عزل ثمانية من قضاة المحكمة الدستورية بنص دستوري ليس له مثيل في أي دستور من دساتير العالم، فالدساتير توضع لتقرير الضمانات وليس لإهدارها.

عزل النائب العام

وكنت قد تناولت قرار عزل النائب العام السابق د. عبدالمجيد محمود، نشر على صفحات "الجريدة" في عددها الصادر في 14 أكتوبر 2012، عندما عزل لأول مرة وطرحت فيه فساد القرار لعدم قيامه على أساس سليم من الواقع، فقد صدر في أعقاب المظاهرات التي جرت في مصر احتجاجاً على حكم قضائي صدر ببراءة جميع المتهمين في ما يعرف بموقعة الجمل، عندما تعرض المتظاهرون في ميدان التحرير لهجوم من مجموعة من البلطجية امتطوا الجمال والأحصنة واقتحموا الميدان لفض اعتصام المتظاهرين في 2 فبراير 2011، في الوقت الذي كان القناصة الذين اعتلوا أسطح العمارات يطلقون الرصاص على المتظاهرين.

واهتبل النظام الفرصة، لكى يدسّ بين المحتجين على الحكم من يهتفون بعزل النائب العام، ولم يكن النائب العام أو النيابة العامة قد حققت في هذه القضية أصلا، فقد حقق فيها قاضي تحقيق انتدبه وزير العدل. فضلا عن مخالفة هذا القرار لدستور 1971 والإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس، وكلاهما يقرر أن القضاة غير قابلين للعزل.

إعلان دستوري يعزل النائب العام

إلا أنه تفتق ذهن زبانية النظام عن إصدار إعلان دستوري في 21 نوفمبر 2012 بعزل النائب العام، لتجاوزه مدة البقاء في المنصب التي حددها الإعلان الدستوري بأربع سنوات.

وفي حديث للدكتور محمد جبريل، أحد أساتذة القانون الدستوري، وعضو مجلس الشورى، في إحدى القضائيات، في هجومه على حكم محكمة الاستئناف بإلغاء قرار تعيين النائب العام الجديد المستشار طلعت عبدالله بأنه لا يوجد في نصوص الدستور أو القانون، ما يبيح عزل النائب العام، مبرراً عزل النائب العام السابق بأنه لم يكن عزلاً بل كان نقلاً إلى القضاء. وقد فات مقدم البرنامج أن يرد عليه، بأن إجابته تعني أن الحل القانوني موجود وهو أن ينقل النائب العام الجديد إلى القضاء، مثلما نقل النائب العام السابق إلى القضاء.

كما فات أستاذ القانون مبادئ القانون التي استقرت في ضمير الجماعة، وفي أحكام القضاء، وهي أن النقل وسيلة وضعها القانون بين يدي المجلس الأعلى للقضاء والجمعيات العمومية للمحاكم لتنظيم العمل، فإذا انحرف قرار النقل عن هذا الغرض فالانحراف بالسلطة يبطل القرار، ويوصمه بأنه قرار تأديبي مقنع.

3500 مستشار في الطريق

ويقول مهدي عاكف المرشد العام السابق لجماعة الإخوان في مسلسل العدوان على القضاء في حديث انفردت به "الجريدة" يوم الأربعاء 3 أبريل، في دفاعه عن عزل النائب العام بأنه قرار رئاسي لا يجوز للقضاء أن يعلق عليه، ولكن بعض رجال القضاء يقفون ضد الرئيس ويخافون من حصول الإخوان على أغلبية البرلمان المقبل، لأنه سيتم عزل أكثر من ثلاثة آلاف قاض وإحالتهم إلى المعاش.

وهو حديث أثار ضجة في مصر والعالم لما يحمله من عدوان على استقلال القضاء، ولأن الموضوع جد خطير، خاصة وقد أطلنا على القارئ، وعلى المساحة المخصصة للمقال، فسأتناوله في مقام قادم.

حرق محكمة جنوب القاهرة

وفي انتظار ما تسفر عنه التحقيقات في الجريمة التي وقعت منذ أيام عندما أشعلت أيدٍ آثمة النار في الدور الثالث في أقدم محكمة في مصر، أنشئت في الثمانينيات من نهاية القرن التاسع عشر، وأيا كان الغرض الآثم من حرقها وهو إعدام أدلة أو مستندات في قضايا متداولة الآن، بما يخل بحسن سير العدالة أمام القضاء، فإن هذه المحكمة هي جزء من تاريخ الحركة الوطنية التي أشعلها الوطنيون في مصر ضد الاحتلال والحكام المتعاونين معهم، وحوكموا أمام هذه المحكمة، وكان أول من حوكم أمامها من الرموز الوطنية شيخان من شيوخ الأزهر هما الشيخ علي الغايات والشيخ عبدالعزيز جاويش، فقد كان الأزهر الشريف وسيظل قلعة الوطنيين والوحدة الوطنية.

back to top