بدأت الحكومة ممارسة سياستها القديمة التي يبدو أن مجلس الأمة قد وقع في شباكها عن عمد أو جهل وقلة خبرة، سياسة الحكومة تلك، والسائدة منذ سنوات طويلة هي بسيطة ومقتبسة من أغنية فيروز الشهيرة "يادارا دوري بينا... ظلي دوري بينا.. تاينسوا أساميهم وننسى أسامينا"... وهو ما سيحدث بالفعل في أسطوانة أولويات الحكومة وأسطوانة أولويات المجلس المشروخة منذ أكثر من عشر سنوات التي تجعل السلطتين تدوران في ما يصطلح على تسميته بالأولويات منذ سنين، بينما مازال مستشفى جابر هيكلاً خرسانياً ومترو الأنفاق دراسة جدوى عند السيد عادل الرومي في جهاز المشروعات الكبرى، ومدينة الصبية مجسم ألعاب ليزر، ومشروع فيلكا كشكاً على ورقة لعب "مونوبولي"، والبلدية " متهاوشة" مع "الصحة" على موقع مستشفى الجهراء الجديد، ووزير المالية مصطفى الشمالي سيقدم تصوره اليوم لحل مشكلة القروض بعد خمس سنوات من توليه نفس حقيبته الوزارية!... والجميع يدور حول نفسه في متاهات "تاينسوا أساميهم... وننسى أسامينا" أو الأولويات المزعومة.

Ad

الكل في مرجيحة يا دارا دوري فينا... فالحكومة والمجلس اتفقا على 56 أولوية، أهمها قانون مكافحة الإرهاب وتعديل قانون الحجز التحفظي واتفاقيات التبادل الضريبي مع جزر "هولو هولو" والأخيرة من عندياتي... وهنا نسأل نواب الأمة: ماذا قبض المواطن الكويتي من هذه الأولويات المعلبة؟! بالطبع لا شيء، والذي سيراجعها من الناخبين سيصاب بالدوار وينسى اسمه وأساميكم، وسيشعر بأنه خُدِع بمقولة إنه مجلس أمة مختلف وبأداء فاعل، لأن المواطن غير معني بواجباتكم التشريعية الاعتيادية من قانون مكافحة إرهاب وشركات تنموية ورقية فهو يريد إنجازاً، يريد تعديل القوانين المتعلقة بالدورة المستندية والمناقصات وتقييماً عادلاً لتلك المناقصات التي تمنح بأرقام فلكية ولا تنجز بالجودة المطلوبة ولا الوقت المحدد، أما اللوك بنفس أسلوب المجالس السابقة وانتظار الخطة السنوية الجديدة 2014-2013 فهو حبل يلفه المجلس الحالي على رقبته، وسيجد بعد فترة وجيزة مسيرات ما يسمى بالكرامة من نفس مَن انتخبوه عند أبوابه تطالب بإسقاطه، لأنه نسخة مكررة من أداء وممارسات اعتقد الكويتيون أنهم قد تجاوزوها، ولن يستطيع النواب الحاليون لو داروا في دارا الحكومة ألف مرة أن يُنسوا الناخبين وعودهم... وينسوهم أساميهم!

 ***

قرأت مؤخراً خبراً مفاده أن مجلس الوزراء سيدرس خصخصة قطاعي التمريض والأدوية في وزارة الصحة، ويبدو أننا بهذا المقترح أمام كارثة جديدة، فتجاربنا مع خصخصة مقاولات التنظيف في بلدية الكويت وشركات العمالة مأساوية، وكذلك قطاع الخدمات المساعدة في مدارس الكويت مع الفراشين والفراشات والجرائم الأخلاقية التي استدعت عودة وزارة التربية إلى التعاقد المباشر مع الفراشين والفراشات والخدمات المعاونة، لذلك فإن خصخصة تلك القطاعات المهمة في وزارة الصحة هي أمر بالغ الحساسية والخطورة، ولا يجوز كلما عجزت إدارة في أي وزارة عن رقابة قطاع معين وتطويره أن تفكر في خصخصته، بل المطلوب إعطاء وجوه جديدة من أصحاب الخبرة والاختصاص الفرصة لإدارته، لأن هذه القطاعات بالغة الأهمية، وتتصل بحياة وصحة المواطنين، ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تكون مجالاً للتجارب، أو المكاسب لمن يتلقف الفرص على حساب المصلحة العامة.