العدالة الانتقالية

نشر في 09-10-2013
آخر تحديث 09-10-2013 | 00:01
 أ.د. غانم النجار • لكي يستقر المجتمع لابد من التعامل بجدية مع معاناة ضحايا الانتهاكات وعدم تجاهلها. ذلك هو جوهر مفهوم العدالة الانتقالية.

• خلال العشرين سنة الماضية انتقل ما يزيد على 70 دولة من حالة سياسية مركزية، شديدة القمعية، أو من حالة عنف واحتراب أهلي إلى ما يشبه الديمقراطية، أو كانت هناك رغبة عامة تدفع بهذا الاتجاه.

• إلا أن الرغبة وحدها لا تكفي للانتقال من حالة هيمنة وتسلط، إلى ديمقراطية، تعددية، يُحترَم فيها الرأي وكرامة الإنسان. فالديمقراطية ليست علاجاً بالكي، وليست عملية جراحية، تُستَأصل فيها قيم الديكتاتورية وسيادة اللون الواحد في المجتمع، بين عشية وضحاها، كما أنها لا يمكن أن تستقر عبر صدمات كهربائية، أو جرعات دوائية، ولكنها عملية طويلة، مملة، وبطيئة، وتتطلب مراناً وتطوراً تدريجياً، وفي بعض الأحيان تبدو كأنها قد فشلت في تحقيق أهدافها المرجوة في الرخاء والاستقرار واحترام آدمية الإنسان.

• من هنا برزت مفاهيم جديدة كالعدالة الانتقالية، ففي بعض المجتمعات ظن المنطلقون من عبء الزمن الرديء الموغل في القمعية أن بإمكانهم بناء مجتمع جديد "ديمقراطي" دون التعامل بجدية مع ضحايا القمع والعنف وانتهاك حقوق البشر...

• صار إذاً أمراً جوهرياً أن ترتكز أسس النظام الجديد على عدم تجاهل مآسي النظام السابق، ومن هنا صار أساسياً التفاهم مع آلام ومعاناة الضحايا، ودون ذلك فإن الديمقراطية تتعثر، وقد تعود الديكتاتورية بثوب جديد.

• العدالة الانتقالية ترتكز على جملة تدابير قانونية وإجرائية يتم تطبيقها للتعامل مع تراث قمعي رزح على صدور الناس ردحاً من الزمن، أو حالة عنف حادة، تكون قد أدت إلى معاناة بشر، وتتضمن تلك التدابير، ملاحقة جنائية قضائية لمرتكبي الانتهاكات، وإنشاء لجان حقيقة ومصالحة، وتأسيس برامج تعويضات للضحايا، وغير ذلك من الإجراءات.

• بدون تلك التدابير فإن النظام الجديد يبنى على أساس هش، ولا يستقر فيه البناء. ومن هنا جاءت أهمية إدانة شارلز تايلور رئيس ليبيريا السابق بالسجن 50 عاماً لارتكابه جرائم ضد الإنسانية، كخطوة على الطريق. ومما يؤسف له أن أكثر الدول إعراضاً عن الالتزام بمفهوم العدالة الانتقالية موجودة في منطقتنا العربية.

وللحديث بقية...

back to top