تجديد البيعة والولاء للعاهل المغربي في مراسم عريقة
جددت وفود أقاليم المغرب ومحافظاته هنا اليوم البيعة والولاء للعاهل المغربي الملك محمد السادس في مراسم عريقة.ويأتي أعضاء الحكومة وأعيان القبائل والمنتخبون ورجال السلطة وشخصيات عديدة الى حيث تقام كل عام في ذكرى تولي الملك الحكم مراسم حفل البيعة.
يخرج العاهل المغربي ممتطيا جوادا بكامل الزينة والتجهيز الملكي تحيط به البطانة والعبيد ويمسك قائد من البلاط بمظلة كبيرة تقي الملك اشعة الشمس ويديرها في حركة تثير الاعجاب وتبعث لدى الملك شعورا بالزهو.تحضر جميع الوفود من الذكور حصرا لحفل البيعة باللباس المغربي الوطني وهو عبارة عن جلباب وبرنس وتحتهما قفاطين في زي موحد بلون ابيض شفاف صيفا وأبيض خشن من الصوف شتاء وفي القدمين نعل جلدي أصيل أبيض او أصفر وتوضع على الرأس عمامة أسفل طربوش مغربي أحمر.أما الملك فلباسه تقليدي من إرث الأجداد ملوك المغرب وأعيان القبائل القدامى لا يظهر به سوى مرة واحدة في العام في حفل البيعة وعندما تتم مبايعته لأول مرة حين يرث العرش.يغطي جسد الملك حائك من العهن الجيد من الرأس وحتى الكعبين ويعصب الحائك عند البطن بعصابة يربط في طرفها الايمن مجدولا يتعلق فيه سفر جلدي لكتاب (دليل الخيرات) وهو مجمع آلاف الصلوات المأثورة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم جمعها الامام الصوفي المغربي ابن سليمان الجزولي. ويرتدي المبايعون البرنس (السلهام) الذي يفرض عليهم البرتوكول الملكي أن يجنحوه على الكتف الايمن ويسدلوه على الكتف الايسر.يخرج الملك على المبايعين إما على صهوة الحصان أو العربة الملكية أو راكبا سيارة ومهما اختلفت الوسيلة فحضور الحصان ضرورة مؤكدة في الموكب الملكي خلال حفل البيعة ولذلك يكون مع الحصان الذي يمتطيه الملك يوم البيعة حصان آخر مجهز بنفس الجهاز ومزين بنفس الاكسسوارات لا يركبه احد ولكن عبدا من عبيد الملك يلجمه ويمسك بعنانه يقتفي ظل الملك.تقف الوفود في صفوف بديعة طوابير وفدا تلو وفد وبينهما صف من العبيد يرددون ثلاثا وفي انسجام بصوت مسموع لازمة البيعة نيابة عن الملك في التعبير عن رضاه عن الرعية ويقولون "الله يرضى عنكم.. قال لكم سيدي.. نعم أسيدي" ويرددون نيابة عن الوفود التي تمثل الرعية "الله يبارك في عمر سيدي.. نعم أسيدي".ويتم ترديد هذه العبارات في حركة ركوع متواترة يؤديها اعضاء الوفود والعبيد فيما يمسح الملك أمامهم بيده على صدره إعرابا عن القبول بالعهد وبميثاق البيعة الذي ما يزال الى اليوم عرفا غير مكتوب.وإذا أدت الوفود فروض الولاء والطاعة وأنهت الطقوس التقليدية التي توصف في الأدبيات السياسية ب"المخزنية" في حفل البيعة انطلقت الجوقة الملكية (النحاسية) في عزف ميازين ما يسمى ب"الخمسة والخمسين" وهي توشيات إيقاعية لنخوة الملوك ومجد الصولجان تعود اصولها الى الزمن العربي في بلاد الاندلس يبدع فيها الحرس الملكي في المغرب في هذا اليوم.يعود الملك بعد ذلك الى قصره وقد تم التصديق الشعبي على وراثة عرش أسلافه مدة عام آخر قابلة للتجديد بنفس الطقوس التي لا تعدو ان تكون برتوكولية تجسد عراقة الملكية في المغرب والتحامها بالشعب ومكوناته الاجتماعية والسياسية والدينية والعقائدية.في الوقت نفسه يعتبر بعض مؤيدي الحداثة والمدنية في المغرب ان هذا الإرث التقليدي غير منسجم مع نظام الملكية البرلمانية الدستورية الاجتماعية الذي أقره الدستور للمملكة المغربية المعتمد باستفتاء شعبي في مطلع يوليو من عام 2011.