مرة جديدة دفع الجيش اللبناني فاتورة الفلتان الأمني وتفشّي السلاح الذي نما في ظل غياب القرار السياسي بمنعه. واندلعت اشباكات عنيفة في صيدا أمس بين مناصري الشيخ أحمد الأسير إمام مسجد بلال بن رباح في عبرا قرب صيدا وبين الجيش اللبناني.

Ad

وذكرت تقارير محلية أن الاشتباك جرى بعد أن قام الجيش بتوقيف أحد مرافقي الأسير المدعو فادي البيروتي مع شابٍ آخر هو صهر البيروتي، إلا أن الجيش اتّهم مناصري الأسير بإطلاق النار على أحد حواجزه دون سبب أو مبرر.

وأسفرت الاشتباكات العنيفة عن سقوط 3 قتلى للجيش بينهم ضابطان. وفور بدء الاشتباكات دعا الأسير عبر شريط مصور إلى "انشقاق جميع العسكريين السُّنة في الجيش اللبناني فوراً، وعدم المشاركة في قتل إخوانهم". كما استقدم الجيش تعزيزات إلى المنطقة وفرض طوقاً أمنياً محكماً على محيط مسجد بلال بن رباح.  

الجيش

وأعلنت قيادة الجيش في بيان تفصيلي "سقوط عدد من الشهداء والجرحى للجيش اللبناني غدراً، والمؤسف أنهم لم يسقطوا برصاص العدو، بل برصاص مجموعة لبنانية من قلب مدينة صيدا العزيزة على الجيش وأبنائه".

ولفت البيان إلى أن "الجيش حاول منذ أشهر إبعاد لبنان عن الحوادث السورية، وألا يرد على المطالبات السياسية المتكررة بضرورة قمع المجموعة التابعة للشيخ أحمد الأسير في صيدا، حرصاً منه على احتواء الفتنة، والرغبة في السماح لأي طرف سياسي بالتحرك والعمل تحت سقف القانون. وكذلك فعل حين استهدف ضباطه وجنوده في طرابلس وعرسال. ولم يرد على محاولات زرع الفتنة إلا بالعمل على حفظ الأمن والاستقرار وسلامة عناصره، تارة بالحوار، وتارة أخرى بالرد على النار بالمثل، والسعي الدائم إلى توقيف المرتكبين".

وتابع: "لكن ما حصل في صيدا اليوم فاق كل التوقعات. لقد استهدف الجيش بدم بارد وبنية مقصودة لإشعال فتيل التفجير في صيدا كما جرى في عام 1975، بغية إدخال لبنان مجدداً في دوامة العنف".

ورفضت قيادة الجيش اللغة المزدوجة، وأضاف: "تلفت إلى أن قيادات صيدا السياسية والروحية ومرجعياتها ونوابها مدعوون اليوم إلى التعبير عن موقفهم علناً وبصراحة تامة، فإما أن يكونوا إلى جانب الجيش اللبناني لحماية المدينة وأهلها وسحب فتيل التفجير، وإما أن يكونوا إلى جانب مروجي الفتنة وقاتلي العسكريين".

وأكدت قيادة الجيش أنها "لن تسكت عما تعرضت إليه سياسياً أو عسكرياً، وهي ستواصل مهمتها لقمع الفتنة في صيدا وفي غيرها من المناطق، والضرب بيد من حديد كل من تسوّل له نفسه سفك دماء الجيش، وسترد على كل من يغطي هؤلاء سياسياً وإعلامياً".

سليمان

وفي السياق، أكد رئيس الجمهورية ميشال سليمان أمس أن "لدى الجيش التكليف الكامل لضرب المعتدين وتوقيف المنفذين والمحرضين وسوقهم إلى العدالة"، داعياً إلى "اجتماع وزاري أمني في بعبداً غداً (اليوم)".

كما دان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس "التعرض للجيش اللبناني الذي يشكل صمام الأمان للبنان وجميع اللبنانيين، لاسيما في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها وطننا"، داعياً "الجميع إلى الالتفاف حول الجيش اللبناني، ودعم مهمته في حفظ الأمن والاستقرار، وعدم الانجرار وراء محاولات تفجير الأوضاع في لبنان".

وناشد ميقاتي في بيان "الجميع الحكمة والتروي وعدم إطلاق المواقف الانفعالية التي لا تخدم المعالجات المطلوبة في هذا الظرف الدقيق".

بدوره، أكد رئيس الحكومة المكلف تمام سلام أمس "ضرورة قيام الجيش اللبناني والقوى الأمنية، لمعالجة الوضع على الأرض بالسرعة الممكنة، واعتقال الفاعلين، وإنهاء حالة الاستنفار المسلح الذي يهدد المواطنين والسلم الأهلي في عاصمة الجنوب". ودعا جميع القوى السياسية لـ"مؤازرة الجيش والقوى الأمنية، لوضع حد للصدامات المفتعلة التي باتت عبئاً على الجميع بلا استثناء".

واعتبر وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل أنه "لا يقبل الأمن بالتراضي وكرامة الجيش من كرامة اللبنانيين"، مشيراً إلى أن "الجيش اللبناني خط أحمر، وهو يحمي لبنان ويحمي الشعب اللبناني، وممنوع المسّ به وتجب محاسبة كل من يعتدي عليه".