لا يعني الاطلاع على خصائص المنحرف نرجسيًا القدرة على اكتشافه بسهولة أو على مقاومته والتخلّص منه. في ما يلي احتياطات تساعد على تجنّب الوقوع في فخّ هذه النوعية من الشخصيات لأشهر لا بل لسنوات طويلة.

Ad

1  معرفة الدلائل الأولى

لا ضرر البتة من محاولة سبر أغوار شخصية الآخر سواءٌ كان أبًا أم أمًا أم صديقًا أو شريكًا أم رئيسًا أم زميلاً ما إن تلاحظ أنه يتصرّف بشكلٍ مختلف حين ينفرد بك، فيستفيد من الظرف ليقلل من قيمتك وينتقدك أو يهينك.

غالبًا ما تكون هذه الخطوة بعيدةً عن الضحايا المحتملين الذين يُظهرون في المجتمع ثقةً كبيرة، إلا أنها خطوةً مهمة لا بدّ من اعتمادها، بالإضافة إلى ضرورة اكتشاف شخصية الآخر في وقتٍ مبكر. وغالبًا ما يكون الأمر سهلاً حين يكون الرابط العاطفي ضعيفًا في حين يبدو صعبًا عندما تتوطد المشاعر. ويبقى التيقظ خير وسيلة لتجنّب الأوهام.

2  تعزيز تقدير الذات

لا شكّ في أن أحد أهم وسائل محاربة المنحرف نرجسيًا تتجلى في تقدير الذات حقّ قدرها. يبدو الشخص الواثق بميزاته وكفاءاته هدفًا يصعب على المتلاعب الوصول إليه، ولا علاقة للثقة بالنفس بالعمر لأن الضحية قد تبلغ من العمر 20 أو 60 عامًا. قد تكون هذه الثقة أحيانًا فطرية إلا أنها تحتاج إلى بعض التعزيز. سيجد المنحرف نرجسيًا صعوبة في تحويل الشخص الواثق بنفسه إلى غرضٍ.

حين يبدأ الشك، عوضًا عن تصديق كلام الآخر، من الأفضل التأكد من وجود أسباب تبرر هذا الهجوم. يتوقف تقدير الذات على الصورة التي اكتسبها الشخص على مرّ السنوات بفضل اسقاطات ساهم فيها الأهل ومن ثم المقربون منه. يصعب أحيانًا تقدير الذات ويسهل استغلالها في الوقت عينه.

3  معرفة الذات معرفة عميقة

تلازم معرفة الذات تقدير الذات وتعتبر مقياسًا فاعلا لمقاومة المنحرف نرجسيًا. غالبًا ما تتطلب معرفة الذات خبرة معينة. فعلى سبيل المثال، يصعب على رئيس أو زميل في العمل أن يحاول زعزعتك إن أثبتَّ نفسك وأظهرت مهاراتك فاعترف بها الجميع وقدروها. في هذه الحالة، ستبدو الأمور كأنها غيرة. في مطلق الأحوال، يعرف المنحرف نرجسيًا تمامًا كيف يختار ضحيته.

من الناحية العاطفية، حتى وإن بدا الوقوع تحت تأثير الآخر أمرًا سهلاً، تُعتبر التجارب السابقة أساسًا يمنع الآخر من محاولة نسف شخصيتك والسيطرة عليها. ومن المهم أن تتذكر من أنت وماذا فعلت في حياتك وأنك لا تحيا لتعيش هذه العلاقة فحسب.

 

4  طلب رأي الآخرين

حين تشكّ في تصرفات شخصٍ متلاعب و/أو منحرف نرجسيًا، لا تتردد في طلب رأي خارجي قادرٍ على تأكيد رأيك وتوطيد أسس القرارات التي يتعين عليك اتخاذها. ننصحك أيضًا بزيارة عالمٍ نفسي أو محلل نفسي أو حتى طبيب تجمعك به علاقة وثيقة وإخباره بما توصلت إليه والملاحظات والتصرفات التي تثير ريبتك، فلا شكّ في أن هذه الزيارة ستساعدك على التقدّم خطوة إلى الأمام والتأكد من أن هذه الأفكار لم تأتِ من عدم.  

5 تجنّب المواجهة

مواجهة الآخر ومحاولة إقناعه بمرضه وبضرورة تغيير نفسه لن يجدي أبدًا. فهو لن ينصت إليك البتة بل سيطالعك بحجج ونقدٍ يستند إلى أمور ملموسة، حتى إنه سيلجأ إلى مهارته في الكذب ليقلب الأمور، ومن يدري قد ينجح في ذلك ويتحوّل هو إلى ضحية. لذا من الأفضل تجنّب مناقشة الأمر معه لأنه في بعض الحالات قد يؤدي هذا النقاش إلى طريق مسدود وإلى تهديدات بالانتحار وباستعمال العنف، إلخ. كذلك لا بدّ من أن تعلم أن المنحرف نرجسيًا لن يوفر أداةً للحفاظ على سطوته. وقد يشعر المثقفون بضيق نتيجة عجزهم عن العثور على تفسير واضح وصريح، ولكن في هذه الحالة، يبدو هذا التفسير بحد ذاته خطرًا لا فائدة منه.  

6  تجنّب محاولة فهمه

من الأفضل ألا تحاول الضحية فهم الجلاد وأن تُظهِر له محاولتها هذه لأنها ستقع مجددًا في فخه. فحين تعلم الضحية أن هذا المنحرف نرجسيًا يكوّن صورة سيئة عن نفسه قد تميل إلى تفهم وضعه والشفقة عليه وقد يتولد شعور بالحماية والتعاطف وميلٍ إلى البقاء إلى جانبه لإنقاذه من حالة الضياع التي يغرق فيها. أن نتفهم المنحرف نرجسيًا يعني أن نفتش عن أسباب للاستمرار معه علمًا أن هذه العلاقة لن تؤدي إلى أي مكان. عندما تبتعد الضحية عن جلادها ستحظى بفرصة دراسة حالته وتأثيره السيئ عليها وستتأكد أن استجماع الشجاعة والهرب هما الحلّ الأفضل.

7  تجنّب محاولة الاستماع إليه

من الأفضل ألا تحاول الضحية إساءة الظنّ بذكاء المنحرف نرجسيًا، فهو شخصٌ موهوب يتقن تمامًا التلاعب بالآخرين، إذ يلجأ إلى الكذب والإغواء والشرّ المبطن من دون أن يشعر بأي خوف. تراه لطيفًا في المجتمع ليتحوّل فجأةً إلى ناقد مدمر حين ينفرد بضحيته من دون أن يراجع نفسه أو يشعر بالندم. في هذه الحالة، على الضحية التوقف عن الاستماع إليه والانعزال عنه فكريًا حين يبدأ محاولات زعزعة استقرارها وأن تصرّ على أنه لن ينجح، هذه المرة، في التقليل من شأنها.  

8  التقرّب من المقربين إليه

يحاول المنحرف أن يبعد الضحية التي يتلاعب بها عن الأضواء كجزءٍ من أسلوبه وغالبًا ما تبدو هذه الوسيلة فعالة، للخروج من براثن سيطرته من الضروري أن تتقرب الضحية من عائلته وأصدقائه المقربين، ما يساعدها على هجره وتغيير المعطيات. الأهم من ذلك، لا ينبغي أن تظن الضحية أنها قوية بما يكفي لتخرج من هذه الورطة بمفردها، بل لا بدّ من الاعتماد على دعم بعض الأشخاص كخطوةً أولية ما لم تجد نفسها مجبرةً على القيام بالأمر سرًا.

9  استثمار مجالات أخرى

في حال عانت الضحية من نرجسية الحبيب، من الأفضل أن تعيد استثمار المحيط المهني والودي. أما إذا كانت تعاني من النرجسية في مكان العمل، فحريٌ بها أن تلتفت أكثر فأكثر إلى حياتها الخاصة، فالاعتماد على إحدى نواحي الحياة الأخرى يساعد على مكافحة أي تحرش معنوي (وأحيانًا جسدي) قد يسوء ويسوء إلى أن يسبب حالة نفسية كارثية.

10  الهجر النهائي

لا مجال أبدًا للصلح مع منحرفٍ نرجسيًا! من الضروري أن تهجره الضحية لأنه سيبذل قصارى جهده ليستمر الوضع على ما هو عليه. لذلك من الأفضل ألا يعلم بنواياها وأن تبحث عن سكنٍ جديد وتنتقل إليه في غيابه وتغيّر رقم هاتفها وبريدها الإلكتروني. باختصار، ينبغي على الضحية أن تواجه الوحش وتتخذ الخطوات المناسبة كافةً ليفهم أنها لن ترضى بعد اليوم بأن تكون ضحية وبأن مهمته ستكون مستحيلة ومحاولاته عديمة الجدوى.