بريطانيا... تمدد الظلال الثقيلة للأزمة المالية
قيود جديدة تشل حراك تمويل القروض الصغيرة
ذكرت هيئة السلوك المالي البريطانية أنها تريد إدخال قوانين تنظيمية أكثر تشدداً حول هؤلاء المقرضين، من شأنها تحسين حماية المستهلكين، وتشمل عمليات تدقيق إلزامية حول القدرة على تحمل التكاليف، لمنع المقترضين الضعفاء من اقتراض مستويات لا يمكن تحملها من الديون.
هناك خطط الآن لوقف مقرضي المبالغ الصغيرة التي تبدأ من النثريات حتى يوم الراتب إلى تمويل قروض المنشآت الصغيرة، ومن شأن تلك الخطط أخذ المال من الحسابات المصرفية للعملاء، وترحيل الديون غير المسددة، ويمكن لهذه الخطط أن تحد الإقراض قصير الأجل وأسعار الفائدة العالية، وتؤدي بالشركات إلى الخروج من السوق.وقالت هيئة السلوك المالي البريطانية إنها تريد إدخال قوانين تنظيمية أكثر تشددا حول هؤلاء المقرضين، من شأنها تحسين حماية المستهلكين، وتشمل التغييرات المقترحة عمليات تدقيق إلزامية حول القدرة على تحمل التكاليف، لمنع المقترضين الضعفاء من اقتراض مستويات لا يمكن تحملها من الديون، وأن تحمل إعلانات القروض تحذيرا من المخاطر مع عبارة: "فكر! هل هذا القرض مناسب بالنسبة لك؟".وتشير تقديرات مؤسسة يوروب إيكونومكس، وهي الشركة الاستشارية لهيئة السلوك المالي، إلى أن المقترحات، إذا كانت فعالة، من شأنها أن تؤدي إلى أن يخرج من السوق ما نسبته 25-30 في المئة من هؤلاء المقرضين، ما يؤدي إلى انخفاض في الإيرادات من الرواتب تصل إلى 200 مليون جنيه.شركات الإقراض المذكورة، مثل وونجا، عادة ما تقرض مبالغ صغيرة نسبيا لفترات قصيرة، لكن بتكلفة عالية. وقد أدين القطاع سريع النمو من قبل الجمعيات الخيرية لتخفيف عبء الديون.وقالت شركة وونجا، التي أبلغت أخيرا عن أرباح قياسية لعام 2012، إنه من السابق لأوانه التعليق على مقترحات هيئة السلوك المالي.عائدات القروضولدى المملكة المتحدة واحدة من أكبر أسواق الائتمان الاستهلاكي في أوروبا. بين عامي 2008 و2012 ارتفع حجم سوق القروض قصيرة الأجل في البلاد إلى أكثر من الضعف، ليصل إلى أكثر من ملياري يورو. أكثر من ربع القروض ذات الفائدة المرتفعة لا تسدَّد في الوقت المحدد ويتم ترحيلها، وهي ممارسة تمثل نحو نصف عائدات القروض قصيرة الأجل، وفقاً لمكتب التجارة العادلة.يريد الجهاز التنظيمي من المقرضين وقف عملية ترحيل الديون غير المدفوعة أكثر من مرتين، ويريد أيضاً منعهم من الوصول إلى الحسابات المصرفية للعملاء بعد محاولتين فاشلتين لتحصيل المبلغ.وقال مارتن ويتلي، الرئيس التنفيذي لهيئة السلوك المالي: "يجب ألا يسمح لهؤلاء المقرضين باستنزاف الأموال من حساب المقترض". وقال ستة من أصل ثمانية مقرضين على المدى القصير بتكلفة عالية على الإنترنت تم التواصل بهم عن طريق "بوليسز"، وهي مؤسسة مستقلة للأبحاث، إنهم استطاعوا تحصيل 85 في المئة على الأقل من قروضهم باستخدام هذه الطريقة. ولم يصل الجهاز التنظيمي إلى حد تحديد سقف الرسوم على القروض قصيرة الأجل، رغم ان التغييرات التي أدخلت على القانون المالي العام الماضي تعطيه القدرة على القيام بذلك. وضعت بعض البلدان، بما في ذلك فرنسا وألمانيا وأستراليا، حدودا على تكلفة القروض الاستهلاكية.وقالت هيئة السلوك المالي: "هذه عملية تؤدي إلى تدخل كبير في شؤون الغير. للتأكد من أننا نفهم تماما الآثار المترتبة، نحن ملتزمون بإجراء مزيد من الأبحاث، بمجرد أن نبدأ تنظيم شركات الائتمان، وبالتالي تكون لدينا القدرة على الوصول إلى البيانات التنظيمية".ورحبت الجمعيات الخيرية لتقليل عبء الديون ومجموعات الدفاع عن الحقوق بالمقترحات للإجراءات الصارمة لتنظيف الائتمان، لكنها أعربت عن خيبة أملها في أن الخطط لم تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك.تكلفة عاليةوقال ريتشارد لويد، المدير التنفيذي لمجموعة الدفاع عن المستهلكين: "تشير أبحاثنا إلى أن الملايين من الناس يعتمدون بشكل متزايد على القروض ذات التكلفة العالية، لدفع ثمن الضروريات أو لسداد الديون الأخرى".وأضاف لويد: "نرحب بمقترحات للتصدي للمقرضين عديمي الضمير، لكننا نريد من الجهاز المنظم استخدام سلطاته الكاملة لتضييق الخناق على المشاكل التي يواجهها المستهلكون المتعَبون في جميع أنحاء سوق الائتمان، مثل غرامات التأخير العالية جداً".وذكرت جمعية التمويل الاستهلاكي، التي تمثل المقرضين، انها ترحب بخطط هيئة السلوك المالي، والتي قالت إنها ستقضي على ممارسات الإقراض غير المسؤولة.وافاد راسيل هامبلين - بون، الرئيس التنفيذي: "لقد عملنا بشكل وثيق مع الحكومة والجهاز التنظيمي والجمعيات الخيرية لتقليل عبء الديون وجماعات المستهلكين، وقد اعترف الوزير بالتقدم الذي أحرزناه في رفع المعايير".وتعتزم الهيئة وضع اللمسات الأخيرة على قوانينها للقطاع في فبراير، والتي ستدخل حيز التنفيذ في أبريل، رغم انه لن يتم إدخال المتطلبات على عمليات التحصيل والمبالغ المرحلة حتى يوليو. ويجب أن تقدم التعليقات على اقتراحاتها في موعد أقصاه 3 ديسمبر.واردفت الهيئة، في معرض جدالها، ان هذا النهج يمثل "تغييرا في الأنظمة مرة كل جيل"، انها قد لا تعاقب المنتهكين للقواعد قبل 1 أكتوبر، طالما ان المقرض قد اتبع القواعد القديمة. سيتم تطبيق القواعد الجديدة لأكثر من 50 ألف شركة مع تراخيص الائتمان الحالية.* (فايننشال تايمز)