هناك من نسب إلى جورج بوش قوله: "المشكلة مع الفرنسيين هي أنهم لا توجد لديهم كلمة في قاموسهم تعني صاحب مشاريع entrepreneur"، (مع أنها كلمة فرنسية دخلت إلى اللغة الإنكليزية). ولسوء الحظ لم يقل بوش ذلك قط، على الرغم من أنه كان عليه أن يقول ذلك في الواقع. لكن واشنطن اليوم لديها أيضا مشاعر متباينة حول الكلمة الفرنسية.

Ad

ولايزال كل سياسي في مدينة تعاني مأزقا يدعم الأعمال الصغيرة بالأقوال وليس بالأفعال. ومع التعامي عن رؤية حاجات أصحاب المشاريع وهم يكافحون لأجل البقاء، نجد أن المدينة تتآمر على ثرواتهم المتلاشية. وسيكون الرئيس باراك أوباما قادراً على مساعدة رئاسته المعرضة للهجوم، والاقتصاد الأميركي لو تبنى مطالب أصحاب المشاريع الأميركيين.

فمعدل استحداث الأعمال الصغيرة في الولايات المتحدة يمر في تراجع منذ أمد بعيد. 

وفي العام الماضي تم استحداث 513 ألف شركة جديدة، وهو أقل من 543 ألف شركة جديدة استحدثت عام 2011.

نظام الضرائب

 

 وبحسب أرقام نشرتها مؤسسة كاوفمان، فان نسبة الشركات التي يقل عمرها عن خمس سنوات 8 في المئة فقط من مجموع الشركات في الولايات المتحدة، مقارنة بـ13 في المئة في الثمانينيات من القرن الماضي. ويتعرض الذين يحضِّرون أنفسهم ليكونوا أصحاب مشاريع إلى مشاكل تتكرر باستمرار. 

ونظام الضرائب الأميركي يزداد تعقيداً، وهو يحابي الشركات الكبيرة التي تستطيع الاستعانة بالمحامين لشق طريقها من خلالهم. والشيء نفسه ينطبق على الأنظمة الفدرالية، حيث تستفيد فقط المؤسسات الكبيرة من تعقيداتها المتزايدة. وأغلب فقرات التشريعات الأميركية الكبيرة ينبغي أن تدرج تحت عناوين فرعية نصها: قانون التوظيف الكامل للمحاسبين والمحامين.

وحتى الحصول على الائتمان أصبح أكثر تشوهاً. وعلى الرغم من طول فترة تعافي الاقتصاد الأميركي، لايزال حجم الإقراض الأميركي للشركات الصغيرة في حالة تناقص. وبحسب أرقام نقلت عن إدارة الشركات الصغيرة، انخفض الإقراض في العام الماضي بمقدار 19 مليار دولار إلى 587 مليار دولار، أي أنه تراجع بمقدار الخمس عن مبلغ الإقراض الذي كان عليه في فترة ما قبل الكساد. وما زالت قبضة أنظمة واشنطن تزداد شدة على البنوك – المحلية – التي ما زالت تقدم القروض للأعمال الصغيرة. ووفقا لتوم هوينج، نائب رئيس المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع، يراوح رأس المال الفعلي المخصص لحماية حقوق الملكية في أكبر المصارف الأميركية بين 4 و5 في المئة من ميزانياتها العمومية. ولا تزال المصارف الصغيرة العامة تقدم "القروض الشخصية"، أي انها تقرض المال للزبائن الذين تعرفهم، وهي قروض تكون مغطاة بنسبة 9 في المئة. أو بكلمات أخرى الأنظمة الأميركية أكثر تشدداً بنسبة الضعف مع المصارف التي لا يرجح أبداً أن تشكل خطراً على النظام.

 

أصحاب المشاريع

 

كذلك تعتبر واشنطن مختلة هيكلياً ضد أصحاب المشاريع، وبالتعريف، شركات المستقبل لا توجد لديها جماعات ضغط تعمل لتدعيم مصالحها في الكونغرس. في المقابل، الشركات الكبيرة تحصل على ما تريد. وحين كان تيم بولنتي، الحاكم الجمهوري السابق لمنيسوتا، في حملته للترشيح لمنصب الرئيس في 2011، قال: إن رسالته إلى وول ستريت هي: "ادفعوا ما يتعين عليكم دفعه". واليوم يتلقى راتباً في حدود 1.8 مليون دولار سنوياً للضغط لمصلحة وول ستريت بصفته رئيس المائدة المستديرة للخدمات المالية. ويبلغ راتبه تقريباً ضعف إجمالي المبلغ الذي تدفعه سبعة آلاف من المصارف المحلية إلى جماعات الضغط في واشنطن. ويقول كامدن فاين، رئيس المصارف المحلية المستقلة في أميركا: في السنة العادية تجد أن "جيه بي مورجان" أو "جولدمان ساكس" وحده ينفق في واشنطن أكثر مما ننفقه جميعاً.

والأجهزة التنظيمية الكبيرة، مثل الاحتياطي الفدرالي ومؤسسة التأمين على الودائع ومكتب مراقبة العملة، أظهرت تساهلاً كبيراً مع مصارف وول ستريت التي تحصل على دعم حكومي ضمني من باب "أكبر من أن تفشل" مقداره 75 مليار دولار سنوياً تقريباً. في المقابل، تجعل هذه المصارف من شبه المستحيل على المصارف المحلية الاستفادة من أعظم مورادها، وهي معرفة زبائنها.

واضاف فاين: "تقوم واشنطن بتنظيم المصارف المحلية القائمة على العلاقات بحيث تدفعها إلى الخروج من الحياة". وفي عام 1994 كانت المصارف المحلية تشكل 38 في المئة من جميع أصول المصارف الأميركية. واليوم لا تصل حصتها إلى نصف هذه النسبة.

 

انهيار المصارف الصغيرة

 

وذرف الديمقراطيون والجمهوريون دمعة على انهيار المصارف الصغيرة، في حين امتلأت جيوبهم بالتبرعات من الكبار. وأوباما ليس استثناءً في ذلك. وهناك سببان يجعلان من الواجب عليه أن يدافع عن أصحاب المشاريع وعن المصارف التي تريد تمويلهم.

أولاً: ما يقوم به الرئيس الآن لا يحدث أي نوع من الإثارة. ففي الأسبوع الماضي خرج أوباما للمرة الألف بعد الميلون للدفاع عن الطبقة الوسطى الأميركية. ومعظم أفكاره، مثل تعزيز البنية التحتية، جيدة، لكن أيا منها لا تتمتع بفرصة الموافقة عليها في الكونغرس الحالي. وبدلاً من تكرارها مرة بعد أخرى والدعاء بأن تسير الأمور بصورة مختلفة، ينبغي لأوباما أن يخاطر. المعدل الضريبي الفعلي للشركات الأميركية الكبرى يبلغ 12.6 في المئة، لكنه أقرب إلى 35 في المئة بالنسبة للشركات الصغيرة. وينبغي لأوباما أن يقوم بحملة لتخفيض المعدل الأساسي، وزيادة المعدل الفعلي وإخراج المحاسبين والمحامين ليصبحوا بلا عمل. وبإمكانه أن يطلق عليه قانون حلم أصحاب المشاريع. ولأنه سيذهب إلى قلب التعريف الأميركي، فإن الجدل سيضع الجمهوريين في موقف الدفاع.

ثانياً: حين يجعل الأمور أسهل على أصحاب المشاريع فإن هذه ستكون طريقة أخرى لتحقيق الأهداف الاقتصادية التي تزوغ من أوباما. فمعظم الوظائف تنشأ بسبب الشركات الصغيرة، كما أنها هي مصدر معظم الابتكار. وواشنطن اليوم أسيرة للشركات الكبيرة والمصارف الكبيرة مثلما كان الحال دائماً. وهذا خيط طويل – لكنه نائم – من النزعة الشعبوية التي تحطم الثقة في السياسة الأميركية.

والأميركيون العظام، مثل تيدي روزفلت والقاضي برانديس، كان تركيزهم على الناس في مقابل قوة أصحاب الثروات. وكان تركيزهم كذلك على المنافسة – بمعنى تعزيز الرأسمالية وليس الرأسماليين.

وفات وقت طويل الآن على إحياء هذا التمييز في السياسة الأميركية. وفي هذه المرحلة المضطربة من الولاية الثانية لأوباما، ربما يكون هذا هو بالضبط ما يحتاج إليه للخروج من هذا "الطريق المسدود" cul-de-sac (وهذا أيضا تعبير فرنسي دخل اللغة الإنكليزية). وعندما نفكر في الأمر، نجد أن الفرنسيين لديهم كلمة لهذا المفهوم كذلك.

* إدوارد لوس | Edward Luce