معرض سيروان باران في مراكش... إعادة تركيب المرئي
يقدم الفنان العراقي الكردي سيروان باران معرضاً جديداً في غاليري «ماتيس مراكش» (المغرب) يستمر إلى 7 يوليو المقبل، ويتضمن مجموعة من اللوحات تحمل في ألوانها شيئاً من حواس الجسد.
سيروان باران أحد أبرز الفنانين التشكيليين الشباب في العراق، الذين عرفوا كيف يصوغون عالمهم المتفرد في الرسم والتشكيل والنحت. لطالما أثارت أعماله دهشة المتلقي وجدل النقاد والمهتمين بالفن لأسلوبه الذي تفرّد به، حيث يفاجئ الجمهور دائماً بأعمال تميزت بأشكالها غير النمطية والتي تحمل كثيراً من الأسئلة والتأويلات والأبعاد الوجودية.يملك باران القدرة والبراعة والجرأة على إنتاج أعمال فنية ناضجة، وأعماله المعروضة في غاليري «ماتيس مراكش» في المغرب متميزة من ناحية الأفكار والأساليب والألوان المستخدمة، يحاول فيها انتقاد شخصية الإنسان المعاصر عبر الوجوه البشرية التي ظهرت في معظم لوحاته بأكثر من قناع. بل يقدم الجسد من دون جماليته، يذكرنا بفرنسيس بيكون وسبهان آدم، فيغوص في منحى الانمساخ الجسدي كفضاء تعبيري لكل الحواس. الانمساخ ظلّ للجسد من خلال الألوان والأشكال، أو الانمساخ وسيلة لتفكيك الجسد وحواسها وجعلها ألواناً وأشكالاً.
والأرجح أن لوحة باران هي نتاج عمق فلسفي قبل كل شيء، بل عمق شعري وتوغل في ثقافة المرئي واللامرئي، بل توغل في الحضارات التاريخية وأشكالها وأساطيرها، خصوصاً في العراق. ألوان اللوحات تسرق الناظر من أشكال الأجساد التي يرسمها. والقبلة عنده مثلاً تكفّ عن أن تكون مجرد ملامسة شفتين، إنها امتزاج جسدين إلى حد الاختفاء والذوبان والتوله. والجسد كأنه يتحرك بيد واحدة. فتنة ساحرةيعتبر الناقد فريد الزاهي أن سيروان باران يملك فتنة ساحرة وخفية في أعمال. إنه إحساس غامر بالمأساوي المركب، ودهشة تتلعثم أمام التشوه الفائق للكائن، وفتنة لا تقاوم أمام الغيرية التي تسكننا وتنزع عنا شخصيتنا كي تحولنا إلى قناع. إنه قناع الوجود الذي يتحول إلى جوهر للمظهر وظاهر للباطن. وهكذا فإن فن التشخيص والتجسيم لدى باران يغدو فن افتكاك التشخيص، والتشويه الجذري للمرئي والمعيش وتجريده من لبوسه الخلْقي والخُلقي. وهو بذلك إعادة تركيب للمرئي، الذي يساميه كي يسبر فيه تلك الشذرات الخفية التي تصوغ المظهري والحضوري وتعيد صياغتهما.باران في معرضه يقدم تجربة تعبيرية تجريدية خيالية حيوية تقوده إلى تخوم الهوية الإنسانية والذاتية والجسدية. يدخل الجسد الحلبة التشكيلية باعتباره مساحة لا أطراف ولا ملامح، هلامية مثل جسد متخلق منذور لعشق يجعله يصل لحظة الوجد التي تفقده هويته البشرية. يتبدى باران مسافراً بين شذرات الجسد وحواسه وأعضائه. يقوم بذلك من خلال الانزلاقات، ويأخذ وقته كي يسبر كل عضو على حدة: الوجه والأذن ثم اليد كي يحدد فيها بصماتها ورمزيتها.ولد باران عام 1968 في العراق، وشارك في كثير من المعارض الفرديّة والجماعية.