يفترض أن تفتح اليوم صفحة سياسية أخرى عبر فصل تشريعي يحمل الرقم (14) للمرة الثالثة في ظل مجلس منتخب وحكومة جديدة وفي أجواء لا تزال ضبابية وإن خفت علامات ودلالات التوتر الشديد.

Ad

ومن شارك في العملية السياسية الأخيرة من الشعب فقد قال كلمته، بل أكثر من ذلك وكما قلنا في مقال سابق، فقد تغير المزاج الانتخابي بشكل كبير عبر الانتخابات الثلاثة الأخيرة، وفي أجواء كانت قاسية جداً، ولذلك يجب أن تكون المبادرة القادمة حكومية حتى النخاع.

والمقصود بالمبادرة الحكومية النهج السياسي والإدارة القيادية وروح المسؤولية، وهي مقومات ضرورية لأي حكومة، فما بالك لحكومة تعيش البلد تحت رحمة أخطائها الفادحة وعشوائية قراراتها ومزاحية تفكيرها وعثراتها التي تسببت في كل أشكال التخلف والفساد وتراكم المشاكل، التي بات الطفل الصغير يعانيها، وبات الشاب المراهق قادراً على تشخيص مراكز الخلل فيها، وبات الشيخ الكبير يتحسر على ماضيه بسببها.

وفي رأيي البسيط والمتواضع يجب أن تنطلق الحكومة من ثلاثة محاور لعل فيها فائدة لها وللبلد والناس أجمعين، وأول هذه المحاور يتجسد في استكمال مشروع المصالحة الوطنية وفق ثوابت دستورية رصينة لا تحتمل المراوغة والتسويف، لا سيما بعد مبادرة سمو الأمير في فتح ملف العفو السياسي، وهذه خطوة بالتأكيد حكيمة وفي توقيت سياسي مهم، حيث ذكرى الغزو العراقي الغاشم وما تحمله من ذكريات التلاحم الوطني وحقيقة المعدن الكويتي في عمق الأزمات.

ثم يأتي المحور الآخر ليبنى على ما سبقه من ضرورة معالجة النظام الانتخابي بعد التجارب المتعثرة الأخيرة، وأرشيف مجلس الأمة حافل بالعديد من المقترحات النيابية في هذا الشأن يضاف إليها المقترحات والمبادرات التي أطلقها بعض النواب الجدد.

ونتمنى أن تكون فلسفة أي نظام انتخابي جديد قائمة على مبدأ الشراكة السياسية بين الحكومة والشعب الكويتي، وأن يترجم توجهات الرأي العام الشعبي لكل مرحلة تاريخية بصدق وأمانة وعلى نطاق واسع.

أما المحور الأخير فيكمن في تبني الحكومة الجديدة مشروع إعادة بناء وطن وفق تشريعات تنظم حالة الفوضى، بدءاً من تعيين القياديين وتقييم أدائهم، مروراً بفرض النزاهة والشفافية من أكبر رأس حتى أصغر موظف، وانتهاءً بالارتقاء بالخدمات العامة المترهلة و"بلاعة البيزة"، وكل ذلك وفق برنامج زمني محدد وتتم المحاسبة عليه.

هذه ضرورات المرحلة القادمة، التي يعتقد الكثير من الناس أنها مرحلة انتقالية أيضاً، ولكن من شأنها أن تحدد ملامح طريق مستقبل الكويت على يد المخلصين من أبنائه.