لا يكاد يمر يوم إلا وهناك جريمة أو مشاجرة يرتكبها بعض الشباب المتهور تهز المجتمع تستخدم فيها الأسلحة النارية أو الآلات الحادة كالسكاكين والسواطير، وأحياناً أخرى يصل التهور إلى أقصى مداه، وذلك من خلال استخدام السيارة كوسيلة للدهس والقتل ليذهب ضحيتها شباب بعمر الزهور.

Ad

ماذا يحدث؟ ولماذا يتكرر المشهد؟ ومن المسؤول؟

البحث عن أسباب لجوء الشباب للعنف متشعب ويحتاج إلى بحوث ودراسات ميدانية شاملة تشخص الأسباب التي أدت إلى ذلك ومن ثم وضع الحلول الناجعة.

من الملاحظ في السنوات الأخيرة غياب دور الأسرة، وذلك عبر تخليها عن دورها في التربية الذي تركته للخادمة والسائق- حيث حلا محل الأم والأب- رغم افتقارهما لأبسط مقومات التربية فلا تعليم ولا عادات ولا تقاليد مشابهة.

والخلاصة أن تربية الأبناء سلمت لغير أهلها فمن نلوم على هذه الأفعال الأولاد أم الأهل؟

هذا الواقع المرير يذكرني بالماضي، وكيف كانت الأسرة متماسكة والأدوار بين الأم والأب محددة ومعروفة سلفاً وهما بمنزلة السلطة التنفيذية والرقابية، فلا صوت يعلو على صوتهما، على الرغم من بساطتهما فإنهما كانا حريصين على متابعة أبسط الأمور في حياة أولادهما.

وهنا أتذكر موقفاً لي مع الوالد رحمة الله عليه، وأنا في بداية حياتي الزوجية والوظيفية، حيث تأخرت في العودة إلى المنزل إلى منتصف الليل، فوجدته في انتظاري يعاتبني ويتوعدني إذا تكرر هذا الفعل مني، أما اليوم فلا رقابة ولا متابعة للأبناء.

حال المدرسة لا يختلف كثيراً عن فوضى الأسرة، فمناهجنا تكاد تخلو من تطبيق قيم الشهامة والسماحة والمروءة والأخلاق الحميدة التي يتصف فيها نبينا الأعظم، بحيث تبدل حال المناهج وملئت بأفكار التكفير والشرك، وفي مراحل التعليم الأولى التي يستحيل على التلميذ فهمها بطريقها الشرعي.

الإعلام لم يعد يقوى على مراقبة هذا الكم من الفضائيات ووسائل الاتصال وما تعرضه من عري ورذيلة، ولم يعد بمقدوره مجاراة ومواكبة احتياجات الشباب التي اختلفت كثيراً عمّا كانت عليه في السابق مما يتطلب العمل الجاد والمهني من وزارة الإعلام بتوجيه الشباب إلى ما ينفعهم وملء وقت فراغهم.

المخدرات بكل أنواعها صارت متوافرة وفي متناول اليد، فما يصطاده رجال "الجمارك" و"الداخلية" مقارنة بما يدخل شيء لا يذكر، وما نسمع عنه من ضبطيات ومداهمات لا يتعدى الناقل، أما التجار الكبار فيسرحون ويمرحون.

جهود وزارة الداخلية بالقبض على الجناة في وقت قياسي هو من صميم عملها لكنه لا يعفيها من مسؤوليتها في فرض الأمن وهيبة القانون من خلال تغليظ العقوبة ووضع استراتيجية استباق الجريمة قبل وقوعها.

أخيراً لا نملك إلا الدعاء والتوسل إلى الله أن يحفظ الكويت وأهلها من كل مكروه. ودمتم سالمين.