الأميركيون الذين يعيشون ويعملون في سويسرا لا يستمتعون كثيراً بالتجول في شارع رو-دو-رون، حيث تنتشر متاجر الساعات الفاخرة، وماركات غوتشي وهيرمس وسط مجموعة من البنوك الخاصة.

Ad

وبفضل تسوية بارزة تمت يوم الجمعة الماضي بين سويسرا والولايات المتحدة، بهدف إغلاق مسألة التهرب من الضرائب عبر حسابات سرية في مصارف سويسرية يقول العشرات من المغتربين إنهم يوصفون بصورة غير عادلة كمتهربين من دفع الضرائب.

وتعتبر صورة المتهربين الفعليين من الضرائب عبر بنوك سويسرية أكثر بشاعة. وبموجب شروط الاتفاق الذي يلزم البنوك بالكشف عن معلومات تتعلق بالعملاء ودفع غرامات تصل إلى مليار دولار أو أكثر، فإن أولئك الأشخاص يواجهون فرصة أكبر من أي وقت مضى بالتعرض للكشف من قبل مصارفهم أمام هيئة الدخل الداخلي وقسم الضرائب في وزارة العدل، حيث يواجهون غرامات وعقوبات مشددة وربما المقاضاة.

حسابات مصرفية

ويقول جيفري نيمان المدعي الفدرالي السابق الذي لاحق ذات مرة البنوك السويسرية والذي يمثل الآن زبائنها من المتهربين من الضرائب «البنوك التي تتقدم بكشف البيانات سوف تضطر إلى توفير مخطط لوزارة العدل والذي سيفضي إلى كشف عدد لا يحصى من الحسابات المصرفية السرية».

وتعتبر هذه التسوية مثار قلق بالنسبة إلى سويسرا الدولة شديدة الاستقلالية وموطن قوانين سرية البنوك التي تعود إلى العصور الوسطى. وقد وصف فيليب هودجن المحامي الأميركي المتخصص في شؤون الضرائب في باسادينا بولاية كاليفورنيا -مع عملاء مغتربين- وصف تلك التسوية بأنها «دبلوماسية البوارج الحربية في القرن الواحد والعشرين» من جانب الولايات المتحدة، كما أن الصحف السويسرية قالت في عطلة نهاية الأسبوع إن الاتفاق يمثل عملية «استسلام منظم» يشبه «ابتلاع الضفادع».

ويشعر العملاء الأميركيون الذين لم يتورطوا بعد بمزيد من الألم، وفيما لم تشمل التسوية 14 مصرفاً سويسرياً

ومصارف على الطراز السويسري تخضع الآن لتحقيقات جنائية من جانب السلطات الأميركية، فإنها توجه ضغوطاً قانونية الى تلك البنوك التي تشمل كريدي سويس اي جي وجوليوس بائر وبكتيت، وهي تصيب قلب بقية الصناعة المصرفية السويسرية -أكثر من 300 بنك- عبر توجيه انذار اليها يدعو إلى كشف الزبائن الأميركيين والمحامين والمستشارين الذين يساعدونهم، وتقديم معلومات مصرفية عنهم ودفع غرامات عالية أو مواجهة التقاضي القانوني.

تهرب ضريبي

ولعل الجانب الأكثر أهمية يتمثل في أن التسوية قسمت المئات من تلك البنوك ضمن ثلاث مجموعات -البنوك التي تستطيع تفادي التعرض للتقاضي عبر اخراج الزبائن، وتلك التي ليس لديها ما تعلن عنه، ثم البنوك التي تستجيب وتذعن لقانون مستقل وجديد وصارم ضد التهرب الضريبي يعرف باسم قانون الحساب الأجنبي المستجيب للضريبة.

وبخلاف الـ14 مصرفاً التي تخضع لتحريات هيئة المحلفين العليا يبدو أن عملاء البنوك الأميركيين ليست لديهم فكرة عن الفئة التي تقع بنوكهم ضمنها. ويقول محامو الضرائب إنه بالنسبة إلى دافعي الضرائب الذين لديهم الكثير للخسارة، فإن ذلك ينطوي على حساب تفاضل يهدف إلى تقرير ماذا كان عليهم المجازفة باستمرار إخفاء الأصول، أو التقدم الى هيئة الدخل الداخلي، أو التقدم «بكشف هادئ» عبر عوائد ضرائب معدلة أكثر صعوبة.

ويقول روبرت كاتزبرغ المحامي في القضايا الجنائية الدفاعية مع عملاء في البنوك السويسرية «يظن الناس أن عليهم دفع القليل جداً أو الكثير جداً» في الضرائب والغرامات والعقوبات.

ومع وجود ما يقدر بحوالي 2.2 تريليون في أصول الأوفشور قد تكتشف سويسرا أن ربع بنوكها الخاصة ستختفي خلال ثلاث سنوات، وذلك وفقاً لدراسة حديثة أجراها كي بي ام جي وجامعة سانت غالن (في البلدة الجبلية الصغيرة حيث تعرض أقدم بنوك سويسرا –ويغيلن– لاتهام في السنة الماضية بتقديم خدمات الى أميركيين متهربين من الضرائب. وهذا البنك الذي كان نابليون أحد زبائنه لم يعد موجوداً).

ويقول وليم شارب وهو محامي ضرائب في زيوريخ وسان فرنسيسكو وتامبا في ولاية فلوريدا إن الاتفاق سيرغم البنوك السويسرية على تكليف العملاء الأميركيين المخالفين للتقدم بكشف طوعي أو التوجه نحو «مخرج»، وربما نقل أموالهم الى ملاذات أوفشور اخرى مثل سنغافورة أو كوك آيلاندز.

الأميركيون الذين يملكون أو يسيطرون على حسابات مصرفية خارجية لا تقل عن عشرة آلاف دولار كان لديهم حتى 30 يونيو الماضي من أجل التقدم بكشوفات خاصة تعرف باسم حسابات بنوك أجنبية ومالية، ويجب أن تتسلمها وزارة الخزانة بحلول ذلك التاريخ. واعتباراً من السنة الماضية كان على دافعي الضرائب أيضاً تقديم كشف مماثل جديد يعرف بالنموذج 8938. ويمكن لعدم التقدم بكشوفات حسابات بنوك أجنبية ومالية أن يفضي الى عقوبات تعادل أضعاف ما لدى دافع الضرائب حقاً في حسابه المصرفي.

  ومنذ سنة 2007 عندما وسعت وزارة العدل من تحقيقاتها الجنائية حول بنك يو بي اس، وهو أكبر البنوك السويسرية بحيث تشمل بنوكاً سويسرية اخرى تقدم حوالي 38000 من دافعي الضرائب الأميركيين الذين لديهم حسابات خفية للكشف عن أصولهم المالية ودفع أكثر من 5.5 مليارات دولار على شكل ضرائب وغرامات وفوائد.

غير أن مسؤولين أميركيين يقدرون أن العشرات من دافعي الضرائب الأميركيين لايزالون يحتفظون بحسابات سرية في سويسرا وفي ملاذات اوفشور اخرى مثل سنغافورة ولوكسمبورغ وكايمان آيلاندز.

عمليات تدقيق

وفي الفترة ما بين سنة 2006 عندما بدأت لأول مرة عمليات التدقيق في البنوك السويسرية الخاصة وحتى 2011 ازداد بأكثر من الضعف عدد دافعي الضرائب الأميركيين الذين أفصحوا عن حساباتهم في الخارج ليصل الرقم الى 618134، وذلك وفقاً لمعلومات صدرت عن «فين سن»، وهو فرع وزارة الخزانة الأميركية الذي يعالج عمليات غسل الأموال. ولكن رغم ذلك يقول مسؤولون حكوميون ومحامو ضرائب انه مع وجود ما قد يصل الى 6 ملايين أميركي يعيشون ويعملون في الخارج، فإن مئات الآلاف من دافعي الضرائب -إن لم يكن أكثر من ذلك- يجب أن يتقدموا لتسديد ما عليهم من أموال.

وقد تركت الاتفاقية المشار اليها هواتف محامي الضرائب في رنين متواصل من قبل مواطنين أميركيين لديهم حسابات في مصارف سويسرية. ويقول كاتزبرغ إن من لا يلحظ الوضع الجديد «هو أعمى بشكل قانوني».

 (مجلة فورتشن)