بين الشرعية والشريعة

Ad

اختزل الرئيس د. محمد مرسي الشرعية في شخصه ومنصبه الرئاسي، والذي قرر في بيانه الذي ألقاه، قبل عزله، أنه على استعداد للتضحية بحياته للحفاظ على الشرعية، ومن هنا انطلقت دعوة الرئيس إلى العنف، والتي تلاقت ودعوة العنف التي سبقته في مليونية "لا للعنف" التي جمعت أنصار الجماعة من كل المحافظات في رابعة العدوية يوم 21/6، والتي تعاقب الخطباء فيها مهددين الجماهير التي سوف تخرج في 30 يونيو بسحقهم وقطع رؤوسهم، وبسيارات مفخخة، وهي المليونية التي وصفها الرئيس في بيانه في نصرة الشعب السوري بأنها مليونية حضارية! وقد فاحت رائحة الدم في كل الكلمات التي ألقيت فيها.

كما تلقف أنصار الرئيس دعوته للعنف، ليحشدوا الحشود في رابعة العدوية وأمام الحرس الجمهوري، ليؤججوا مشاعر المتظاهرين من أنصار الرئيس ودعوتهم إلى الشهادة، لعودة الرئيس المخلوع مهدرين مبادئ الشريعة الإسلامية التي نص دستور التيار الإسلامي الحاكم في مصر على أنها المصدر الرئيس للتشريع، وأنها تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية، وهي المبادئ التي خالفها المنادون بشرعية الصندوق وهو في ما يلي:

موضوع الشورى

والواقع أن موضوع الشورى هو من الموضوعات الغامضة في التاريخ السياسي الإسلامي، وأن الفقه الإسلامي لم يفرد له كتاباً أو باباً أو فصلاً من كتب وأبواب وفصول هذا الفقه العظيم، لعزوف العلماء المسلمين عن البحث في أمور الحكم أمام منطق السيف الذي تعامل به الملك العضوض مع الفقهاء، حتى إن من تصدى لهذا الموضوع وهو الإمام الماوردي، أوصى بعدم نشر كتابه المعروف "الأحكام السلطانية" إلا بعد وفاته، خشية أن يلقى مصير الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل.

أهل الحل والعقد

وهي الهيئة التي تتناولها مباحث الإمامة، باعتبارها المختصة بالنيابة عن الأمة في عقد البيعة للإمام، صاحب السلطة العليا في الدولة لأنهم يعقدون أمر البيعة بالخلافة للخليفة. وصلاحياتها نابعة من تفويض الأمة لها، بحكم ما لأفرادها من الزعامة والتأييد الجماهيري، فكلمتهم معبرة عن رأي الأمة، لأن المطلوب حصول التأييد والشوكة والسلطان للإمام في أمته.

فالغاية هي: تنصيب إمام ذي سلطان، ولن يكون له سلطان إلا بموافقة الأكثرية على تنصيبه، أي موافقة أغلبية الجماهير، وهذه الأغلبية تختار الإمام وترشحه بواسطة زعمائها الذين تميل معهم وترى رأيهم وتتبع خطاهم، فإذا اجتمع هذا التفويض الجماهيري لزعيم واحد كان هو المرشح للإمام والعقد له، وإذا تعدد الزعماء كانوا لجنة وهيئة لترشيح الإمام والعقد له، وبعد الترشيح والعقد يأتي دور الجمهور كي يبايع الإمام البيعة العامة التي تصد على الترشيح وتعتمد العقد الذي ابتدأه الزعماء.

هم أهل حل أيضاً

 وقد شاع اختصاص واحد لهذه الهيئة، هو "العقد"، ونسي الأكثرون أن "الحل" هو أيضا من مهام هذه الهيئة لأنهم يحلون ما عقدوه إذا ضعف الخليفة عن النهوض بالمهام، فهم إذاً الرقباء والمحاسبون فأهل العقد في الشريعة الإسلامية، وفقا للتسمية التي عرفت به هذه الهيئة، هم أهل الحل أيضا.

 والمهام المنوطة بهذه الهيئة، وفي مقدمتها: اختيار الحاكم الأعلى، وتمثيل الأمة في عقد البيعة الخاصة له ودعوة جمهور الأمة إلى مبايعته، وتقديم النصح والمشورة للسلطة، والرقابة والاحتساب على السلطة المنفذة، والاعتراض على الباطل والنهوض للتغيير، ولو بالثورة، عند الاقتضاء.

وقد خرجت الملايين في 30 يونيو لتصحح مسار ثورة 25 يناير التي حماها الجيش وعبرت عن رأي الشعب في حاكم لم يفِ بكل وعوده التي وعد بها الشعب، وحنث بكل عهوده في أن يكون رئيساً لكل المصريين، يوحد ولا يفرق، يحترم الدستور والقوانين، ويذود عن مصالح شعبه وأمواله وأرض مصر، التي استباحها الإرهابيون من أنصار الرئيس د. مرسى (المخلوع) ومريديه، يزرعون فيها الخوف والرعب، ويقتلون ضباط الجيش والشرطة لترويعهم، ولنزع غطاء الأمن والأمان عن هذا الشعب الأبي.