بعيداً عن ثقافة الاستهلاك

نشر في 25-02-2013
آخر تحديث 25-02-2013 | 00:01
 فوزية شويش السالم جميل أن تنمو الكويت وتتوسع بكل هذه الأبراج الفخمة الضخمة التي غيرت معالم المدينة وزادت من أسواقها ومقاهيها، وأوجدت أماكن متعددة للتسوق وقضاء الوقت فيها، لكنها في ذات الوقت أشبعت السوق بل الأصح أغرقته بالمحال التجارية التي باتت تأكل بعضها بعضا، بسبب كثرتها وتشابهها، مما خلق روح حب الاستطلاع والبحث الدائم عن الجديد الذي يطرد ملل القديم، فهذه المجمعات بأسواقها الفخمة عززت لدى المتسوق روح الاستهلاك الشرائي حتى من دون حاجة أساسية، فقط الشراء لمجرد الشراء، والأكل في مطاعمها ومقاهيها أصبح عادة يومية لابد منها، وبهذا تحول سكان الكويت بكل طوائفهم مواطنين ووافدين، جميعهم باتوا مستهلكين من الدرجة الأولى دون حاجة استهلاك حقيقية، ووقع كلهم في شرك استهلاكي غير مبرر، وباتوا مدمنين على ثقافة الاستهلاك التي دفعت بنمو مزيد من الأسواق المتنافسة والمتطاحنة فيما بينها لاحتلال حصة الاستهلاك الأكبر من جيوب المستهلكين الذين باتوا يلحقون كل ما هو جديد في السوق ويتخلون عن ما سبقه، وبالتالي باتت معارض ومحلات المولات الأقدم تعاني كساد أسواقها، وهكذا أصبح كل مول جديد يحتل الطاقة الشرائية ويستحوذ على النصيب الأكبر من الزوار والمستهلكين حتى تنتهي موضته بورود منافس جديد يدخل إلى الساحة.

ومع افتتاح القسم الثالث من مول الأفنيوز الأضخم  والأفخم والأكبر على مستوى الشرق الأوسط  كله، بات انحسار موجة التسوق عن مولات كثيرة يمثل هما وكسادا واضحا لها، بحيث أصبحت محلاتها تعاني الركود التجاري، بل ان الكثير منها أغلق أبوابه أو انتقل بتجارته إلى الأفنيوز.

ومول الأفنيوز بصراحة واجهة حضارية جميلة متكاملة بتعدد هويات محلاتها ومقاهيها وسينماتها وحدائقها المكللة في هذا الصرح المصمم ضمن بناء ضخم رائع متنوع في أقسامه وفخامة مبانيه التي تقوم شركته المالكة برعاية كاملة مهتمة براحة المستهلك، وبصيانة صارمة دقيقة مما أبقاه في حالة لامعة بارقة، الأمر الذي تميز به هذا المشروع عن غيره من مشاريع تابعة لدول أو لأفراد، ينتهي دورها بمجرد استلام المشروع الذي يبدأ في التهالك بعد استلامه.

وسبب عزوف الناس عن الذهاب للمولات القديمة وتقلص أعداد مرتاديها يعود إلى اهتمامها فقط ببيع المشتريات والخدمات الاستهلاكية المتشابهة والمتماثلة، من دون التفكير بتقديم خدمات ثقافية اجتماعية تمثل جذبا دائما ومستقرا لا يتأثر بظهور منافس، لمشاريع تقوم بربط الأفراد بمصالح وهوايات ثقافية اجتماعية تفيدهم وتزيد من ترابطهم، ومطلبها الأساسي هو ارتباطها الشرطي بالمكان، الذي هو سبب وجودها.

وإذ لم تقم هذه المجمعات بتقديم مثل هذه الخدمات فسيتقلص مرتادوها حتما أكثر كلما افتتح مول جديد منافس لها، وستبقى محلاتها خاوية لا تجد مستأجراً لها.

لذا الحل يكمن بتقديم مشاريع ذات خدمات تجذب الناس وتربطهم بها بشكل ثابت دائم، وهناك خدمات كثيرة ذات طابع اجتماعي وثقافي تنفع الناس وترفع من مستواهم وتساهم في تشكيل وعي حضاري بنائي أهم من الاستهلاك غير الواعي، وهو ما قامت به مدينة دبي مثلا فكل مجمع تميز بشيء مختلف عن الآخر مما يمثل دافعا مستمرا لزيارته، ومنها مول "ابن بطوطة" الذي يمارس فيه التزحلق على الجليد، ومول دبي تقع فيه أكبر مكتبة في الإمارات، كذلك نجد مول جواهر في تركيا الذي شُيدت ساحة مستديرة حوله للتزحلق، بحيث يطل المول بكامل مقاهيه ومحلاته عليه مما يضيف متعة وروعة لمرتاديه.

وهناك أفكار لمشاريع كثيرة مثل:

1 - إقامة ورش للحرف اليدوية والترويج لها بعرضها في أيام محددة.

2 - إقامة اتليه للرسم ولأعمال "الهاند كرافت" مما يشجع الشباب وينمي مواهبهم.

3 - مسرح أو ساحة في وسط المول لممارسة واستعراض الهوايات الفنية المختلفة من موسيقى وتمثيل ورقص أو حركات إيمائية إيقاعية اكروباتية وبانتومايم، مما سيبقي الناس على تواصل مستمر معه.

4 - معارض مستمرة للتصوير والوحات والحرفيات والمشغولات التي ينتجها الناس.

5 - مقر أو قاعة أو زاوية للقاءات والندوات والحوارات الأدبية والفنية.

6 - استقدام أحدث الألعاب الكهربائية والكمبيوترية لجذب الشباب لممارسة اللعب بدلا من التسكع بلا هدف في المجمعات.

7 - إقامة مسابقات تنافسية وترويجية لأفكار وأهداف مفيدة تنموية وتربوية وتوعوية مختلفة.

back to top